كتب سامر الحسيني في صحيفة “السفير”:
لا يخفي أهالي قرى البقاع الشرقي مخاوفهم الأمنية والعسكرية التي تتعاظم مع اشتداد حدة المعارك الدائرة في المناطق السوريّة المحاذية للحدود اللبنانيّة الشرقيّة، وتحديداً على طول قرى عنجر وكفرزبد وعين كفرزبد وقوسايا ودير الغزال.
ويمضي أهالي قرى البقاع الشرقي يومياتهم بحذر وإجراءات أمنيّة، فهم ينامون ويستفيقون على دوي الانفجارات وصدى أصوات الأسلحة الصاروخية والقذائف.
ولكنّ هذه الأصوات باتت أقوى خلال الأيام القليلة الماضية، والمواجهات باتت قريبة جداً من هذه التلال التي لا يفصل بينها وبين منازل اغلب الأهالي في البقاع الشرقي سوى أمتار. ويشير بعض سكان بلدة كفرزبد إلى أنّ الأصوات التي يسمعونها لم تعد تقتصر على صدى الانفجارات الصاروخية، وإنّما صوت الرصاص صار يسمع بشكل واضح، وهذا ما يزيد منسوب الخوف لدى الأهالي.
وقد بدأ هذا الواقع الجديد والمخيف في قرى البقاع الشرقي منذ الأسبوع الماضي، وتحديداً بعد انتهاء مواجهات رأس بعلبك. ويتحدّث البعض عن إمكان لجوء وفرار عدد من المسلحين إلى هذا الجانب من الحدود.
وما يزيد من حالة الخوف أنّ الأخبار المتناقلة من الداخل السوري تشير إلى مواجهات تجري بين الجيش السوري والجماعات المسلحة في كفر يابوس التي تجاور عنجر وكفرزبد عند الجانب اللبناني، في ظل تدفق الأخبار عن صد محاولات التسلل باتجاه الحدود اللبنانية.
وإذ يتحدّث رئيس اتحاد بلديات البقاع الشرقي عمر الخطيب عن «الخشية من أن تصل امتدادات ما يحصل، إلى قرانا»، يشدّد على أنّ «البلديات في جهوزية تامة، فكلّ إمكانيات البلديات وضعت في تصرف الجيش اللبناني»، لافتاً الانتباه إلى أنّ «كلّ البلديات تتعاون مع الجيش بما يتخذه من إجراءات أمنية وبما يتعلق بموضوع النازحين السوريين ومخيماتهم، وخصوصا تلك التي تحاذي وتعد الأقرب إلى الحدود السورية».
وتشير مصادر أمنيّة إلى رفع حالة الاستنفار، بالرغم من تأكيدها «استحالة تعرض قرى البقاع الشرقي إلى أي حادث أمني أو عسكري يذكر»، على اعتبار أنّ هذه القرى ليست «عرسال الثانية».
وتضيف: «أنّ المعطيات الجغرافية والأمنية والعسكرية مختلفة تماماً في هذه المنطقة الحدودية السورية، التي تعد أكبر ثقل عسكري للجيش السوري. وهذه القوّات لن تسمح بسقوط هذه المنطقة الحدوديّة بيد أي من المجموعات المسلّحة التي لا تملك أساساً هذه الإمكانية في ظل الحشود العسكرية السورية النظامية في هذه المنطقة الحدودية التي تضمّ المعبر الآمن والوحيد للنظام السوري».
في موازاة الخوف المتصـاعد، رفع الجــيش اللبــناني من مســتوى جهوزيّته وإجراءاته العسكرية على طول الحدود اللبنانية ــ السورية المحاذية لقرى منطقة البقاع الشرقي، بدءاً من عنجر ومرورا بكفرزبد وعين كفرزبد وقوسايا ودير الغزال ورعيت.
ولم تقتصر الاستعدادات العسكرية وحالة الاستنفار على مواقع الجيش، ولكن باشر عدد من سكّان الخيم السورية التي تقع بالقرب من مواقع الجيش اللبناني والحدود اللبنانية ــ السورية، وبناء على طلب عسكري، بالانتقال إلى أمكنة أخرى تبعد عن هذه الحدود وعن مواقع الجيش اللبناني.
وكان الجيش قد أبلغ سابقاً سكان «مخيم الجناشي عيسى» الذي يقابله عند الجانب السوري منطقة كفير يابوس، ضرورة الانتقال من مواقعهم الحالية حفاظا على سلامتهم وخوفا من تسلل بعض المسلحين إلى داخل هذه المخيمات. كما جرى إبلاغ سكان مخيم علي محمد الكائن في كفرزبد والذي يقابله عند الجانب السوري منطقتي مضايا ومعدر السوريتان، بضرورة الانتقال أيضاً.