Site icon IMLebanon

«أبل» : الشركة التي خرجت من مرآب سيارات وغزت العالم


لم يكن ليدر بخلد أي كاتب سيناريو أن ينبثق ابتكار بحجم حاسوب «أبل» من مرآب سيارات. لكن ستيف وزنياك الشريك المؤسس للشركة يروي خلال جلسة حوارية في إطار اليوم الثاني للقمّة الحكومية بدبي، البدايات التي جمعته مع أحد أهم أقطاب الأعمال في الولايات المتحدة ستيف جوبز Steven Paul Jobs الذي أصبح فيما بعد رئيس شركة أبل للحاسوب والبرمجيات.

كان وزنياك يعمل في الورشة حيث توقّف عن دراسته الجامعية. لكن كانت لدى الرجلين اهتمامات تكنولوجية مختلفة، وبخاصة وزنياك الذي كان منشغلاً بفكرة تصنيع حاسوب بسيط وسهل الاستخدام وأقل كلفة مع أنه لم يكن يملك موارد.

لقاء جوبز

عن لقائه جوبز، يقول وزنياك إن جوبز كان حينها مشاركاً في فيلم ويعمل في تصنيع ديناصورات من الطين. في بداية اللقاءات كنا نستمع للموسيقى ونتبادل الكلام العادي، لكننا أدركنا أن بإمكاننا تطوير القواسم المشتركة بيننا.

لكن البدايات لا تبقى على حالها، فالرجلان تمكنا من الحصول على بعض التمويل لفكرتهما المشتركة، وذهبا إلى شركة اتصالات قامت بدورها بتعيين شخصين للعمل معهما. وزنياك يقول عن تلك الفترة «كان ستيف يدير الأعمال من غرفة نومه في المرآب». وعن منهج عبقرية البساطة يلقي وزنياك الضوء على «المرآب» التي تمر على آذاننا بكثير من الاعتيادية، وهي غالباً كذلك، لكنها بالنسبة لمؤسس «أبل» كانت تعني شيئاً آخر.

الناس غالباً ما يحلمون بالأساطير ويحققون كل ما يريدونه عبر التحليق في أحلام اليقظة، لكن جوبز ووزنياك تصرفا كشخصين عاديين. يقول وزنياك «المرآب قرّبنا من الواقع وأدركنا أننا من خلاله سنصل إلى النجاح». وإذ بدأ حياته الإبداعية باكراً، كان يفكر في بعض التوليفات الاختراعية البسيطة، ولم تدغدغ أحلامه أية تصورات عن شركة كبيرة ترخي ظلالها على أطراف العالم كله.

يقول إن مشروعه الاختراعي تم رفضه خمس مرات من جانب العديد من الشركات رغم إشادة المهندسين به، وكان لدى المستثمرين حدس بأن هذه البرمجيات المصغرة سيكون لها مستقبل وستجني الأموال في المستقبل، في حين أن وزنياك ظل مصمّماً ومقتنعاً بما يفكّر ويفعل.

وعندما التقى طموح الرجلين، تحوّل إلى إنجاز سمح لهما ببدء الاعتقاد أن حاسوبهما سيصل إلى كل العالم. استغرقا سنوات في تصميم الألعاب، للوصول إلى فئة عمرية مهمة من الناس، وكذلك تكريساً للقناعة التي بدأت بالتبلور إن ما يفعلاه سيغيّر العالم. وحدث فعلاً أن تحققت المرحلة الأساس وهي إنشاء شركة «أبل».

حادث طائرة

حدث طارئ أبعد وزنياك عن الشركة بعد خمسة أسابيع على إنشائها، إذ تعرّض لحادث طائرة ألزمه البيت لفترة كانت كافية لدفعه لمشروع سبق وأن انقطع عنه، وهو إكمال دراسته الجامعية. يقول «اتصلت بجوبز وقلت له إن هذه فرصتي لكي أعود إلى الجامعة».

وفعلاً، كما يضيف، ذهب إلى الجامعة ولكن باسم مستعار تجنّبا لتداعيات شهرة «أبل»، وفي اليوم التالي ليوم دراسته الأخير، كانت له ولجوبز صورة على الصفحة الأولى لأهم الصحف الأميركية، في حين أن اسمه على الشهادة الجامعية ذلك الاسم المستعار.

