Site icon IMLebanon

الرساميل الوافدة تتراجع 1.6 مليار دولار للمرة الأولى منذ سنوات

Money-Transfer
عدنان الحاج
يبدو أن انطلاقة العام الحالي ستشهد المزيد من العثرات الاقتصادية والاجتماعية، نتيجة تراجع القطاعات والمؤشرات، من المرفأ الى كهرباء لبنان، مروراً بكازينو لبنان، وما رافق ذلك من حركات ومطالب مرشحة للتزايد، لعدم التوصل إلى معالجات لمختلف المرافق من الناحيتين المالية والإدارية توصلاً الى القضية المعيشية.
الجديد في الأمر أن أزمة جديدة ستظهر قريباً، تهدد قطاعاً خدماتياً هو قطاع الكهرباء، نتيجة توجه شركات الخدمات الثلاث للتوقف عن العمل، ومن ثم مباشرة البحث في وقف التعاون مع كهرباء لبنان، نتيجة عدم دفع المؤسسة مستحقات شركات الخدمات عن العام 2014، وهي مبالغ تقدر بحوالي 200 مليون دولار. وعلمت «السفير» في هذا الصدد أن بعض الشركات يتجه الى إمكانية البحث في وقف العقود التي بقي من مدتها حوالي السنتين، نتيجة تراكم المتوجبات من جهة، وتأخير عملية المباشرة في تركيب العدادات الذكية، التي يفترض ان تبدأ العمل منذ مدة غير قليلة، كونها المدخل الأول والأساسي لمكافحة الهدر والتهرب من بدلات الكهرباء، وكونها المدخل الأول والأخير لتحسين الجباية ورفع معدلات عائدات الكهرباء من حوالي 1600 مليار ليرة حاليا الى أكثر من 2000 مليار ليرة، بعد إزالة أو تخفيض الهدر والتعليق على الشبكات من 45 و50 في المئة الى حوالي 25 في المئة في المناطق الأساسية (الهدر الحالي حوالي 54 في المئة في بعض المناطق).

تباين قد يؤدي الى خلاف

التباين بين مؤسسة الكهرباء وشركات الخدمات قد يظهر الى العلن كعنصر خلاف جديد، بسبب الأوضاع المالية من جهة، وعدم تنفيذ مرحلة العدادات الذكية من جهة ثانية، وهو من ضمن مشروع تطوير الكهرباء وخدمتها. العجز الحالي لكهرباء لبنان يتجاوز الملياري دولار، وهناك قدرة لتخفيضه، نتيجة تراجع أسعار النفط وتحسين الجباية إلى النصف، في تفعيل الجباية وتقليص الهدر بتركيب العدادات الذكية التي من شأنها رفع التعديات ولو بالحدود الدنيا. وكانت كهرباء لبنان قد أوضحت، في بيان سابق لها، أن تأخير العدادات الذكية مرده الى دراسة مدى توافق العدادات المقدمة مع الحاجة في لبنان، على الرغم من تأكيد الشركات ان النماذج معتمدة في الكثير من الدول المتقدمة. فهل يتوقف مشروع شركات مقدمي الخدمات عند محطة العدادات الذكية، بعد محطة التأخير في تسديد المستحقات عن العام 2014؟
للمرة الأولى منذ أكثر من عشر سنوات، وتحديداً منذ بداية الألفين وحتى اليوم، تسجل حركة التحويلات والرساميل الوافدة تراجعاً، في نهاية العام 2014 مقارنة مع السنة التي سبقتها 2013، نتيجة تردي الظروف والنتائج الاقتصادية وتراجع نمو الودائع المصرفية خلال السنة الماضية مقارنة مع سابقتها. فقد بلغت قيمة التحويلات والرساميل الوافدة خلال العام 2014 ما مجموعه حوالي 14.5 مليار دولار مقابل حوالي 16.1 مليار دولار للعام 2013 أي بتراجع قدره حوالي 1.6 مليار دولار ونسبته 9.9 في المئة.
هذا الواقع طبيعي أن ينعكس عجزاً في ميزان المدفوعات 1292 مليون دولار مقابل عجز للفترة ذاتها من السنة التي سبقتها بلغ حوالي 1128 مليون دولار، بمعنى أن عجز ميزان المدفوعات زاد حوالي 160 مليون دولار نتيجة جملة العوامل المتراكمة من تراجع نمو التحويلات ونمو الودائع المصرفية. هذا على الرغم من استقرار عجز ميزان المدفوعات عند حدود 1172 مليون دولار بتراجع حوالي 0.6 في المئة.
ويدخل في أسباب التراجع ايضاً موضوع تضرر الصادرات الصناعية والزراعية التي تراجعت في العام 2014 من حوالي 3.9 مليارات دولار في العام 2013 إلى حوالي 3.313 مليار دولار في نهاية العام 2014، بما نسبته حوالي 15.8 في المئة. وكانت حصة القطاع الزراعي حوالي 4.3 في المئة من هذا التراجع، حيث بلغت الصادرات الزراعية حوالي 266 مليون دولار بتراجع حوالي 12 مليون دولار عن العام 2013. وهي من أهم المؤشرات بالنسبة لعجز ميزان المدفوعات في ظل تراجع التحويلات.
تبقى نقطة تتعلق بالمالية العامة حيث سجل الدين العام نمواً بلغ حوالي 5.3 في المئة ليصل إلى 66.6 مليار دولار، منها حوالي 40.8 ملياراً للدين الداخلي وحوالي 25.8 مليار دولار للديون الخارجية، وهذا المبلغ مرشح للتضخم نتيجة العجز المرتقب في الموازنة العامة للعام الحالي بحوالي 7700 مليار ليرة. يضاف إلى ذلك عنصر آخر يتعلق بنمو كلفة الدين العام بحوالي 11.2 في المئة، على الرغم من تراجع معدلات الفوائد. وقد بلغت خدمة الدين خلال العام 2014 حوالي 3.6 مليارات دولار.

مزيد من التأزم الاجتماعي

في الخلاصة أن القسم الكبير من النشاط الاقتصادي والمالي يعاني من تراجع المؤشرات، من المالية العامة إلى الخدمات، ما سيزيد من ارتفاع صوت الحركة المطلبية في وجه الفراغ المؤسساتي والرئاسي، وفي ظل غياب المعالجات في الحد الأدنى، ما ينذر بالمزيد من التأزم الاجتماعي والمعيشي وتردي قطاعات الخدمات، من الكهرباء إلى قطاع المياه والنقل وارتفاع قياسي في معدلات البطالة المترافقة مع ارتفاع المخاطر الامنية والسياسية في المنطقة، بينما البحث يبقى مستمرا عن حلول للعديد من المرافق العامة التي تعاني التضارب في المصالح، والبحث عن الحصص بين الفئات الحاكمة، وليس عن مصلحة القطاعات المتضررة والمهددة بالضرر.