طلال سلامة
لم تتوقف رؤوس الأموال عن التدفق إلى مصارف سويسرا، على رغم تفكك السرية المصرفية إلى حد بعيد، ومرور الفرنك السويسري بدوامة لم تُعرف نهايتها بعد فضلاً عن خضوع عالم المال لضغوط ضخمة. إذ زادت الثروات التي تديرها المؤسسات المالية السويسرية خلال العام الماضي بنسبة 14 في المئة، لتحتل سويسرا بذلك المرتبة الأولى عالمياً، لجهة قوة تدفق رؤوس الأموال إليها. تلتها بريطانيا والولايات المتحدة وهونغ كونغ. في حين تراجعت مرتبة مصارف باناما وجزر الكاريبي في شكل لافت.
ويعتبر الخبراء أن المصارف السويسرية تدير حالياً 2.1 تريليون دولار، ما يعني أن ثروات هذه المصارف تزداد باطراد عاماً بعد آخر. فيما تدير المصارف البريطانية 1.7 تريليون دولار مع زيادة في تدفق رؤوس الأموال إليها بنسبة 13 في المئة العام الماضي، والأميركية 1.4 تريليون دولار مع ارتفاع في قيمة الأموال الداخلة إلى أسواقها بنسبة 28 في المئة خلال العام الماضي.
واللافت أيضاً، استقطاب مصارف هونغ كونغ 640 بليون دولار أي زيادة نسبتها 142 في المئة عن عام 2013 .
وذكّر المراقبون المصرفيون في مدينة زوريخ، بأن سويسرا تعرضت لنزيف مالي حاد العام الماضي، نتيجة تسوية المخالفات المصرفية مع أميركا وفرنسا التي كلّفت بلايين الدولارات، فضلاً عن تخلي عدد من المصارف الوطنية المهمة عن السرية المصرفية، التي حدت من سلوكيات الزبائن الأجانب وبالتالي أموالهم. لكن في المقابل واصلت المصارف السويسرية توغلها في الأسواق الآسيوية والأميركية الشمالية، التي تساهم في إنتاج المال، ما جعلها قادرة على تعويض الخسائر بالأرباح. صحيح أن المصارف السويسرية الصغيرة والمتوسطة، لم تتخل بالكامل عن السرية المصرفية، لكن المصارف الكبيرة اضطرت إلى ذلك، وإلاّ ستكون أعمالها في الخارج مهددة بالانقراض بفعل ضغوط حكومة واشنطن.
وتُعتبر سنغافورة إلى جانب هونغ كونغ الموجهة إلى الأسواق الصينية، منافسة شرسة أمام سويسرا. إذ زادت رؤوس أموال المصارف السنغافورية بنسبة 25 في المئة العام الماضي، لتصل إلى 450 بليون دولار. علماً أن مصارف سنغافورة الرئيسة هي فرع لـ «يو بي أس» السويسري وآخر تابع لمصرف «كريديه سويس».
أما بالنسبة إلى مصارف باناما وجزر الكاريبي، تراجعت قوة تدفق رؤوس الأموال إليها بنسبة 47 في المئة. وللحفاظ على المركز المالي لسويسرا التي باتت «خزينة» العالم، يجب على الجميع مواجهة تحديات أخرى هذه السنة والنجاح في خوضها، في مقدمها معالجة الفرنك القوي واليورو الضعيف.