Site icon IMLebanon

أيجابيات تأثير هبوط النفط على الموازنة أكثر من السلبيات

DollarOIl
طوني رزق
سوف ينعكس تراجع كلفة الدعم الحكومي لشركة كهرباء لبنان وكلفة انفاق اللبنانيين على المحروقات تحسنا في المالية العامة والقدرة الشرائية للبنانيين، خصوصا في ظل التوقعات بتراجع اسعار النفط حتى 30 او 20 دولارا للبرميل.
مع التراجع الاقوى في أسعار النفط منذ العام 2008 طرأت تداعيات اساسية على الموازنات العامة، ميزان المدفوعات وميزان التجارة، في مختلف دول العالم. وقد شهدت حسابات الدول المنتجة والمصدرة للنفط تراجعا دراماتيكيا وسلبيا في حين شهدت حسابات الدول المستوردة والمستهلكة للنفط تحسنا سوف تظهر مفاعيله بوضوح مع مرور الوقت.

وبالتالي، فان لبنان دولة مستهلكة ومستوردة للنفط بامتياز وسوف يكون من المستفيدين من التغيير الكبير في الاسعار. ورغم ان هذه الافادة، خصوصا على صعيد كلفة المشتقات النفطية التي تستهلكها شركة كهرباء لبنان، والتي تتمّ بدعم مباشر من الحكومة لن تظهر مفاعيلها قبل فترة قد تمتد من ستة الى تسعة اشهر تاريخ انتهاء العقود القديمة الموقعة مع الشركات المصدرة للنفط. وعليه، يتوقّع ان تستقر نسبة الدين العام اللبناني الى الناتج القومي العام في لبنان فوق مستوى 140 في المئة.

الا ان استمرار تراجع اسعار النفط سوف يخفض مستويات الدين العام دون شك. كما ان ميزان المدفوعات اللبناني سوف يشهد تحسنا واضحا اذ ان نسبة اسعار النفط اللبناني الى الناتج القومي العام استقرت على 8,30 في المئة منذ العام 2010.

ومن المتوقع تقلصها مع انخفاض اسعار النفط. وفي المقابل، فان مداخيل اللبنانيين العاملين في الخارج وخصوصا في الدول المنتجة للنفط قد تنخفض او انها لن تشهد تحسنا على الاقل. وعليه، فان ميزان المدفوعات اللبناني سوف يستفيد اكثر من تراجع اسعار النفط مقارنة مع تأثره السلبي جراء تداعيات تراجع الاسعار على مداخيل اللبنانيين العاملين في الخارج، وبالتالي على حجم التحويلات السنوية الى لبنان.

ويمكن تقدير النتائج الايجابية لانخفاض الاسعار النفطية اذا ما قورنت معدلات الاسعار في النصف الاول من العام 2014 وهي عند 109,44 دولار للبرميل مع توقعات البنك الدولي لاسعار قد تتراوح بين 20 دولارا للبرميل (خصوصا اذا زادت كل من ايران والعراق وليبيا حجم انتاجها النفطي) وبين 65 دولارا للبرميل اذا ما شهدت الاسواق تصحيحا للاسعار.

وعليه، فان لبنان سوف يستفيد من هذا التغيير في الاسعار وهو تغيير كبير، ليحقق تحسنا واضحا ومتوفرا في حساباته المالية وفي كل من ميزان المدفوعات والميزان التجاري.

ويعزو الخبراء التراجع الكبير في اسعار النفط الى الاستراتيجية المعتمدة من قبل منظمة «اوبك» تحديدا اذ ان هذه المنظمة التي تستحوذ على 40 في المئة من السوق النفطية في العالم تركز حاليا على تحسين حصتها في الاسواق بدلا من خفض انتاجها للجم تدهور الاسعار. وتبلغ نسبة تراجع الاسعار منذ منتصف 2014 نحو 60 في المئة.

وفي حين يتوقع البعض تراجع الاسعار الى 30 دولارا للبرميل يؤكد آخرون ان الاسواق لم تسجل حتى اليوم اسوأ ما سوف يحدث على مستوى الاسعار النفطية اذ ان العالم يشهد حاليا تخمة في حجم المعروض من النفط بما يفوق كثيرا الطلب عليه.

ومع استمرار قوة البيانات الاقتصادية الاميركية، وآخرها البيانات القوية على مستوى الوظائف التي دفعت الذهب للهبوط في نهاية الاسبوع الى 1235 دولارا للاونصة، فان الضغوط على اسعار النفط سوف تزداد وقد تشهد الاسواق مستوى العشرين دولارا، بحسب البعض.

وكانت وكالة التصنيف الائتماني موديز اعلنت ان التراجع الحاد في اسعار النفط مفيد لمعظم البلدان وخصوصا في منطقة آسيا والمحيط الهادىء لاعتمادها التام على استيراد النفط ومنها لبنان. واعتبرت ان بقاء اسعار النفط منخفضة سيؤثر ايجابا على الميزان التجاري والتضخم مع تراجع كلفة الواردات ونسبة التضخم.

وسوف يدعم ذلك النمو من خلال زيادة القوة الشرائية والحد من تكاليف الاستثمار وزيادة مرونة السياسة النقدية. وسوف يؤدّي تراجع اسعار النفط الى مستويات منخفضة الى اصلاحات مؤثرة في برنامج دعم شركة كهرباء لبنان، ويؤدي ذلك بطريقة أو بأخرى الى تحسين الوضع الائتماني.

وعليه، يمكن القول ان احتمالات عودة ميزان المدفوعات اللبناني الى تسجيل فائض سنوي بعد ثلاث سنوات من تسجيل العجز السنوي المتوالي اصبحت مرتفعة رغم ان تراجع كلفة اللبنانيين على مستوى الانفاق على المشتقات النفطية سوف يقابله ارتفاع انفاقهم على المشتريات الاخرى وهي في غالبيتها بضائع وخدمات مستوردة من الخارج، وخصوصا مع انخفاض سعر صرف العملات في الدول الخارجية وفي مقدمتها اوروبا.