IMLebanon

جسر جل الديب : تلمس وتخبط وتعثر وإهدار وأذى

JalDibBridge
سلوى بعلبكي

بعد تقادم جسور الحديد في بيروت وضواحيها، بدأت الدولة باستبدالها بجسور من الباطون المسلح حيث موقعها الاساسي أو بإعادة تأهيل بعضها الآخر كجسري الفيات ومنطقة الخندق الغميق. أما جسر الحديد في جل الديب والذي كان يشكل حلا لوجيستيا للمنطقة الساحلية الممتدة من الضبيه الى الجديدة ومدخلا لجل الديب والمتن الاوسط، فله حكاية أخرى.

وفق الخبير الاقتصادي ايلي يشوعي، بدأت القصة بإزالة جسر جل الديب بسبب تقادمه من دون أن يتخذ قرار كالقرارات الاخرى التي خصت بقية جسور الحديد، اي ابداله بجسر باطون أو اعادة تأهيله. لكنه ازيل فحسب، وبدأت حينها التدخلات والمزايدات والاوهام السياسية في سعي الى إيجاد بديل آخر. فسلك مسار الابدال طريقا طويلا بدأ بإزالة جسر الحديد المقوس فإلى دراسة مخرج ومدخل لمنطقة جل الديب والساحل هي كناية عن 2L تم تلزيمهما بمبلغ 9 ملايين دولار، وبعدما استقدم الملتزم الآليات اللازمة للتنفيذ صادرها بعض الجهات الرسمية المحلية من دون وجه حق ولأسباب لا تزال مجهولة حتى الآن. فتلت دراسة الـL2 دراسة أخرى تقضي بإنشاء نفق كلفته نحو مليون دولار، وتبين للدولة في ضوئها استحالة غير واضحة للتنفيذ بحجة وفرة المياه الجوفية في المنطقة. ثم انتقلت المسألة الى قرار جديد اتخذه مجلس الوزراء الحالي يقضي بنقل المكان الاساسي لجسر الحديد وإقامة جسري، U الاول في جل الديب يبعد 3 دقائق في السيارة عن جسر U نهر الموت، وآخر في انطلياس يبعد ايضا المسافة عينها عن جسر U الموجود حاليا في انطلياس. وقد تبين أن وراء هذا القرار، اقتراح وزير متني بناه تجاه بقية الوزراء على حصر تمثيله للمتنيين وارادتهم.
وقد بدأت التبليغات ترد الى بعض المالكين والمستأجرين لمؤسسات تجارية لتنفيذ مرسوم استملاك رقمه 9194 تاريخ 1974 (يتعلق بتوسيع الاوتوستراد)، وذلك تمهيدا لإقامة جسري U في جل الديب وانطلياس.
وابدى يشوعي الملاحظات الآتية:
– إنّ الساحة التاريخية لجل الديب هي المكان الوحيد الذي يوجد فيه مسربان في الإتجاهين للسيارات يمكنان من استيعابها من دون التسبّب بازدحام، وهي تُشكّل أيضاً المدخل الرئيسي لكامل منطقة المتن الأوسط.
– إنّ قرار جسر الـU كما صدر، ستكون له تأثيرات سلبية على البيئة وعلى ازدياد ازدحام السير وعلى تدهور النشاط الإقتصادي والتجاري على طول واجهة أوتوستراد جلّ الديب، كما يسبب إهداراً مالياً كبيراً في الخزينة اللبنانية تفوق كلفته بكثير أيّ منفعة منه.
– إنّ كلفة هذا المشروع ستتخطى 100 مليون دولار بين إستملاكات وتنفيذ ودعاوى عطل وضرر لاحقة سيقيمها المتضرّرون الكثر على الدولة إذا ما نفّذ المشروع، بينما حلّ 2L الذي تمّ تلزيمها ونُقض التلزيم على الساحة الرئيسية لجلّ الديب بلغت كلفتها 9 ملايين دولار فقط. وقد تمّت مُصادرة آليات الملتزم من غير حق ولأسباب لا تزال مجهولة.
– أنّ الرأي التقني والفني لمجلس الإنماء والإعمار مناهض لإقامة جسري U منفصلين على أوتوستراد جلّ الديب وانطلياس ومؤيّد فنياً لـ 2L، ما تؤكّده مراسلاته الخطيّة مع مجلس الوزراء، كما أن بلدية جلّ الديب قرّرت بالإجماع وفي محضر رسمي إعادة الجسر الحديدي الى مكانه الأوّل إذا لم يُنفّذ النفق. علما أنه في مرحلة الـ 2L وقبل ان يستقدم الملتزم آلياته، تم دفع تعويضات لشاغلي وأصحاب العقارات على المدخل الرئيسي لجل الديب، وهذا إهدار فاضح للمال العام.
– ان إثقال الاوتوستراد بين نهر الموت وانطلياس بجسور U عدة، يشوّه معالم المنطقة ويقضي عليها تجاريا وعقاريا بواسطة عزل ابنيتها ومحالها عن الاوتوستراد بسبب استحداث طريق للخدمة، واقتلاع مؤسسات اقتصادية من جذورها، وتشريد عائلات موظفين نظرا الى عدم قدرة المؤسسات على نقل موجوداتها الى اماكن أخرى بسبب غلاء العقارات والايجارات كما تشكل هذه الجسور عنق زجاجة أمام انسياب طبيعي لحركة السير.
– ان تخبط الدولة وتلمسها وترددها في مسألة الجسر،ـ يدل صراحة على ضعفها وعلى اخطاء التدخلات السياسية التي اغفلت كل عناصر الواقع.
– ان اهالي جل الديب وشاغلي الاملاك فيها ومالكيها وبلديتها، هم أول المتضررين من مشروع لا مبرر مالي أو اقتصادي أو بيئي له سوى تأكيد الاهدار والأذى والمزايدة التي طبعت التعامل مع هذه المسألة لغاية اليوم.
وعلم أن ثمة فئة من المتضررين أقامت دعوى طعن لدى مجلس شورى الدولة بقرار مجلس الوزراء القاضي بإنشاء جسري U، المخالف للرأي الفني لمجلس الانماء والاعمار والمسبب للإهدار المالي في الخزينة.
وطالب يشوعي بإبطال القرار والعودة الى المصلحة العامة الحقيقية والى اشارات البوصلة الصحيحة، فيعود الجسر الى مكانه الطبيعي الاول والتاريخي، اي في الساحة الرئيسية لجل الديب والمدخل الرئيسي للمتن الاوسط. واذا تعذر ذلك، يجب الاستعاضة عنه بتنفيذ جسر الـ L1 كمدخل لجل الديب لتخفيف الازدحام الحالي بسبب جسر الـU الموجود في نهر الموت، بما يوفر الاموال على الخزينة المنهكة أساسا بالديون وعلى العابرين والمالكين والشاغلين، خسائر أكيدة.