يملأ الحوار الذي يرعاه الرئيس نبيه بري بين حزب الله وتيار المستقبل و”طليعة” حوار عون – جعجع الفراغ السياسي الذي تشهده البلاد في ظل تحول الحكومة الى حكومة تصريف أعمال وحالة نصف الشلل التي يعيشها مجلس النواب بسبب ازمة رئاسة الجمهورية.
واذا كان حوار عين التينة قد نجح حتى الآن في تخفيف الاحتقان وتحريك الخطط الأمنية الداخلية، فإنه يحتاج الى مزيد من الجهد والمناخات الملائمة لمقاربة بعض الملفات السياسية لا سيما ملف الاستحقاق الرئاسي.
وبغض النظر عن توقيت نضوج المناخات الداخلية والخارجية لهذا الاستحقاق، فإن المؤشرات والوقائع تؤكد ان انتخاب رئيس جديد لم يطرح جدياً على طاولة الحسم، لا في الخارج ولا في الداخل،لا بل ان دول القرار منصرفة عن مثل هذا الاهتمام في الوقت الراهن، وتركز على نقطة واحدة بالنسبة للبنان وهي ابقاء الوضع الأمني تحت سقف معين من الاستقرار النسبي.
ويري مصدر بارز لـ”الديار” ان استمرار هذا الوضع يعني ان موعد حسم موضوع الرئاسة لم يتبلور بعد، وإن كان البعض لا يستبعد ان يكون في أيار المقبل رابطاً ذلك بمصير جولة المفاوضات حول الملف النووي الايراني في آذار المقبل، وهو أمر مستبعد في ظل التعقيدات المتراكمة في المنطقة.
ويضيف أن حالة الانتظار الطويل من شأنها ان تشكل عاملاً ضاغطاً على الجميع، وتفرض ان يأخذها المسؤولون والقيادات المعنية بعين الاعتبار. فهناك قضايا وملفات حيوية عديدة تحتاج الى معالجة، عدا عن اهمية متابعة هموم وشؤون المواطنين والوضعين الاقتصادي والاجتماعي.
من هنا أخذ يطرح السؤال مجدداً هل ستبقى الحكومة مجرد حكومة تصريف أعمال؟ وهل يصح استمرار مقاطعة العمل التشريعي؟
لا تخفي اوساط رئيس الحكومة استياءه وانزعاجه الشديدين من تكبيل يد مجلس الوزراء بسبب بعض الاداء والمواقف، لكنه بحكم هدوئه وصبره لا يزال يفضل التعاطي مع هذه المعوقات بدقة وروية، آخذاً بعين الاعتبار نقل ازمة عدم انتخاب رئيس الجمهورية حتى الان من جهة والمناخ الاقليمي الذي يترك تداعيات سلبية على الوضع العام في البلاد.
لكن زوار الرئيس سلام يلمسون ايضا ضيق صدره خصوصا ان هناك مشاريع قوانين عديدة يجب البتّ بها واقرارها في مجلس النواب عدا عن ان قرارات اخرى غير متوفر صدورها بسبب الوضع القائم.
ويبدو ان الرئيس سلام الذي ايّد فكرة توقيع الـ 24 وزيرا على المراسيم حفاظا على انطلاقة الحكومة وظنا منه ان عمرها لن يتجاوز البضعة اشهر تدفع حكومته وهو بالدرجة الاولى ثمن هذه الغلطة خصوصا وان الامور وصلت الى حدود حالة الشلل لعمل السلطة التنفيذية.
ويحاول رئىس الحكومة التعويض قدر الامكان عن هذه المراوحة في العمل الداخلي للحكومة. بالحضور الناشط في المؤتمرات والمنتديات الخارجية وزيارات العمل لبعض الدول الصديقة او المؤثرة.
ومما لا شك فيه ان ازمة شلل المجلس النيابي ناجمة عن التفسير الخاطئ للدستور لدى بعض الاطراف والمكونات السياسية المشاركة في الحكم اولا عندما خرجوا ببدعة عدم جواز التشريع بين مرحلة حكومة تصريف الاعمال وتشكيل الحكومة وثانيا بدعة اللاتشريع في غياب رئيس الجمهورية كمن يلجأ الى قطع اليدين والرجلين في حال غياب الرأس.
ويشهد المجلس منذ ما قبل التمديد وحتى الان حالة من الشلل رغم استمرار عمل اللجان على انواعها بسبب تعطيل الجلسات العامة التشريعية والرقابية نتيجة هذه “الفتاوى” غير الدستورية، وهو معرض للاستمرار في هذا الوضع خصوصا اذا ما تعذر توقيع مرسوم الدورة الاستثنائىة.
ووفقا لمصادر مطلعة ان الدورة الاستثنائىة كانت موضع تشاور مؤخرا بين الرئيسين بري وسلام بمبادرة من الاول سعيا الى العمل من اجل الدعوة الى جلسة تشريعية في اقرب وقت ممكن.
وتضيف المصادر ان هذا المرسوم يصطدم بمشكلة التوقيع اي التوقيع عن رئيس الجمهورية في ظل الاصرار على توقيع كامل اعضاء الحكومة.
ومع ان هناك اتفاقا او التزاما بتحديد التشريع في مواضيع اساسية ومطلوبة او ملحة فالظاهر حتى الان ان عقدة التوقيع قد تشكل عقبة في وجه فتح الدورة الاستثنائىة الامر الذي يستدعي المزيد من التشاور والجهد لتجاوزها.
والسؤال الذي يطرح نفسه هل يستطيع سلام ان يؤمن هذا الاجماع على التوقيع لتمكين المجلس النيابي من عقد جلسة تشريعية لدرس واقرار مشاريع قوانين عديدة تهم الحكومة والمجلس وتساهم في معالجة قضايا وملفات حيوية؟