اعلنت مصادر ديبلوماسية في نيويورك لـ “السفير” إن مشروع بيان مجلس الأمن الدولي الذي كانت تقترحه باريس لا ينصف لبنان بتاتا، مشيرة الى أن الفرنسيين حاولوا منذ البداية تحميل كل المسؤولية عن التوتر الذي حصل على الحدود لـ “حزب الله” حصراً، متجاهلين القصف الاسرائيلي للاراضي اللبنانية ومقتل الجندي الاسباني في قوات “اليونيفيل”، ورافضين توجيه أي إدانة لإسرائيل او اعتبار اعتداءاتها خرقاً للقرار 1701.
وفي المعلومات، أن باريس سعت بداية الى تمرير مشروع بيانها في مجلس الأمن من دون التشاور مع لبنان، لكنه لم يمر بفعل موقف بعض الدول الاعضاء في المجلس وفي طليعتها روسيا، والجهد الذي بذلته وزارة الخارجية اللبنانية.
عندها قرر الفرنسيون السعي الى اقناع بيروت بمشروع البيان، على قاعدة أنهم إذا وجدوا تجاوباً لبنانيا معه، فإن الدول الأخرى في مجلس الأمن لن تكون ملكية اكثر من الملك ولا بد عندها من أن يمرّ البيان، علما ان البيان الرئاسي يحتاج الى موافقة الأعضاء الـ15، ولا يخضع للتصويت.
تواصلت باريس عبر الأقنية الديبلوماسية مع كل من رئاسة الحكومة ووزارة الخارجية ومندوب لبنان في الأمم المتحدة، لكن طرحها جوبه بالرفض التام على كل المستويات الرسمية، في وقت كان لبنان يوظّف صداقاته مع عدد من الدول الأعضاء في مجلس الأمن لتحصين الموقف اللبناني ومنع فرنسا من الالتفاف عليه.
وعرض لبنان على باريس واحدا من ثلاثة خيارات: إما لا بيان في حال الاصرار على انحيازه، وإما إصدار بيان متوازن، وإما إدانة مقتل الجندي الاسباني في “اليونفيل” تحديدا.
وخلال المفاوضات، سمع الفرنسيون كلاما لبنانيا واضحا مفاده: “لماذا تضعون أنفسكم في موضع من ينقل رسائل سيئة الى لبنان ويحاول إلحاق الاذى به من خلال بيان منحاز؟ وكيف يمكن لكم ان تمرّروا مسألة قتل اسرائيل للجندي الاسباني، وهل تعلمون ان رفضكم الإشارة الى انتهاك اسرائيل للسيادة اللبنانية يشجعها على التمادي في هذا الانتهاك، وهل تدركون ان تجاهل قتل الجندي الاسباني يهدد بأن يُقتل لاحقا جنود آخرون في القوات الدولية قد يكون من بينهم فرنسيون؟”
وأمام ضغط لبنان، وثبات عدد لا بأس به من الدول الاعضاء في مجلس الامن على الموقف الرافض للطرح الباريسي، سقط مشروع البيان الفرنسي الذي كان موجها ضد “حزب الله”، وصدر بيان الادانة لمقتل الجندي الاسباني، والذي يطال ضمنا اسرائيل.
تجدر الاشارة الى ان هذا الملف كان حاضرا في جانب من محادثات الموفد الفرنسي جان فرانسوا جيرو مع بعض المسؤولين اللبنانيين، ومن بينهم وزير الخارجية جبران باسيل.