IMLebanon

انتعاش الأسهم يُنسي الأسواق مخاوف منطقة اليورو

StockMarketGood
رالف أتكينز

عندما اندلعت أزمة الديون في اليونان في أواخر عام 2009، كانت المحنة الاقتصادية في البلاد قادرة على هزّ الأسواق المالية العالمية ـ لكن ليس الأسبوع الماضي.

فوز حزب سيريزا اليساري المناهض لسياسة التقشف بالانتخابات الأسبوع الماضي أدى إلى عملية بيع حادة في الأصول اليونانية، بحيث أنهت الأسهم اليونانية الأسبوع على انخفاض يبلغ 15 في المائة تقريباً. في الوقت نفسه، التعليقات والإجراءات من قِبل وزراء اليونان الذين تم تعيينهم حديثاً، أثارت الذعر في عواصم أوروبية.

لكن في أسواق مالية أخرى في منطقة اليورو كانت الآثار متواضعة. بدلاً من ذلك، أقبل المساهمون على شراء الأسهم الأوروبية. وكانت التدفقات الأسبوعية الداخلة إلى صناديق الأسهم الأوروبية الغربية، البالغة 5.1 مليار دولار في الأيام السبعة المنتهية يوم الأربعاء الماضي، هي الأقوى على الإطلاق من حيث مبالغ النقود والأكبر من حيث الأصول التي تقوم بإدارتها منذ كانون الأول (ديسمبر) 2013، وفقاً لشركة تزويد بيانات الصناديق، EPFR. حتى صناديق الأسهم اليونانية شهدت تدفقات داخلة.

الحماس لأوروبا كشف القبضة القوية على الأسواق المالية التي فرضها البنك المركزي الأوروبي الأسبوع الماضي، عندما كشف النقاب عن برنامج مفتوح للتسهيل الكمي بمقدار 60 مليار يورو شهرياً. وبحسب أندرو ميليجان، رئيس قسم الاستراتيجية العالمية في شركة ستاندرد لايف للاستثمار “يفترض الناس أنه عندما تكون هناك آثار عدوى، فإن البنك المركزي سيعمل على إبقاء الأمور تحت السيطرة”.

لكن مواقف المستثمرين تجاه منطقة اليورو تحوّلت أيضاً منذ عام 2009، مع ثقة أكبر بإمكانية احتواء التداعيات من اليونان، حتى لو تصاعد التوتر أكثر من ذلك. ويقول أندرو بولز، كبير إداريي الدخل الثابت في بيمكو “هناك احتمال كبير أن تكون اليونان خطرا فرديا شاذا، بينما في عام 2009/2010 كان الخطر نظاميا”. ويضيف “سيكون فشلاً ذريعاً إذا كنا لا نزال نحكم على منطقة اليورو بحسب حلقتها الأضعف – التي هي اليونان – لكن منطقة اليورو حققت كثيرا من التقدّم، بما في ذلك إعلان البنك المركزي الأوروبي أخيرا برنامج التسهيل الكمي”.

ربما أضعفت اليونان بعض آثار برنامج التسهيل الكمي الأسبوع الماضي. فمن خلال تخفيض عائدات السندات الحكومية، التي تتحرك عكسياً مع الأسعار، فإن عمليات شراء السندات من قِبل البنك المركزي دفعت المساهمين إلى الأصول ذات المخاطر الأعلى، بما في ذلك الأسهم. فقد ارتفع مؤشر فاينانشيال تايمز يوروفيرست 300 بنسبة 7 في المائة حتى الآن هذا العام، على الرغم من أنه تخلّى عن بعض مكاسبه منذ الانتخابات اليونانية. والعائدات على السندات الحكومية الإسبانية والإيطالية والبرتغالية لأجل عشرة أعوام ارتفعت منذ يوم الأحد، لكنها تبقى قريبة من المستويات التاريخية المنخفضة.

يقول بولز “لو أن اليونان لم تكُن مشكلة، ربما كانت آثار الإعلان عن برنامج التسهيل الكمي أكثر وضوحاً”.

