موريس متى
لم يجد ملف أزمة الموظفين المصروفين من كازينو لبنان طريقه للحل بعد، لتبقى أبواب هذا المرفق مقفلة لليوم السابع توالياً، ما قد يكون حمّله خسائر بأكثر من 10 ملايين دولار، منها إيرادات خير محققة لمصلحة وزارة المال عند 4 ملايين دولار.
فالازمة عادت واشتعلت مساء أول من أمس عندما شكل مجلس ادارة الكازينو لجنة لإعادة درس ملفات المصروفين وعددهم 191 موظفاً. وتضم اللجنة كلاً من محمد شعيب (رئيس مجلس إدارة شركة “إنترا” التي تملك 52% من أسهم الكازينو)، المحامي جورج نخلة (التيَّار الوطني الحر)، هشام ناصر (حركة “أمل”)، فادي تميم (مستشار الرئيس فؤاد السنيورة)، مجيد جنبلاط (الحزب التقدمي الاشتراكي) وإدي معلوف (ابن شقيق النائب إدغار معلوف، وهو مرشح محتمل عن المقعد الكاثوليكي في المتن)، على ان تقوم اللجنة برفع تقريرها الى مجلس الاداراة قبل 10 شباط الجاري. ( مع الاشارة الى أن بيان مجلس الادارة يلحظ عبارة “غير قابلة للتمديد، وبالتالي هذه المهلة قد تمتد لأكثر من 10 أيام). ولا بد من التذكير بأن نخلة وناصر كانا قد قدما استقالتهما رفضاً لعدم إطلاع المجلس مسبقاً على أسماء المصروفين قبل اتخاذ القرار النهائي، عادا عن استقالتهما بعد ضمّهما الى اللجنة.
ورفض عدد كبير من المصروفين تشكيلة هذه اللجنة نتيجة غياب أي ممثل عنهم فيها، وفي هذا السياق يقول نقيب موظفي ألعاب الميسر في الكازينو جاك خويري لـ”النهار”: “لا بد من ان قرار تشكيل اللجنة يُعتبر نقطة إيجابية تُمثل اعترافاً من الادارة بأن أخطاء حصلت عند تحديد الاسماء”، وتابع: “هذا الأمر لا يكفي، فاللجنة لا تضمّ أي ممثل عن الموظفين، وكيف يمكن اللجنة نفسها التي وضعت الاسماء في المرحلة الاولى أن تعيد النظر بالاسماء نفسها هذه المرة؟ فحكماً لن يكون قرارها صائباً في غياب من يدافع عن المصروفين فيها”، ويؤكد أن الموظفين يطالبون بأن تكون وزارة العمل هي التي تمثلهم ضمن هذه اللجنة.
وحول التباين في وجهات النظر بين نقابتي العمال في الكازينو حيال كيفية التعامل مع هذه الازمة، أي نقابة العمال والموظفين ونقابة ألعاب الميسر، اذ كانت الأولى قد رفعت سقف مطالبها الى حدّ المطالبة برحيل مجلس الادارة، الأمر الذي لم توافق عليه الثانية، يقول خويري: “المعركة اليوم ليست معركة إسقاط مجلس الادارة، ورغم أنَّ لدينا تحفظاً كبيراً على أدائه السيئ، فهو يتحمّل مسؤولية ما آلت إليه الأمور على الصعيدين المالي والاداري في الكازينو، ولكن معركتنا اليوم هي أزمة الـ 191 مصروفاً وكيفية الخروج منها”.
وبحسب ما علمت “النهار”، سُجل رفض من عدد من الأحزاب المسيحية لتشكيلة اللجنة، رافضة أن يُختصر التمثيل المسيحي فيها بـ”التيار الوطني الحر”، وتشير هذه الأوساط: “الى ان الخوف اليوم هو من أن تضع شركة “إنترا” يدها على الكازينو إدارياً، على أن يكون التيار هو المسيطر سياسياً عليه، والدليل على هذا الأمر هو شكل اللجنة التي تمّ تشكيلها. وتساءلت عن تغييب شركة Deloitte Touche عن اللجنة، والتي كلفت 6 أشهر بوضع دراسة شاملة حول المرفق وكيفية إعادة وضعه المالي على الطريق الصحيح.
