المنجي السعيداني
تسعى الحكومة التونسية الجديدة برئاسة الحبيب الصيد إلى استرجاع مستويات الإنتاج القياسية التي يعرفها قطاع مادة الفوسفات في تونس بعد تذبذب مستوى الإنتاج خلال السنوات الأربع الماضية. ويعاني قطاع الفوسفات من تعطل الإنتاج في أكثر من مناسبة نتيجة تعدد الاحتجاجات الاجتماعية وقطع الطريق أمام نقل الفوسفات من مناطق الإنتاج في قفصة إلى مناطق التحويل في قابس. وقد تراجع الإنتاج التونسي من هذه المادة الحيوية إلى حدود 3.77 مليون طن فحسب سنة 2014 بعد أن كان مقدرا بنحو 8 ملايين طن سنة 2010.
وأظهرت بيانات إحصائية إن إنتاج شركة فوسفات قفصة الحكومية، سجل خلال العام الماضي تراجعا بنسبة 60 في المائة، وذلك في مستوى إنتاج لم تعرفه البلاد في السابق. وبلغ حجم إنتاج الفوسفات خلال سنة 2013 مليونين و600 ألف طن من الفوسفات التجاري، أي بانخفاض بنسبة 60 في المائة بالمقارنة مع معدل إنتاج سنوي قارب 8 ملايين طن في العام قبل الثورة مما يجعل تونس إلى جانب المغرب إحدى أهم البلدان المزودة للسوق العالمية بمادة الفوسفات. وتأتي تونس في المرتبة الخامسة عالميا من حيث إنتاج الفوسفات، وقد خسرت عدة أسواق عالمية مهمة على غرار السوق الإيرانية والسوق الهندية نتيجة تذبذب الإنتاج وصعوبة الإيفاء بالاتفاقيات التجارية المبرمة مع عدة بلدات مستهلكة لمادة الفوسفات. وفوت تعطل الإنتاج على تونس خلال الفترة الممتدة بين 2011 و2013 عائدات مالية بقيمة 3 آلاف مليون دينار تونسي (نحو 1500 مليون دولار أميركي)، كما تراجعت حصتها في السوق العالمية للفوسفات من 5.4 في المائة إلى 2.3 في المائة فحسب.
ومرد اهتمام الحكومة التونسية الحالية بقطاع الفوسفات أن قطاع المناجم والفوسفات كان قبل الإطاحة بنظام الرئيس التونسي السابق زين العابدين بن علي يساهم بنحو 9 في المائة من إجمالي عائدات الصادرات التونسية وهي عائدات من العملة الصعبة تؤثر مباشرة على الميزان التجاري الإجمالي.
على صعيد آخر، عرضت الحكومة الحائزة على ثقة البرلمان التونسي خلال نهاية الأسبوع الماضي طريقة عملها في المستقبل وهي وفق ما قدمه الحبيب الصيد الذي يقود التشكيلة الحكومية الجديدة، تتمثل في التنقل إلى كل الولايات – المحافظات – خلال المائة يوم الأولى من عمرها وتقديم تقرير مفصل بشأن اللقاءات في المناطق الفقيرة والمهمشة. كما أكد أن كل وزارة مدعوة خلال عشرة أيام تنتهي نهاية هذا الأسبوع بدراسة ملفاتها العاجلة والاختيار على خمسة ملفات كبرى عاجلة ستمثل محور التدخلات الحكومية المستعجلة. وتبدي الحكومة التونسية انشغالا كبيرا بقطاع الطاقة إذ أن الإنتاج العام من المحروقات لم يغط سوى نسبة 62 في المائة من الحاجيات سنة 2013 وتراجع إلى نسبة 53 في المائة خلال السنة الماضية. وتنتج تونس نحو 57 ألف برميل من النفط حاليا، مقابل إنتاج في حدود 77 ألف برميل سنة 2010 وتمتلك احتياطيا من النفط لا يكفي إلا لـ18 سنة مقبلة.
وارتفع العجز الطاقي في تونس إلى 3 ملايين طن مكافئ نفط، خلال 2014. مما رفع من قيمة الدعم (دعم مباشر بقيمة 2500 مليون دينار في ميزانية 2014)، في حين أن نسبة نجاح عمليات الاستكشاف تنحصر بين 10 و18 في المائة، وهو ما يجعل مهمة البحث عن الطاقات البديلة مفتوحة على مصراعيها لتعويض مصادر الطاقة التقليدية.
كما أفاد رئيس الحكومة أن كل الوزارات ستعتمد على مؤشرات كمية لتقييم العمل الحكومي والتفكير منذ الأشهر الأولى من السنة الحالية في إعداد وثيقة توجيهية لمخطط التنمية الذي سيمتد على الفترة 2016 – 2021. وقال الصيد بأن الحكومة التونسية الحالية ستمكن بعض الجهات الفقيرة من تمييز إيجابي على مستوى برامج الاستثمار والتنمية. وأشار إلى أن تونس تفتقر في الوقت الحالي لمخطط تنمية اقتصادية وهي تعتمد فقط على الميزانية المقررة بشكل سنوي. ووعد بإعداد وثيقة توجيهية خلال ثلاثة أشهر ستمثل برنامج عملها خلال السنوات المقبلة. ومن المنتظر خلال نهاية سنة 2015 تنظيم مؤتمر دولي هدفه البحث عن التمويلات الضرورية لهذا المخطط الخماسي للتنمية.