مع ذلك، الخوف الكبير هو أن يعمل “خروج اليونان من اليورو” – بمعنى أن تصبح التوترات شديدة جداً بحيث تخرج اليونان من منطقة اليورو – على تدمير مبدأ العضوية الدائمة. وعلى الفور سيتساءل المستثمرون القلقون؛ أي بلد سيكون هو التالي؟

منذ عام 2012، تم تعزيز الدفاعات ضد آثار العدوى: صندوق الإنقاذ الأوروبي ما زال يعمل، ولدى البنك المركزي الأوروبي أداة لـ “معاملات نقدية صريحة” جاهزة في حال هددت مخاطر “تفكّك” منطقة اليورو النظام المالي. لكن مع ذلك، يُحذّر محللون من أن “خروج اليونان” من شأنه أن يُحدث صدمة في الأسواق العالمية.

ويقول ألبيرتو جالو، رئيس قسم استراتيجية الائتمان الأوروبية في رويال بانك أوف اسكتلاند “إنهم لا يزالون يلعبون بسلاح نووي”.

ويُضيف فيليب جودين دي فاليرين، مختص الاقتصاد الأوروبي في باركليز، أنه “في حين إن اقتصاد منطقة اليورو قد يكون في شكل أفضل، إلا أن خروج اليونان ليس عملية يمكن أن تمضي بسلاسة على الإطلاق وقد تُشكّل سابقة رهيبة”. ويجادل باركليز بأن مخاطر خروج اليونان زادت منذ أن أصبح أليكس تسيبراس رئيساً للوزراء – مُشيراً إلى خطوات اتخذتها حكومة أثينا الجديدة فعليا لنقض إصلاحات هيكلية أجرتها الحكومة السابقة. لكن السبب الوحيد في أن تأثير الأحداث في اليونان في السوق العالمية الأسبوع الماضي كان محدوداً هو أن احتمال التوصل إلى نتيجة كارثية لا يزال يبدو صغيراً. فحزب سيريزا، رغم كل تطرّفه، يريد أن تبقى اليونان في اليورو – وأعضاء منطقة اليورو الآخرين لديهم حافز لإبقاء البلاد داخل صفوفهم.

يقول ستيفان ماكلو سميث، رئيس قسم استراتيجية الأسهم الأوروبية في “جيه بي مورجان” لإدارة الأصول “إذا فكّرت في الأمر بطريقة نظرية الألعاب، فسيبدو أن النتيجة الأكثر ترجيحاً لن تكون مُعاداة السوق”.

ويُضيف أن خروج اليونان “أمر أقل احتمالاً بكثير مما افترضه كثير من الناس. نحن ندرك أن هناك مخاطر ذيل وسنقراقب الوضع عن كثب. لكن كان من المستغرب عندما قرأت عن (صدمة) من نتائج الانتخابات اليونانية. لقد كانت تماماً كما هو متوقع – نحن نتوقع ذلك منذ مدة طويلة”.

ومثلما حدث عندما واجهت “مخاطر ذيل” سياسية أخرى – أي أحداث يمكن أن يكون لها تأثير كبير لكن احتمال حدوثها ليس كبيرا – كان رد فعل الأسواق المالية هو عدم القيام بأي شيء.

كان هناك تأثير مماثل قبل تصويت اسكتلندا على الخروج من المملكة المتحدة. وما تم تغذيته من قِبل الأحداث في اليونان هي المخاوف بشأن “مخاطر سياسية” أوروبية أوسع هذا العام – بما في ذلك الانتخابات المقبلة في إسبانيا، حيث تشكل حركة بوديموس، الجديدة المناهضة للمؤسسة القائمة، تحديا للأحزاب السائدة. ويقول ماكلو سميث “إذا كان سيريزا قادرا على استخلاص تنازلات لا بأس بها، فمعنى ذلك أن بمقدوره تشجيع الناخبين في إسبانيا والبرتغال، لكي يروا إن كان من الممكن أن يحدث الشيء نفسه معهم”.