Site icon IMLebanon

الراي: سكّان بيروت “يودّعون” راياتهم

بيروت منزوعة الشعارات لا السلاح. الزمن الذي رفرفرت فيه صور الزعماء في سماء لبنان لفترة طويلة انتهى، على أمل ان تطوى مع صفحة الاستفزازات الحزبية والطائفية من خلال تعليق شعارات أدت مرات عدة لمشاكل دموية. وبدءاً من اليوم سيفتقد اللبنانيون “الالوان” التي اعتادوا عليها على طرقهم والتي تصبغ كل شارع بالزعيم والحزب الذي ينتمي اليه.

وعشية هذه الخطوة التي تقررت واعتُبرت النتيجة الأهمّ لحوار “تيار المستقبل” و”حزب الله” الرامي الى تخفيف الاحتقان المذهبي، جالت “الراي” على بعض مناطق بيروت التي يشملها القرار وسألت سكانها عن رأيهم في هذا التطور الذي كان حتى الامس القريب “مستحيلاً”.

يصادف الداخل الى منطقة زقاق البلاط احد المعاقل الأساسية لحركة “أمل” خيمة عاشورائية على الرصيف، وأعلاماً للحركة بالعشرات. في الحي القديم الذي يمتاز بأبنيته المهترئة التي صمدت مع الزمن وتآخت مع المباني الجديدة، صور الإمام المغيب موسى الصدر والرئيس نبيه بري وشعارات دينية في كل مكان.

“حسن” الذي ترعرع في المنطقة، أكد انه ضد إزالة الشعارات التي اعتاد عليها، ومع ذلك يقول “نحن مع ما يقوله الاستاذ (الرئيس بري). وحتى لو تمت إزالتها، فالاستاذ والقائد الصدر في القلب وعلى رأس السطح”.

“أم علي” العائدة الى منزلها بعد انهاء جولة تسوق تؤيد ازالة جميع الأعلام والشعارات شرط ان يتم ذلك في كل المناطق وقالت: “نحن مع التفاهم، ماذا نريد غير ان يتوافق السياسيون؟ تعبنا، آن الأوان كي نرتاح”. وهنا يقاطعها “حسين” الذي كان يستمع الى حديثها: “الإمام الحسين والقائد والأستاذ لا يمكن إزالة صورهم. أما أعلام الحركة فأمر يمكن النظر فيه”.

في المقلب الآخر، وبالتحديد في منطقة الخندق الغميق المشهد لا يختلف كثيراً سواء من ناحية طبيعة المباني او الأعلام والشعارات وصور “الشهداء” التي رُفعت على الأعمدة. ويقول حسن الذي كان يدخن نارجيلة على احد الارصفة: “ليتفقوا على أمر آخر، انا ضد إزالة أي صورة، كل طائفة لها منطقتها التي لها الحق ان ترفع ما تريد داخلها”.

في شارع بربور،حيث منزل الرئيس بري القديم، خلت المنطقة من الشعارات باستثناء علم كبير لحركة “امل” رُفع وسط الشارع على احد البراميل.

أما في شارع البسطة التحتا المعروف بمزْجه مذاهب عدة، وهو شارع سكني تجاري، فترفرف اعلام “امل” في أول الشارع (البسطة الفوقا) فيما تنتشر شعارات لـ “الأحباش” في وسطه، اضافة الى صور “شهداء المقاومة” بعده بأمتار. هذه المنطقة شهدت اشكالات عديدة في الأعوام الماضية بين تيار “المستقبل” وحركة “امل” على خلفية حرق صورة للتيار أسفرت في النهاية عن منع “المستقبل” من رفع أي صورة او شعار رغم وجود أعداد لا يستهان بها من مؤيديه هناك.

“ابو محمد”، احد سكان محلة “البسطة”، اعتبر إزالة الشعارات امراً لا يعنيه “لأن البلد أصلاً لا يوجد فيه في سوى شعار واحد،”لبيك يا نصر الله”وهو شعار محمي وممنوع على أحد الاقتراب منه بقوة الصواريخ الايرانية”.

من البسطة الى الطريق الجديدة مروراً بمنطقة قصص، “ألبوم الصور” مختلف. فعلى جسر المشاة في الشارع العام لمنطقة قصص، رُفعت صور للملك السعودي الراحل عبد الله بن عبد العزيز وصورة لرفيق الحريري ووسام الحسن. وفي داخل الحي أعلام تيار “المستقبل” ترفرف.

في شارع مستشفى المقاصد ،الذي يؤدي الى قلب الطريق الجديدة ،رفعت صورة العقيد نور الدين الجمل الذي قتل في معارك عرسال مع “داعش” و”جبهة النصرة”، وبعدها بأمتار صورة الرئيس سعد الحريري.

“وائل” الذي كان يمرّ في الشارع تساءل: “ما نفع نزع الشعارات بعد عملية شبعا وتغيير قواعد الاشتباك وخطاب (السيد حسن) نصر الله وإمطار بيروت بالرصاص؟”.

اسئلة وائل استكملها “سعيد” الذي يعمل في محل لبيع السندويش: “هل إزالة الصور والشعارات التي يعدون بها ستطال الشعارات الدينية التي تخفي تعصباً طائفياً وسياسياً؟ انا متأكد أن أكبر رأس في الدولة لا يمكنه أن يزيلها فهي في مقام نصر الله”.