عندما يُخبرني جاك بوجل أنه يعتقد أن الصناديق التي يتم تداولها في البورصة هي “أعظم ابتكار للتسويق في القرن الحادي والعشرين”، فهو لا يعني مدحها.
فانجارد، شركة إدارة الصناديق التي أطلقها بوجل منذ 40 عاماً، تفوقت على شركة ستيت ستريت في الشهر الماضي لتصبح ثاني أكبر مزوّد للصناديق التي يتم تداولها في البورصة في الولايات المتحدة. لكن لا تتوقع صيحات المديح من مؤسسها.
يقول بوجل، بعد تجديد هجومه على منتج لطالما كان يُشك في فضائله: “الصناديق التي يتم تداولها في البورصة أداة تسويق عظيمة. إنها أعظم ابتكار للتسويق في القرن الحادي والعشرين، لكن لا يزال علينا أن نرى ما إذا كانت أعظم ابتكار للاستثمار. لا أعتقد أنها كذلك، اعتقد أنها ستُلحق الضرر بالعوائد بالنسبة للمساهمين”.
لقد كان تأخر فانجارد فيما يتعلق بالصناديق التي يتم تداولها في البورصة تماماً بسبب نفور بوجل من فكرة أن المستثمرين ينبغي لهم مراقبة الأسعار المُتغيّرة لمُقتنياتهم في الوقت الحقيقي، والأصابع على زر التداول.
الشركة لم تُطلق أول صناديقها حتى عام 2001، بعد ثمانية أعوام كاملة من إطلاق شركة ستيت ستريت صندوق SPDR500، الذي يُتابع مؤشر ستاندرد آند بورز 500 والذي لا يزال الأكبر في الصناديق التي يتم تداولها في البورصة في العالم.
لكن ذلك يعد ميزة هيكلة المُلكية المتبادلة منخفضة التكلفة في فانجارد، التي تسمح لها بتقديم عرض منخفض على الرسوم للشركات التي تسعى للربح، وتلك هي قوة العلامة التجارية لشركة فانجارد، من حيث إنها تقوم بالاستيلاء على الحصة السوقية والارتفاع بسرعة في التصنيفات.
بالطبع، صندوق آي شيرز التابع لشركة بلاك روك يُعتبر الرقم واحد بشكل مريح، مع ما يُقارب 750 مليار دولار في الصناديق المُدرجة في الولايات المتحدة، بحسب بيانات موقع ETF.com للصناديق التي يتم تداولها في البورصة. وبمبلغ 430 مليار دولار، لا يزال أمام فانجارد طريق طويلة للحاق، لكن بلغت قوة زخمها الحالي درجة أنها ربما تحصل على فرص متساوية لانتزاع المركز الأول. إنها ليست مسيرة الصناديق التي يتم تداولها في البورصة التابعة لشركة فانجارد التي تعتبر الظاهرة المثيرة للقلق هنا. فهي تملك محفظة متواضعة من الصناديق التي تتبع فئات الأصول الواسعة وقاعدة مساهمين تميل نحو أولئك الذين يملكون عقلية الشراء والاحتفاظ (المعروفين باسم بوجلهيدز). الصناديق التي يتم تداولها في البورصة غالباً ما تكون الطريقة الأكثر منطقية – بمعنى أنها أرخص – للاستثمار في المؤشر على المدى الطويل.
مع ذلك، ليس فقط أن مخاوف بوجل تقوم على أساس متين، لكنها تحققت. العدد المتزايد من الخيارات لتداول شرائح من سوق الأسهم على شكل الصناديق التي يتم تداولها في البورصة أغرى المتداولين بأنهم يقومون بشيء أقل خطراً من شراء الأسهم الفردية.
الأسوأ من ذلك، من خلال تحويل فئات الأصول إلى أسهم، قامت الصناديق التي يتم تداولها في البورصة بتحويل حتى المستثمرين الذين من المفترض أنهم يستثمرون على المدى الطويل، إلى مديري صناديق التحوّط الكلية. ووجد المستشارون الماليون سوقاً جاهزة لبناء محافظ تجذب السلع الأساسية وأسواق السندات الأجنبية وأمورا غريبة أخرى تحت ستار التنويع.
وتزداد الأوضاع سوءاً مع العدد المتزايد مما يُسمى أدوات “استثمار روبو” (الاستثمار الرقمي الرخيص للغاية) التي تستخدم الصناديق التي يتم تداولها في البورصة كأساس لها وجعل المحافظ تتغير ببساطة مثل ممارسة لعبة الكاندي كراش.
أخيراً، هناك عدد متزايد من الصناديق التي يتم تداولها في البورصة تقوم “بتداول الاستراتيجيات بتقيّد”. حيث تسمح بأن تتعامل مع أجزاء من الأسواق الأجنبية مع تحوّط العملة، أو تتبع عدة أصول، كل هذا بهدف التغلّب على السوق، وليس تتبعها.
هناك صناديق تصنفها مجموعة الأبحاث، مورنينجستار، على أنها “صناديق يتم تداولها في البورصة ذات استراتيجية تتبع المؤشرات، التي تجمع بين عناصر من الاستثمار النشط والسلبي”، وهذا مجال تتعهد “بتعريفه، وقياسه وتنظيمه”.
ويعتبر بوجل أشد فظاظة، حيث يدعوها “المجموعة المُهمّشة من الفواكه والجوز”.
هناك ترابط بين صعود الصناديق التي يتم تداولها في البورصة وصعود الاستثمار غير الفعّال، لكنهما ليسا الشيء نفسه. لقد تدفق نحو 241 مليار دولار إلى الصناديق التي يتم تداولها في البورصة العام الماضي، وذلك وفقاً لمجموعة مورنينجستار. وهذا يُعتبر رقماً قياسياً جديداً، ما يدفع الأصول إلى تجاوز تريليوني دولار بعد أربعة أعوام فقط من تجاوزها الهدف البالغ تريليون دولار.
وكثير من هذا ذهب إلى شركات تتبع المؤشرات الواسعة التي لم تتم إزالتها منذ مدة طويلة من صناديق الاستثمار المشتركة التابعة للمؤشر التي يُحبها بوجل ووارن بافيت، الذي أخبر زوجته بأن تضع ميراثها في أحد صناديق التتبع التابعة لشركة فانجارد.
لكن المزيد يذهب إلى “المجموعة المُهمّشة من الفواكه والجوز”. وتعتقد مورنجستار أن الأصول في الصناديق التي يتم تداولها في البورصة ذات استراتيجية تتبع المؤشرات بلغت 402 مليار دولار وكان لديها تدفقات داخلة تتعلق بالأصول بنسبة 19 في المائة، مقارنة بـ 13 في المائة للصناديق التي يتم تداولها في البورصة وليست ذات استراتيجية تتبع المؤشرات في عام 2014. لذلك، صيحات المديح للصناديق التي يتم تداولها في البورصة تُستخدم بشكل صحيح – كأدوات استثمار غير فعّالة على المدى الطويل ولدفع استراتيجية التداول الوحيدة التي يمكن أن يكون المساهمون متأكدين تماماً أنها ستقوم بتوليد مكاسب مالية، وبالتحديد تخفيض الرسوم. وكما يقول بوجل: “عندما يتعلق الأمر بالتداول، كلما زاد النشاط، أصبحت العوائد أسوأ. أعتقد أن الصناديق التي يتم تداولها في البورصة جيدة، لكن طالما أنك لا تتداولها”.