وجّه رئيس حزب “القوات اللبنانية” الدكتور سمير جعجع رسالة إلى الصحافي فتحي محمود في صحيفة “الأهرام” المصرية بعد أن كان محمود قد كتب مقالاً بعنوان “لغز سمير جعجع” طرح فيه تساؤلات عديدة على رئيس القوات. فأكد جعجع في رسالته أن ان القضايا العربية المحقّة تحتّل حيّزاً مهماً من تفكير حزب القوات السياسي، وفي مقدمة هذه القضايا، المسألة الفلسطينية. إذ ليس مقبولاً في القرن الواحد والعشرين ان يعيش شعبٌ بأكمله مشتتاً بعيداً عن ارضه ومن دون دولة.
وقال جعجع: “إن الحل العادل والشامل للصراع العربي الإسرائيلي، ينطلق من قيام دولةٍ فلسطينية حرّة ومستقلّة، تستقطب فلسطينيي الشتات، وتضع حداً لاستغلال بعض الأطراف الإقليمية لآلام الشعب الفلسطيني وتسخيرِها خدمة لأهدافٍ لا تمَتّ الى هذا الشعب، ولا الى مجمل الشعوب العربية بأي صلة.
وأضاف: “لشرفٌ كبير لنا، أن يكون حزبُنا، في طليعة الأحزاب اللبنانية، الذي جاهر منذ اللحظات الأولى لإندلاع شرارة الربيع العربي بتأييده الكامل، ومن دون أي تحفّظ، لثورات الشباب العربي، معلناً دعمه المطلق لمبادئ الحرية والعدالة والمساواة والتعددية السياسية التي قامت هذه الثورات على اساسها”.
وقال جعجع: “صحيحٌ ان بعض المظاهر المتطرّفة قد اساءت لجوهر الحراك الشبابي العربي الديموقراطي، لكن الربيع العربي لا بُد له في نهاية المطاف، من ان يُصحح مساره ويُنقّى نفسه بنفسه، ليعود ويلتحق بالسكّة الإنسانية التنويرية الصحيحة”.
وتابع: “من مدعاة فخرنا كذلك، أن يكون حزبنا من اوائل الذين دفعوا من لحمهم الحي، استشهاداً وسجناً واضطهاداً وتنكيلاً طيلة عقودٍ ثلاث، فاتورة هذا المسار، فامتزجت تضحياتُه مع تضحيات لبنانيين آخرين، حتى ازهرت ربيعاً في لبنان قطف الشعب اللبناني ثماره انسحاباً مباشراً لجيش النظام السوري من لبنان”.
وقال رئيس القوات: “إن القضية التي يناضل حزب القوات اللبنانية من اجلها، والتي على اساسها تشرّفنا بإعلان برنامجنا السياسي للترشّح الى رئاسة الجمهورية اللبنانية، هي قضية الحق والحرية والإنسان في لبنان، وفي كل مكان.
إنها قضيةٌ تُختصر خطوطها العريضة بما يلي: قيام دولةٍ حرّة سيدة في لبنان تحترم حقوق مواطنيها وحرّياتهم الطبيعية وتعاملهم على قدم المساواة، ونزع السلاح غير الشرعي وحصره بيد القوى الشرعية وحدها، واعادة القرار العسكري والأمني الى الدولة وحدها، وقيام دولة النمو الاقتصادي وتأمين مسلتزمات العدالة الإجتماعية، ومكافحة الهدر والفساد والمحسوبيات في مؤسسات الدولة وإداراتها، دعم المحكمة الخاصة بلبنان، وصولاً الى محاسبة المتورطين بإغتيال رفيق الحريري وشهداء ثورة الأرز الباقين، والتزام قرارات الشرعيتين العربية والدولية، والتضامن مع القضايا العربية المحقّة والإلتزام بحق الشعوب العربية في تقرير مصيرها.
واعتبر أن تحالف قوى الإعتدال المسيحي والإسلامي، المُتمثّل بقوى 14 آذار، يُشكّل ضمانةً للبنان في وجه الإرهاب والتطرّف بأشكاله كافةً، كما يمنع ارتماء الدولة اللبنانية في احضان النظام السوري من جديد.
وشدد على أن مكافحة الإرهاب يفترض ان يوازيه تنفيسٌ للإحتقان الطائفي والمذهبي الذي يعصف بمنطقتنا، وهذا لا يتم إلاّ من خلال تحقيق خطواتٍ سياسية معينة، نذكر منها:
تحقيق حلّ سياسي متوازن في العراق وقيام دولة ديمقراطية في ليبيا وعودة الشرعية الى اليمن، والإلتزام بقرارات الشرعيتين العربية والدولية، وقيام دولة فلسطينية مستقلة.
وختم جعجع رسالته: “صحيح ان مسار الديمقراطية في الشرق الأوسط شاق ومتعرّج بفعل جملة عوامل سياسية واجتماعية وثقافية طبعت هذه المنطقة منذ عقودٍ طويلة، الاّ ان مسيرة الألف ميل تبدأ بالخطوة الأولى”.