IMLebanon

لبنان : بلوغ العجز التجاري 17 مليار دولار معضلة اقتصادية تتطلب المعالجة

TradeCommerceExport
الفونس ديب
تجاوز عجز الميزان التجاري اللبناني في العام 2014 الـ17 مليار دولار، في مشهد يدل على مدى اتساع الفجوة القائمة بين قيمة الصادرات وفاتورة الاستيراد. إذ بلغت فاتورة الاستيراد 20 ملياراً و494 مليون دولار، فيما الصادرات 3 مليارات و313 مليوناً.

صحيح أن هذا العجز الكبير ليس مستجداً على التجارة الخارجية اللبنانية، وهو يعبر عن مسار طويل لم تتمكن الدولة من تغييره على مدى سنوات طويلة، إلا أنه في واقع الأمر يعتبر من أخطر المعضلات الاقتصادية التي يعانيها لبنان، لا سيما أن هذا العجز بات يشكل نحو 37 في المئة من الناتج الوطني.

غير أن معالجة هذه المشكلة الاقتصادية الخطرة، وبحسب رئيس جمعية الصناعيين اللبنانيين فادي الجميل، باتت ضرورة، معولاً في هذا الإطار على الصناعة الوطنية «بما لديها من طاقات تمكنها من زيادة صادراتها 25 في المئة سنوياً، شرط أن يكون لدى الدولة إرادة ونية لتقليص العجز التجاري«، مطالباً بـ»عدد من الإجراءات أبرزها: زيادة حصة المنتجات اللبنانية في السوق الوطنية، وتعويض المصدرين عن التكاليف الإضافية (النقل والتأمين)، وتطبيق قانون إعفاء الصادرات الصناعية من 50 في المئة من ضريبة الدخل».

أما رئيس جمعية تجار بيروت نقولا شماس، فحذر من أن هذا العجز يقوض الثروة الوطنية في لبنان. وقال لـ»المستقبل» «ينبغي على الاقتصاد إطلاق دينامية مناسبة لتقليص عجز الميزان التجاري ليس فقط عندما تتوافر العوامل الظرفية إنما من ضمن اعتبارات هيكلية تجعل الصناعة الوطنية، وهي جديرة بذلك أن تحتل مساحات أوسع في الأسواق الاستهلاكية اللبنانية».

الجميل

وعما إذا كان القطاع الصناعي قادر على تقليص العجز عبر زيادة الصادرت الصناعية اللبنانية، قال الجميل «أثبت القطاع الصناعي في السنوات الماضية أن لديه قدرة عالية وطاقة كبيرة لزيادة صادراته الى كل دول العالم، وهذا يعود الى الطاقة الانتاجية الكبيرة التي يتمتع بها ومرونة الصناعيين بزيادة هذه القدرة كلما ارتفع الطلب، بالإضافة الى ذلك تمتع المنتجات الصناعية بمواصفات عالية تمكنها من منافسة كل مثيلاتها».

وأضاف «إلا أن المشكلة حالياً هي بارتفاع تكلفة الانتاج، وتعرض القطاع لتكاليف إضافية، لا سيما النقل والتأمين، مع صعوبة التصدير براً عبر سوريا»، مشيراً الى أن «الصادرات الصناعية تعرضت لنكسة في أسواق تقليدية كانت تعتبر من أهم الأسواق بالنسبة لصادراتنا».

ولفت الجميل الى أن فتح أسواق جديدة تتطلب وقتاً طويلاً، مشدداً على أنه «إذا كانت هناك رغبة من الدولة بتقليص عجز الميزان التجاري، فيجب أن يكون لديها برنامج لزيادة الصادرات، وحالياً من الضروري أن تعمل على التعويض على المصدرين التكاليف الإضافية التي نجمت عن الأحداث في المنطقة».

وبالنسبة لإنخفاض أسعار النفط وتأثيره في تكلفة الانتاج الصناعي، أوضح الجميل «الجميع يعلم أن نسبة تكلفة المحروقات من مجموع تكلفة الانتاج الصناعي هو 5،7 في المئة في معظم الصناعات، لذلك فإن تأثيره يبقى ضئيلاً، إنما هناك الصناعت التي تستخدم الطاقة بشكل مكثف فهي تستفيد بشكل كبير».

