IMLebanon

المستقبل: مساعِ غربية ـ إيرانية للإتفاق على الخطوط العريضة

kerry-iran

بعد مضي شهرين ونيف على التمديد للتفاوض الغربي الإيراني حول البرنامج النووي، تدور مفاوضات مكثفة وعلى كل المستويات بين الطرفين، إلا أنّ أي تقدم لم يتحقق حتى الآن، وفقاً لمصادر ديبلوماسية مطلعة.

والسبب في عدم التقدم، هو ان النقاط المختلَف عليها لم يجد المتفاوضون حلولاً لها، على الرغم من التصريحات المتفائلة. ولعل أبرزها في ضمان عدم تمكن إيران من حيازة القنبلة الذرية لا الآن ولا مستقبلاً ولا في أي وقت.

هناك حيز زمني للتفاوض في 24 تموز المقبل. الطرفان الغربي والإيراني يريدان فعلاً التوصل إلى الاتفاق النهائي، لكن ليس أي اتفاق. والرئيس الإيراني حسن روحاني يريد أن يثبت للمتشدّدين في بلاده أنّ خياره التفاوضي هو الأصح، وأن توجهه الإصلاحي يبقى الأسلم. لذلك، يريد إزالة كامل العقوبات في وقت واحد، الأمر الذي يبدو للدول صعباً. وهذا المطلب إذا حصل يعطيه دعماً داخلياً قوياً. كما أنّه لا يزال يتمسك بنسب عالية في التخصيب لليورانيوم، وبعدم التخلي عن القنبلة لاحقاً.

المشكلة أنّ الطرفين لم يتمكنا بعد من التوصل إلى نقطة مشتركة في التفاوض، ثم تحديد شهر آذار للتوصل إلى اتفاق حول الخطوط العريضة للاتفاق النهائي. على أن يتم التوصل إلى تفاهم حول التفاصيل التقنية في المرحلة الممتدة ما بين آذار وحزيران. ولهذه الغاية يتم تكثيف الاجتماعات، إضافة إلى عقد اجتماعات ثنائية مع إيران، أميركية وفرنسية وبريطانية.

ولعل أبرز الاجتماعات الثنائية، تلك التي تنعقد بين الولايات المتحدة وإيران. ذلك أن أكبر قدر من العقوبات المفروضة على إيران هي عقوبات أميركية. ومن بين احدى أبرز نقاط الخلاف ان إيران تطالب بوجوب رفع كل العقوبات، لمجرد توقيع الاتفاق النهائي، لكن واشنطن ترى أنه يجب رفع مجموعة من العقوبات، مقابل كل بند تنفذه إيران في الاتفاقية بما خص برنامجها، وهذا يؤدي الى ثقة دولية بطهران. إنّما إيران ليست لديها ثقة بالغرب، الذي يعتبر أنه يقدم تسهيلات لروحاني لكي يوقع الاتفاق. وحتى لو رفعت الولايات المتحدة وأوروبا العقوبات، إلا ان مجلس الأمن الدولي يحتاج إلى وقت لرفعها، لكن حصول اتفاق بين واشنطن وطهران حول العقوبات، سيؤدي الى ان تسير كل الأطراف الدولية الاخرى تباعاً.

وتقول المصادر لـ”المستقبل” إنه من الصعب أن يتم تمديد مهلة التفاوض مجدداً بعد تموز إذا لم يتم التوصل إلى الاتفاق. حتى الآن ليست واضحة امكانية التوصل الى الاتفاق خلال المهلة الحالية، وصعوبة التمديد مردها الى الضغوط التي تتعرض لها الإدارة الأميركية من الكونغرس الذي يريد إقرار عقوبات على إيران ويصر عليها، إلا أن الإدارة ترفض. لكن أي فشل للتفاوض لاحقاً، لا يعمل لمصلحة الإدارة، لذا فالتجديد صعب، لأن الكونغرس يصعّب عليه منع العقوبات إذا لم يتحقق أي اتفاق من الآن وحتى تموز. ورئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتنياهو يحاول الافادة من موقف الكونغرس هذا، لذلك سيقصده ويتحدث امامه من اجل ان يجعله أكثر تشدداً في موقفه، ويقر عقوبات على إيران.

في هذه الأثناء، لا يتناول التفاوض أي بحث في قضايا المنطقة، باستثناء البحث في موضوع الاميركيين من أصل إيراني المختفين في إيران. لا حديث عن الوضع اللبناني مع إيران، ولا عن الوضع السوري أو العراقي. في هذا الوقت تعمل إيران على تعزيز مواقعها في المنطقة. ومن بوادر التشدد الايراني عدم التفاهم على رئيس جمهورية في لبنان، وتحريك المقاومة في مزارع شبعا كرد على ضربة إسرائيل لكوادر من إيران ومن “حزب الله” في القنيطرة، فضلاً عن الوضع في اليمن حيث سيطرة الحوثيين، وتعثّر خطة الموفد الدولي للحل في سوريا ستيفان دي ميستورا.

التفاوض يركز على النووي، لأن هناك تفاصيل تقنية واسعة ودقيقة وبحثها يستوجب عدم خلط البحث مع قضايا المنطقة. ولكن اذا تم التوصل الى اتفاق، تبحث بعد ذلك قضايا المنطقة ومصير ملفاتها. ما يعني انه اذا ما حصل تقدم جدي في التفاوض، فسيتغير وضع المنطقة تباعاً. المهم توقيع الاتفاق النهائي حول النووي، لأن تعثّر ذلك في تموز سيضع المنطقة في مأزق كبير، ولن يكون مصير ملفاتها في مأمن، حيث التطرّف والتشدّد يسودان الموقف.