“ع قلب” البطريرك امنية: “توحيد الاحتفال بعيد الفصح”. و”الامر ممكن”، في رأيه. وسيثير المسألة مع اترابه بطاركة الشرق. في الدعوة التي يطلقها الرئيس الأعلى للكنيسة السريانية الأرثوذكسية في العالم البطريرك مار إغناطيوس أفرام الثاني هدف واضح: “كي نعيش الوحدة فعلا، علينا ان نحدد عيدا موحدا لكل الكنائس في الشرق. اذا احتفل المشرقيون معا بالعيد، فليس الامر خطوة نحو الوحدة فحسب، انما هو ايضا دعم معنوي قوي جدا للمسيحيين في الشرق، وضمان لبقائهم فيه. اذا كنا متحدين، كنا اقوياء، وصمدنا اكثر”.
في 18 ك2 2015، افتتح اسبوع الصلاة من اجل وحدة الكنائس. واعلن صراحة “مد اليد إلى جميع إخوتنا أصحاب القداسة والغبطة والنيافة والسيادة، داعين إلى العمل الجدي والحثيث لاتخاذ الخطوات العملية اللازمة لتوحيد عيد القيامة، فيكون دليلا على وحدتنا. وما المانع من توحيده في الشرق مثلا؟”. لا شك لديه في ان “كل المسيحيين يتلهفون الى الوحدة، وان كل الجهات تبذل الجهود في سبيلها”، على قوله لـ”النهار”. غير ان لديه تخوفا من ان يكون اسبوع الصلاة “اصبح شكليا، تقليدا، كأنه واجب نقوم به. ومن دون التشكيك في نيات احد، نحتاج الى دفعة قوية، لنذكر انفسنا بضرورة العمل”.
اليوم، يأخذ البطريرك على عاتقه المحاولة، “وسأقوم بالتأكيد بخطوات عملية… وسأستمر في جهودي. لا استطيع ان اعرف ما سيكون رد فعل الآخرين. لكنني اتوقع ان تكون الأغلبية تريد هذا الشيء. في النهاية، نريد ان يكون الجميع معا. ولا نريد القيام بامر نجعل به بعضهم خارج المركب. كلنا واحد في المركب”. وترتسم في الافق زيارة مرتقبة للبابا فرنسيس. “حاليا، نشتغل على تحديد موعد يناسب الجهتين. وعلى الارجح، سيكون اللقاء خلال هذه السنة”.
“ازمة وجودية” يواجهها المسيحيون اليوم. “شرّ” يتمثل في ارهاب، قتل، تهجير، تهديد لهم… ومع ذلك، يثق البطريرك “بأنه لا يزال هناك مجال. لا يمكن ان نيأس. اليأس ضد الايمان. ونحن ابناء الايمان، والمؤمن ابن الرجاء والقيامة. ولدينا رجاء في اننا سنقدر على ان نكون اقوياء مع بعضنا البعض، وفي ان نعيش في هذا الشرق مع اخوتنا المسلمين الذين نحن معهم من 1500 عام”.
بالنسبة اليه، تلك الافكار التكفيرية والاعمال الارهابية “يجب ان تكون حافزا لنقوّي موقفنا الواحد، اي ان نوحد جهودنا كمسيحيين اولا، وان نكون منفتحين على المسلمين ثانيا، كما كنا دائما، وان نطمئنهم ويطمئنونا. نحتاج الى اطمئنان”. المطلوب منهم بوضوح ان “يقفوا ويعلنوا ان هؤلاء التكفيريين ارهابيون خارجون عن الدين الاسلامي، كفار، وان يفعّلوا اكثر علاقاتهم بالمسيحيين، ويظهروا ذلك، ويعلنوا ان المسيحيين مؤمنون ومواطنون مشاركون في المواطنة”.
من التمنيات ايضا “ان يكونوا منفتحين، ويعيدوا درس انفسهم ومناهجهم التعليمية في كتب التربية الاسلامية، ويراجعوا تفسير النصوص القرآنية، على امل توحيد التفسيرات والاجتهادات لها، فلا ينجذب الشباب الى الدين بافكار خاطئة”.
رغم كل شيء، لا يزال البطريرك يؤمن بان “مستقبل المسيحيين في الشرق هو ان يكونوا مع المسلمين. العداء بين المسيحية والاسلام خسارة للجميع، والمسيحيون اكبر الخاسرين. لذلك يجب ان نتكيف مع الوضع. وقد فعلنا ذلك طوال 1500 عام، مع ما شهدته من اضطهادات”.
هجرة المسيحيين تعني امرا واحدا: ان يفقدوا هويتهم المسيحية. “مشرقيتهم تساوي مسيحيتهم”، يقول. في المعلومات، هاجر حتى اليوم اكثر من ثلثي ابناء الكنيسة في العراق، وبين 25 و30% من سوريا. “ومن وصل الى اوروبا واميركا نشك كثيرا في انه سيعود يوما. نحن ضد الهجرة. هذا مبدؤنا. ولكن في النهاية، نحترم قرار الشخص والعائلة…”. والقول إن الدول الغربية المانحة تأشيرات هجرة للمسيحيين تريد بذلك حمايتهم، كلام لا يوافق عليه. “اعتقد انها تحقق بذلك سياسات خاصة بها ومصالح لها”. الدعم الغربي الانجع للمسيحيين المشرقيين هو “مساعدتهم على البقاء في ارضهم، لا سيما عبر مشاريع انمائية ومختلفة”.
القلب على المسيحيين في لبنان ايضا، حيث تبرز تهديدات تنظيم “الدولة الاسلامية”. “بالتأكيد كان لبعض الناس حسابات خاطئة. فاذا لم يشجع هذا الوجود، تغاضى عنه على الاقل او حتى انكر انه موجود. اليوم يشعر الجميع بخطورة الوضع. ونحيي جهود الجيش اللبناني وتضحياته. لكن على السياسيين ان يتنبهوا، فلا يربطوا يد الجيش الذي تقتضي مهمته الدفاع عن لبنان. ونتمنى الا تصل العناصر المخربة الى البلدات اللبنانية، لان الخطر سيطال عندئذ الجميع”.
الوحدة المسيحية المرجوة دينيا يتمناها البطريرك سياسيا ايضا. “اذا لم يعمل السياسيون المسيحيون معا، فستكون الخسارة كبيرة. عدم وجود رئيس جمهورية يملأ الكرسي والفراغ، ليس علامة ضعف مسيحي فحسب، انما ايضا علامة انقسام كبير. وما نطلبه يطلبه الجميع: ان يتفقوا، ويضعوا مصالحهم الخاصة جانبا، ويعملوا على تحقيق مصلحة لبنان”.