وقال «يجب أن ننظر الى انخفاض أسعار البترول من حيث انعكاسه الإيجابي على القدرة الشرائية للمواطنين، التي يمكن أن ترفع الطلب على المنتجات الصناعية».

إلا أنه أشار في الوقت نفسه الى عوامل أخرى سلبية «تتعلق بانخفاض اليورو الذي يزيد من تنافسية المنتجات الأوروبية في مواجهة منتجاتنا في أوروبا وكل الدول التي نصدر اليها، وحتى في لبنان».

وعاد الجميل وأكد أنه إذا كانت هناك إرادة من الدولة لردم الهوة بين الاستيراد والتصدير أي تقليص عجز الميزان التجاري، فهذا الأمر ممكن، محدداً عدداً من الإجراءات المطلوبة حالياً، أبرزها:

– تعويض المصدرين عن التكاليف الإضافية المتعلقة بالزيادة التي طرأت على أجرة النقل والتأمين جراء الأحداث الدائرة في المنطقة لا سيما في سوريا.

– العمل على زيادة حصة المنتجات اللبنانية في السوق الوطنية، وهناك إجراءات كثيرة يمكن اللجوء اليها ولا تتضارب مع مبادئ منظمة التجارة العالمية، أو منطقة التجارة الحرة العربية.

– الإسراع في تطبيق قانون إعفاء الصادرات الصناعية من 50 في المئة من ضريبة الدخل.

– إفادة الرأسمال التشغيلي من القروض المدعومة.

وأكد الجميل أنه بالإمكان زيادة الصادرات الصناعية بمعدل 25 في المئة سنوياً، وهذا الأمر ليس بعيداً عنا خصوصاً أننا كنا نحقق هذا الرقم أي الزيادة السنوية في السنوات قبل العام 2011.

شماس

واعتبر رئيس جمعية تجار بيروت نقولا شماس من جهته، أن «العجز التجاري في لبنان مزمن وهو من أخطر المعضلات الاقتصادية التي يعاني منها لبنان، وهو الى تفاقم مع الأسف بسبب تراجع الصادرات وانتفاخ حجم الواردات«. وقال «هذا العجز يقوض الثروة الوطنية في لبنان ويدل على أن اقتصادنا أبعد ما يكون عن الاكتفاء الذاتي«.

وأضاف «عندما نتكلم عن العجز التجاري يجب قياسه بالنسبة الى الناتج القائم، أي 17 مليار دولار على 45 مليارا، أي ما يفوق الـ37 في المئة من الناتج، وهي من أعلى النسب في العالم.

وأكد شماس أن المطلوب تحفيز وتشجيع الصناعة والزراعة في لبنان وبخاصة الصناعة، لذلك ينبغي زيادة القدرة التنافسية للصناعة الوطنية وانتاجيتها»، كما شدد على ضرورة العمل مع القطاع التجاري لاستبدال سلع خارجية بأخرى مثيلة وطنية، طالما توفر السعر المناسب والجودة المطلوبة.

وبالنسبة لتأثير انخفاض أسعار النفط واليورو، قال شماس «العام 2015 يشكل ظرفاً استثنائياً للبنان للبدء بتخفيض العجز التجاري بسبب أولاً انخفاض سعر المحروقات، والذي سينعكس انخفاضاً في فاتورة لبنان النفطية بما يفوق المليار دولار، وذلك بحسب تطورات أسعار النفط في النصف الثاني من العام 2015«.

وأضاف «كذلك بسبب انخفاض سعر صرف اليورو مقابل الدولار، خصوصاً أن جزءاً كبيراً من مستورداتنا هو من أوروبا (حوالى 40 في المئة)».

وأكد شماس أنه «ينبغي على الاقتصاد اللبناني الاستفادة من هذا الواقع ويطلق دينامية مناسبة لتقليص عجز الميزان التجاري ليس فقط عندما تتوافر العوامل الظرفية إنما من ضمن اعتبارات هيكلية تجعل الصناعة الوطنية وهي جديرة بذلك أن تحتل مساحات أوسع في الأسواق الاستهلاكية اللبنانية«.