وفي متابعة لموقف حاكم مصرف لبنان رياض سلامة، المسؤول الاداري الأول عن الكازينو، حيال هذا الملف، علمت “النهار” أنه يتعاطى مع الموضوع بكل إنسانية ولن يرضى بأي شكل من الأشكال أن تكون حقوق أي موظف مهدورة، علماً أن بعض الاوساط كانت وضعت تضخيم أزمة موظفي الكازينو ضمن المساعي السياسية الهادفة الى ضرب حظوظ وصول الحاكم الى سدّة رئاسة الجمهورية.
وتكشف مصادر اخرى متابعة للملف، أن سلامة، ورئيس مجلس الادارة حميد كريدي كانا أكدا لشعيب أن هذه اللجنة لن تحوز على موافقة الموظفين ولن تنهي الأزمة، وطالبا بتعديلها عبر إدخال ممثلين اليها عن وزارة العمل المولجة التدخل في نزاعات كهذه وعن المصروفين، وهذا الاقتراح رفضه شعيب. وبحسب المعلومات، يتمسك هذا الأخير بموقفه لكونه يعتبر مرجعية مجلس الادارة، وأنَّ لديه غطاء سياسياً من أحزاب عدة، وهذا الغطاء سيمنحه إيّاه أيضاً الرئيس نبيه بري في حال عاد عن قرار صرف بعض المحسوبين من حصته.
وعن وساطة وزارة العمل، علمت “النهار” انها ما زالت مستمرة، وموعد الإجتماع الذي سيضم ممثلين عن مجلس إلادارة وعن الموظفين لا يزال محدداً ظهر غد الثلثاء في الوزارة. وكان اللافت ايضاً أن قرار مجلس الادارة تشكيل اللجنة الخاصة بإعادة درس ملفات المصروفين لا يلحظ تجميد قرار الصرف، وهذه من النقاط الرئيسية التي تتعارض مع وساطة وزارة العمل. وفي هذا السياق، علمت “النهار” أن دور التفتيش في وزارة العمل سيأخذه مجراه، وقد تطلب الوزارة من إدارة الكازينو الاضطلاع على ملفات المصروفين للبحث في إمكانية تعرضهم لطرد تعسفي، وصولاً الى إمكان طلب الاطلاع على حسابات هذا المرفق للتدقيق فيها ولتحديد المسؤوليات ومعرفة من يقف وراء الوضع المالي السيئ الذي وصل اليه. ومن غير المستبعد أن تطلب الوزارة ايضاً إحالة بعض الملفات على النيابة العامة المالية في حالة الاشتباه فيها.
وأول من أمس، التقى النائب البطريركي العام المطران بولس صياح في بكركي وفداً من الموظفين المصروفين، وعن الاجتماع قال صياح لـ”النهار”: “بتكليف من غبطة البطريرك نقود هذه المبادرة سعياً منا لإنهاء الازمة”. في ما يخص اللجنة التي شكلت، قال: “لا نتوقع الكثير منها، فهي تبقى مبتورة في غياب ممثلين عن المصروفين، والنقابتين والاحزاب السياسية”.
ويذكر أن جان كلود الراعي، ابن شقيق البطريرك بشارة الراعي هو موظف في الكازينو من عام 1996 وقد شمله قرار الصرف. لكن البطريرك لم يستخدم نفوذه لتغطيته، كونه وبعد انتخاب الراعي بطريركاً، لم يعد يداوم في الكازينو.
أمام هذا الواقع، يبقى الكازينو مقفلا أمام رواده في انتظار نتائج وساطة وزارة العمل أو أي تطور قد يعيد خلط الاوراق.