عندما قدمت شركة ليشون للطاقة نفسها لأول مرة في السوق الثانوية في لندن في كانون الثاني (يناير) 2014، بدت وكأنها رهان يقيني بالنسبة لمستثمري الطاقة.
كانت مسلحة بمبلغ 35 مليون دولار من الاحتياطيات النقدية وحصة في مشروع للغاز في جنوب الصين، وبالتالي عرضت الشركة المسجلة حديثا وسيلة للاستفادة من إمكانات الطاقة الضخمة في واحد من أسرع الاقتصادات نموا في العالم.
ولكن بعد سنة واحدة فقط من تحولها إلى شركة مساهمة عامة، أعلنت “ليشون” خروجها من السوق الثانوية وتصفية نفسها.
إنها واحدة من عشرات شركات النفط والغاز الصغيرة المسجلة في سوق الاستثمارات البديلة التي تقاتل من أجل البقاء على قيد الحياة وسط انهيار في أسعار النفط، التي تراجعت 60 في المائة منذ منتصف حزيران (يونيو).
كان النفط والغاز في الماضي من أهم القطاعات في سوق الاستثمارات البديلة، وكان يمثل نحو ربع الرسملة السوقية للبورصة في عام 2011. وقد انضمت عشرات الشركات إلى السوق في الفترة من 2003 إلى 2007، وجمعت الأموال لمشاريع في جميع أنحاء آسيا وإفريقيا. وهذا تزامن مع فترة ارتفاع أسعار النفط من 30 دولارا إلى 90 دولارا للبرميل.
لكن الآن، مع بلوغ النفط الخام أدنى مستوياته منذ خمس سنوات، فقدت أسهم الشركات حظوتها بالتأكيد. وباتت أوضاعها المالية في حالة من الفوضى، وهي تحرق أموالها بشكل مطرد دون أن تتمكن من الحصول على مزيد من رأس المال من المصارف، أو المساهمين.
وبحسب شركة ووتش، المختصة في تحليل المخاطر المالية، هناك 126 شركة لاستكشاف وإنتاج النفط مدرجة في البورصة، منها 99 شركة في سوق الاستثمارات البديلة. وما يقارب ثلاثة أرباع هذه الشركات تعتبر خاسرة، ونحو الثلث منها لم يولد أي إيرادات نهائيا.
ووفقا لإيوان ميتشل، رئيس شركة ووتش للتحليلات، نحو 40 شركة للنفط والغاز في سوق الاستثمارات البديلة ستحتاج على الأرجح إلى إعادة تمويل عاجل أو تعاني خطر الإفلاس.
وقال “كثير من شركات النفط والغاز الأصغر المسجلة كان قد أنشئ خصيصا للاستفادة من الارتفاع التاريخي والازدهار في أسعار السلع الأساسية. وعند النظر إلى حرق السيولة لدى الشركات العامة، فإننا نقدر بشكل متحفظ أن هناك 38 شركة من المرجح أن تحرق أموالها في غضون عام”. وأضاف “في الواقع، مع تصاعد الخسائر هناك احتمال أن يكون العدد أكبر”.
وانخفضت العوائد الإجمالية من قطاع النفط في سوق الاستثمارات البديلة العام الماضي، إلى النصف مقارنة بعام 2013، وكانت قيمة القطاع 7 في المائة فقط من إجمالي السوق بحلول كانون الأول (ديسمبر). يعتقد كثيرون أن القطاع سينكمش مرة أخرى في عام 2015. وكانت شركة سافانا للنفط، الوافد الجديد الوحيد الذي انضم إلى السوق في النصف الثاني من عام 2014 – تم تعويم هاريكين للطاقة وموسمان للنفط والغاز في النصف الأول من العام. وحرصا منها على المضي قدما في التنقيب في النيجر، البلد الإفريقي الناطق بالفرنسية، تمكنت “سافانا” من جمع 50 مليون دولار بسعر 56 بنسا للسهم في تموز (يوليو).
ويبدو أندرو نوت، الرئيس التنفيذي لـ “سافانا”، متفائلا في توقعاته بشأن مكافأة المساهمين لديه، لكنه قال “إن هناك كثيرا من الشركات في سوق الاستثمارات البديلة التي ينبغي ألا تكون موجودة”.
وأضاف أن “كثيرا من شركات النفط والغاز الصغيرة تقدم احتمالا ضئيلا، أو لا تقدم أي احتمال على الإطلاق لتسليم أي عائد مقبول إذا استمرت بيئة التسعير الحالية”. وتابع “من قبل كانت شركات التنقيب والإنتاج في حالة ارتفاع دائم. لقد ولت تلك الأيام. انسحبت من السوق بعض المؤسسات التي قدمت تمويلا كبيرا”.
