أشارت مصادر واسعة الإطلاع على الحوار بين تيار “المستقبل” و”حزب الله” لصحيفة “الحياة” إلى أن “البيان الذي صدر عن “كتلة المستقبل” بعد العملية التي نفذها “حزب الله” ضد إسرائيل في مزارع شبعا المحتلة، بقي في حدود التأكيد أن قرارات الحرب والسلم هي من مسؤولية الحكومة اللبنانية، وأيضاً الالتزام الكامل باحترام القرار الدولي 1701 والابتعاد عن أي تورط يحمل معه خطراً على لبنان”.
وأوضحت أن “المستقبل أراد التذكير بأن لديه مجموعة من الثوابت ليس في وارد التفريط بها، لكنه في الوقت نفسه حرص على الحفاظ على الحد الأدنى من الأجواء التي تتيح استمرار الحوار، إضافة إلى أنه لا يريد أن يربك حكومة الرئيس تمام سلام أكثر مما هي مرتبكة”، مشيرة إلى أن “موقف “المستقبل” انعكس هدوءاً على جلسة مجلس الوزراء الخميس الماضي التي مرت بسلام وغابت عنها المناوشات، باستثناء ما قاله الوزير الكتائبي سجعان قزي من أن قرارات السلم والحرب تتخذها الحكومة، لئلا يؤدي التفرد بالقرار إلى تحميل لبنان ما لا يستطيع أن يتحمله”.
ولاحظت المصادر أن “المواقف التي أعلنها نصرالله، خصوصاً لجهة توحيد الجبهات في مواجهة إسرائيل في جبهة واحدة، أو في خصوص قواعد الاشتباك التي يرعاها القرار 1701 ستدفع حتماً في اتجاه عودة التوتر السياسي إلى داخل الحكومة، خصوصاً أن المجتمع الدولي والأمم المتحدة لم يقتنعا بأن العملية التي نفذها “حزب الله” في مزارع شبعا لا تشكل خرقاً لـ 1701″.
وأكدت أن “ما قاله نصرالله لم يكن تحت سقف المعادلة الثلاثية في مواجهة إسرائيل أي الشعب والجيش والمقاومة، وإنما توخى فرض معادلة ثلاثية جديدة تقوم على مثلث يجمع بين سوريا وإيران ولبنان في جبهة واحدة موحدة”.
وسألت “هل في مقدور لبنان ومن خلاله الحكومة أن يتحمل أوزار ما يترتب على هذا المثلث الجديد من تداعيات أمنية وسياسية، وماذا ستقول الحكومة للمجتمع الدولي الذي تمكن عبر القرار 1701 من تأمين شبكة أمان سياسية للبنان، وبالتالي كيف سيكون الموقف في حال أن “حزب الله” وحلفاءه قطعوا شوطاً على طريق إسقاط قواعد الاشتباك التي ستدفع بالدول المشاركة في “يونيفيل” إلى سحب قواتها من جنوب لبنان؟”.
وأعربت المصادر عن “إعتقادها أن مجلس الوزراء نجح في أن يتجاوز الاختلاف بسبب التباين في المواقف من عملية “حزب الله” في المزارع والتي تعامل معها قائد الحرس الثوري في إيران الجنرال محمد علي جعفري بأنها الرد الإيراني على عملية القنيطرة، لكنه سيتبين لاحقاً أن كرة الثلج ستكبر تدريجياً بسبب التداعيات الناجمة عن توحيد الجبهات”.
لذلك، فإن تنفيس الاحتقان لم يعد ممكناً، كما تقول المصادر، في “إزالة اللافتات والشعارات ونزع الصور، وإنما في تنعيم المواقف السياسية بدلاً من تسعير الاختلاف، وهذا لن يقتصر منذ الآن وصاعداً على الحوار بين “المستقبل” و”حزب الله” ومعهما حركة “أمل” لأنها معنية في أن تعيد الحوار إلى نصابه، وإنما سينتقل حتماً إلى داخل الحكومة التي لم يعد لديها من دفاعات سياسية بعد أن أطاحت المواقف الأخيرة لنصرالله البيان الوزاري لحكومة المصلحة الوطنية التي ستضطر عاجلاً أم آجلاً وبلسان رئيسها إلى توضيح موقفها من إلغاء قواعد الاشتباك”.
وعليه، فإن تدوير الزوايا حول بعض الأمور الداخلية المختلف عليها ينفع الحكومة لبعض الوقت، لكنها لن تستطيع لأمد طويل أن تدير ظهرها لمواقف نصرالله في خصوص توحيد الجبهات وإسقاط قواعد الاشتباك، علماً أن لا مصلحة لـ”حزب الله” وحتى إشعار آخر في أن يطيح هذه الحكومة لأنه في حاجة إلى غطاء سياسي من موقع الاختلاف مع الآخرين، وهذا لا يوفره إلا مجلس الوزراء الذي تتحكم به رؤوس عدة، فيما يقف حوار “حزب الله ـ المستقبل” عند مفترق طرق فلننتظر لنرى إلى أين سينتهي حوارهما غداً؟