عبد الله مصطفى
أعلنت المفوضية الأوروبية في بروكسل عن صرف 100 مليون يورو للأردن في شكل قروض، وتعتبر هي الشريحة الأولى من برنامج مساعدات بقيمة 180 مليون يورو، وقال بيير موسكوفيتشي المفوض الأوروبي للشؤون النقدية والاقتصادية، إن صرف هذا المبلغ يعتبر إشارة واضحة على التضامن الأوروبي مع الشعب الأردني في ظل التوترات الحالية، ودليلا واضحا على مساعدة الاتحاد الأوروبي لهذا البلد، لمواجهة آثار الأزمات الإقليمية،، وخصوصا أن الأردن شريك مهم للاتحاد الأوروبي، ولهذا «نعمل من أجل دعم الإصلاحات الاقتصادية، وتهيئة الظروف للنمو المستدام وخلق فرص العمل». وقال بيان أوروبي إن المفوضية تواصل مساعدتها للحكومة الأردنية على طريق جهود الإصلاح في القطاعات الرئيسية، بدءا من كفاءة الطاقة، والطاقة المتجددة، وفرص العمل وتنمية القطاع الخاص، وغيرها.
وفي مايو (أيار) الماضي أعلنت المفوضية الأوروبية ببروكسل رسميا عن إنشاء شراكة مع الأردن في مجال التنقل، وبحسب بيان للجهاز التنفيذي للاتحاد، جرى التوقيع على إعلان مشترك في هذا الصدد، على هامش أعمال المجلس الوزاري للداخلية والعدل في لوكسمبورغ، ليضع إطارا للتعاون المستقبلي في مجال الهجرة والتنقل بين الجانبين الأوروبي والأردني، وذلك بحضور مفوضة الشؤون الداخلية وقتها سيسليا مالمستروم، ووزير الخارجية الأردني ناصر جودة، ووزراء شؤون الهجرة في الدول الاثنتي عشرة بالاتحاد الأوروبي التي تشارك في هذه الشراكة، «وهي الدنمارك وقبرص وفرنسا وألمانيا وإيطاليا وبولندا واليونان والمجر والبرتغال والسويد ورومانيا وإسبانيا».
وقالت مالمستروم إنها خطوة هامة نحو مزيد من التعاون بين الاتحاد الأوروبي والدول الأعضاء فيه والأردن، وتهدف الشراكة إلى تحقيق التقارب بين المواطنين الأوروبيين والأردنيين، وتكثيف الجهود لمنع الاتجار بالبشر، ومكافحة أفضل لتهريب المهاجرين. وفي نفس الوقت تمهد الطريق لبدء مفاوضات لتسهيل إجراءات إصدار تأشيرات شنغن الأوروبية للمواطنين في الأردن، وأيضا دعم جهود الأردن لتوفير الاستقرار واستقبال اللاجئين في المنطقة.
ويعتبر الأردن ثالث دولة عربية بعد المغرب وتونس توقع على مثل هذا الاتفاق مع الجانب الأوروبي، وبحسب المفوضية الأوروبية فإن الاتفاقية تهدف إلى تسهيل حركة المواطنين بين الدول المشاركة فيها لتعزيز إدارة مشتركة ومسؤولة لتدفقات الهجرة، بما في ذلك تبسيط إجراءات منح التأشيرة.