وتؤيد إحصاءات من بورصة لندن هذه النقطة. فقد تم جمع 111 مليون جنيه فقط في سبعة إصدارات جديدة من قبل شركات استكشاف وإنتاج النفط في عام 2013. وانخفض هذا إلى أقل من 40 مليونا جمعت في أربعة إصدارات العام الماضي.
وفي الوقت نفسه، لا تزال عمليات الشطب مستمرة وسط انهيار في أسعار الأسهم وخلافات حول مكافآت التنفيذيين.
لاري بوتوملي، الرئيس التنفيذي لشركة تشاريوت للنفط والغاز، التي لديها أصول تنقيب في المغرب وناميبيا والبرازيل وموريتانيا، يرسم صورة داروينية (في الصراع على البقاء) بين شركات النفط والغاز الصغيرة – خاصة تلك التي تتحمل ديونا وعليها التزامات ثقيلة خاصة بتكاليف الحفر والتطوير في المشاريع، مع احتمال ضئيل لتوليد سيولة فورية.
وقال “تم إيقاف أسواق المال”. وأضاف “الآن هناك مشكلة متزايدة في الاعتماد على شركاء الصناعة الأكبر الذين يواجهون انخفاضا في التدفق النقدي من إنتاجهم. الأمر أشبه بمن يحاول المشي للأعلى على المصعد النازل إلى الأسفل”.
الأكثر تضررا، بحسب دوجي يونجسون، المحلل في شركة فنكاب، وهي وسيط مالي للشركات ذات الرسملة الصغيرة، سيكون الشركات التي تقل رسملتها السوقية عن 20 مليون جنيه، الأمر الذي لن يمكنها من جمع الأموال التي تحتاج إليها للاستمرار في أعمالها.
وأضاف “اقتصاديات المشروع تغيرت تماما”. وبعد شركات الإنتاج سيأتي الدور على شركات خدمات النفط التي ستغرق هوامشها، لأنها خفضت الأسعار لتأمين الأعمال.
والأمر لم ينته بالنسبة للشركات النفطية في سوق الاستثمارات البديلة. ويأمل يونجسون في أن تكون شركة إيثاكا للطاقة، مشغل بحر الشمال، قد فعلت ما يكفي لتحمل الاضطراب. والشركة التي تنتظر بدء الإنتاج في حقل ستيلا الرئيسي، تحوطت أخيرا لحماية نصف إنتاجها عند 102 دولار للبرميل حتى حزيران (يونيو) 2016.
وأكدت مجموعة من شركات النفط الأخرى، بما في ذلك “إن كويست”، منتج بحر الشمال، أنها اتفقت هذا الشهر على تخفيف شروط الاقتراض مع مقرضيها، وأكدت أيضا مدى حماية مواقف التحوط الكبيرة لتدفقات الإيرادات على المدى القصير.
ويرى فريق النفط التابع لشركة كاناكورد جينيوتي أن إجهاد الميزانية العمومية في بعض الشركات سيجذب الشركات المفترسة الحريصة على التقاط الأصول عالية الجودة بأسعار زهيدة.
يقول متابعو بورصة الاستثمارات البديلة في لندن “إن صناديق الأسهم الخاصة تحوم حول القطاع”. لكن بوتوملي، من تشاريوت، يحذر من أن نشاط الاندماج والاستحواذ سيتأخر إلى حين استقرار أسعار النفط وظهور علامات واضحة على الانتعاش الاقتصادي. ويشير إلى محاولات الاستحواذ الأخيرة للمشغلَين من الطبقة المتوسطة، وهما بتروكيلتِك الدولية وسالاماندر، التي تفككت وسط جيشان أسعار النفط.
ويضيف “نحن بحاجة إلى أن تستقر الأوضاع. وعندها يمكن أن تتزامن وتتوافق توقعات المشترين والبائعين”.
أحد الوسطاء المخضرمين يتفق مع هذا التحليل. ويقول “حين تنهار أسعار النفط، فإن الساعين للعمليات النشطة سيفقدون الثقة. عند هذه المرحلة من الدورة، يؤجل التنفيذيون خططهم الخاصة بالاندماج والاستحواذ. هل تذكرون أواخر الثمانينيات حين هبط سعر النفط إلى ما دون 20 دولارا للبرميل؟ لم يكن هناك أحد عرَض سعرا لأي شيء. لم يكن التنفيذيون حتى يصدقون أرقام شركاتهم، ناهيك عن أرقام أي شركة أخرى”.