ثماني عشرة مرة، خذل المجلس النيابي ناخبيه بعقدة عدم توافر النصاب لإطاحة الانتخابات الرئاسية، والرقم مرشح للتصاعد وتخطي عتبة العشرين ربما، اذا ما استمر عذر التعطيل من دون حل، وارتباط المعطلين في الداخل بالقوى المؤثرة في الخارج على حاله، وتبعاً لذلك لا رئيس في لبنان ينبعث من حل خارجي وعداد الشغور الى ارتفاع.
خلاصة يمكن استنتاجها من مجموع لقاءات وحصيلة جولة مدير دائرة الشرق الاوسط وشمال افريقيا في وزارة الخارجية الفرنسية جان فرنسوا جيرو على المسؤولين والقادة اللبنانيين خلال ثلاثة ايام امضاها في بيروت، موجهاً النصيحة الى هذا المسؤول او ذاك بوجوب لبننة الاستحقاق وحسم الخيار داخلياً ما دامت القوى الكبرى التي تولت المهمة الرئاسية اللبنانية طوال عقود خلت منشغلة بملفات تعتبرها اكثر اهمية في منطقة الشرق الاوسط وغيرها، ولم تحسم تالياً موقفها بالنسبة الى انتخاب الرئيس اللبناني لا بالاسم ولا حتى بالموعد، فالاهم في اجندة هذه القوى يأتي قبل المهم والى حين بروز معطيات جديدة تفك العقد الاقليمية فإنّ لبنان يبقى في دائرة الخطر المتنامي اذا لم يضطلع اللبنانيون انفسهم بمهمة انتخاب رئيس.
وتقول احدى الشخصيات السياسية التي تسنى لها المشاركة في احد الاجتماعات مع الموفد الفرنسي الذي يتوجه الى الفاتيكان مطلع الاسبوع للقاء البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي، انّ الحراك الفرنسي في اتجاه لبنان يتركز في شكل خاص على حضّ اللبنانيين على التوافق لانتخاب رئيس وان دول القرار رمت الكرة الرئاسية في ملعبهم. واكدت انّ جيرو استغرب كيف انّ المسؤولين اللبنانيين عموماً والمسيحيين خصوصاً يتفقون على ملفات حياتية ويتوحدون صفاً واحداً خلف قضايا لا تجوز مقارنتها بأهمية الاستحقاق الرئاسي في حين يناصبون بعضهم العداء في اكثر الملفات الوطنية دقة ويتكتلون خلف قرارات خارجية تربط مصير وطنهم بمصالح اقليمية ودولية هي ابعد ما يكون عن مصلحتهم الوطنية.
ونقلت مصادر تابعت جولة جيرو اللبنانية عن احد المسؤولين الذين اجتمعوا بالموفد الفرنسي قوله انّه يستشعر خطراً كبيراً على لبنان في ضوء انكفاء المسيحيين عن آداء دورهم الرئيسي في الوطن وتلهيهم تارة بحوض في مرفأ واخرى بمكب نفايات بما ينعكس سلباً على وضعهم ومستقبلهم وعلى الرئاسة في شكل خاص. وقالت: لم يعد من شك في انّ الرئاسة في لبنان اصبحت اسيرة القرارات الدولية تتخبط في مهب المصالح وتتأرجح في بورصة المفاوضات النووية وطروحات التسويات لأزمات المنطقة وهو شأن لا يخفى على الدول التي تحاول تقديم المساعدة وفي مقدمها فرنسا، غير انّ الحل لا يمكن الا انّ ينتج من الداخل عن طريق اتفاق اللبنانيين، وجل ما يمكن للراعي الفرنسي ان يقدم راهناً هو محاولة تقريب وجهات النظر من اجل اقناع المتمترسين خلف مواقفهم بوجوب العودة الى مدار لبننة الاستحقاق، والا والى ان تتبدل المعطيات المتحكمة بأزمات المنطقة لا سيما السورية منها وجلاء مصير المفاوضات النووية في شقها التقني في نهاية حزيران المقبل والسياسي في اذار، فإنّ الخطر الوجودي على لبنان سيبقى قائماً “وما على الرسول الا البلاغ”.