لم تطل فترة العودة بين الرجلين لأن جوبز يريد أن يكون رجل الأعمال الأهم في العالم، في حين أن وزنياك رجل تنافسي ويحب خوض التجارب باستمرار. انفصل الرجلان مجدداً، لكن على قاعدة عدم إفساد الود، وهذه بحد ذاتها فضيلة يردّدها آخرون كثيرون بلا تطبيق.

حول العبقرية

سئل متى اكتشف أنك عبقري، فقال: لم أكن أعرف أو أفكر في هذا الأمر، لكن أعتقد أن مجرد التفكير في ابتكار الحاسوب لم يجعلني عبقريا. ربما ما جعلني كذلك هو تفكيري في تصنيع الأشياء الصغيرة والتفكير بشكل عميق.

في الحقيقة لم أفكر كيف أصبح عبقرياً. كنت أعمل في التكنولوجيا بكد وجد وبوتيرة عالية، ومع ذلك كنت أحتاج للراحة، فكنت أجلس مع أصدقائي لكي أنقطع عن التكنولوجيا وأستريح.

دبي المتطورة سريعاً

سئل وزنياك، عن رأيه بدبي التي يزورها للمرة الأولى، ولم يفكّر كثيراً في الرد، ملاحظاً أن دبي تطورت بصورة سريعة وبخاصة على صعيد التكنولوجيا، وأنها شهدت خلال السنوات الأخيرة تطوراً ملحوظاً من حيث اقتناء الأفكار المبدعة في مجال الحوسبة الآلية، لافتاً الى انه من خلال زيارته دبي لأول مرة، لم يتوقع هذا التقدم الهائل في التكنولوجيا الذكية.

بدايات تأسيس الشركة بجمع البيانات

تحدّث الشريك المؤسس لشركة «أبل» للحاسوب والبرمجيات، ستيف وزنياك عن أن بدايات تأسيس الشركة تمثّلت بجمع البيانات بشكل كبير وتحويلها الى برمجيات بسيطة يسهل استخدامها.

وأضاف انه كان يعد البرامج عن طريق هذه البرمجيات البسيطة، ومن ثم انتقل بها لمستوى حل المشكلات التي تواجه الحواسيب العادية وتطويرها، مستخدما في ذلك برامج عدة متعارفا عليها مثل ميكروسوفت وغيرها.

وعن مشاكل التمويل التي عادة ما تواجه هكذا أفكار غامضة في بداياتها، قال إنهما ذهبا، جوبز ووزنياك، إلى شركات عديدة لتمويل مشروعهما ووجدا صعوبة في تقبل الفكرة من جانب تلك الجهات لتمويل مشروع قد يفشل، وبعدها بدآ بالعمل، وكانت الفئة المستهدفة قليلة العدد في بداية الأمر.

وقال إن الأشخاص يبحثون في أكثر الأحيان عن الطرق البسيطة لاستخدام الأجهزة والحواسيب، وكل الذي كان يفكر فيه هو ما يهم الجمهور، متوقّعاً في مرحلة ما من مسيرته أن الحاسوب سيدخل كل بيت في العالم.

وعن شعار «أبل»، وهو التفاحة المقضومة، قال إن الاختيار لم يكن مقصوداً بذاته، بل كان عشوائياً ومن بين خيارات وتصميمات عديدة، حيث قدمت لهم مجموعة من الشعارات والأفكار وتم اختيار هذا الشعار نظرا لإعجابهم به من الناحية الشكلية وبمعزل عن أية دلالات وتفسيرات أو لمضمون ما، لافتاً الى انه لم يتوقع ان يلقى منتج «ابل» في البداية كل هذا الإقبال رغم أن المستثمرين توقعوا ذلك.

وقال وزنياك إنه غير نادم على قراره ببيع حصصه في شركة أبل، معتبراً أن المرء لا ينبغي له أن يندم على التجارب التي يخوضها. وفي نهاية حديثه وجه المسؤولين بدعم طاقات الشباب واستثمارها وتشجيعهم على الابتكارات، وتبني أفكارهم وتوجيههم بالبحث عن الأفضل للوصول إلى الأهداف المتوقعة.