وفي مارس (آذار) من العام الماضي وقع الاتحاد الأوروبي على اتفاقية مع الأردن تقضي بمنح الحكومة الأردنية مساعدة مالية بقيمة 180 مليون يورو. وقالت المفوضية الأوروبية إنه منذ الربيع العربي تلقى الاقتصاد الأردني عدة صدمات خارجية، بما في ذلك الاضطرابات المتكررة وأيضا توقف إمدادات الغاز الطبيعي المصري بسبب الهجمات الإرهابية على خط أنابيب شبه جزيرة سيناء، وأيضا بسبب التوترات الإقليمية ومنها الصراع السوري وزيادة أسعار النفط والركود الاقتصادي العالمي، وقال الجهاز التنفيذي للاتحاد الأوروبي إن كل هذه العوامل شكلت عبئا ثقيلا على الأردن وتسببت في تباطؤ النمو، وفي وقت كانت المالية العامة تتعرض لضغوط نتيجة الأزمة المستمرة في سوريا وأدت إلى تدفق أعداد كبيرة من اللاجئين إلى الأردن فاقت نصف مليون شخص، مما أدى إلى زيادة الإنفاق على الأمن الاجتماعي.
وبناء على هذه الخلفية وافق صندوق النقد الدولي في أغسطس (آب) 2012 على تقديم مساعدة إلى الأردن بقيمة مليارَي دولار لدعم برنامج الإصلاح الاقتصادي للحكومة، وفي نفس الوقت طلب الأردن مساعدة من الاتحاد الأوروبي في ديسمبر (كانون الأول) 2012، واعتمدت المفوضية الأوروبية في أبريل (نيسان) من عام 2013 تقديم مساعدة بقيمة 180 مليون يورو في شكل قرض متوسط الأجل، ووافق عليه البرلمان الأوروبي في نهاية العام نفسه، وأنهت المفوضية مفاوضات مع الأردن حول اتفاقية بشأن القرض وأقرتها الدول الأعضاء في 4 مارس من العام الماضي.
وجرى توقيع الاتفاقية في حضور أولي ريهن مفوض الشؤون النقدية والاقتصادية وقتها وأمية طوقان وزير المالية الأردني، وأيضا بحضور رئيس المصرف المركزي الأردني زياد فارس، وفي مؤتمر صحفي عقب التوقيع قال ريهن إنها مساعدة أوروبية للأردن على تجاوز التأثير الشديد للأزمة الاقتصادية والأوضاع الإقليمية، «ونحن ندعم الجهود المستمرة نحو تحقيق استقرار اقتصادي كلي، وهذه المساعدة تساهم في تخفيف قيود التمويل ودعم الإصلاحات الاقتصادية في الأردن من أجل تحسين الظروف المعيشية»، مشيرا إلى وجود تفكير أوروبي أردني لبدء المحادثات حول اتفاق للتجارة الحرة بين الطرفين.
من جانبه قال طوقان إن الأردن يتعرض لضغوط بسبب الأزمة السورية والوضع في مصر وتأثيراتهما الاقتصادية على عمان، مشيرا إلى خطوات الأردن على طريق الإصلاحات السياسية وتعديل الدستور واتخاذ خطوات أخرى لتحسين الشفافية والحكم الرشيد وحرية التعبير.
وفي أواخر فبراير (شباط) 2014 قالت المفوضية الأوروبية ببروكسل إن استمرار الاضطرابات والصراعات في منطقة حوض المتوسط، يجعل من التعاون والحوار بين ضفتي المتوسط أكثر أهمية من أي وقت مضى، وذلك من أجل ضمان مستقبل أفضل. ومن خلال بيان وزع في بروكسل، قال ستيفان فولي مفوض شؤون سياسة الجوار الأوروبية: «إن تغييرات عميقة وتحديات اقتصادية هائلة حدثت على ضفتي المتوسط، مما يجعل هناك حاجة ملحة لتوحيد القوى، وتبادل الخبرات وأفضل الممارسات، وتعزيز العزم على التصدي للقضايا الملحة، التي هي مفتاح لمستقبل شعوبنا».
ونقل البيان كلمة فولي أمام اجتماع وزراء الصناعة في دول الشراكة الأورومتوسطي الذي انعقد ببروكسل، وخلال كلمته قال فولي إن السنوات الأخيرة عرفت تباطؤ النمو الاقتصادي في معظم بلدان حوض المتوسط سواء من دول الاتحاد الأوروبي أو دول الجنوب الشريكة، ورافق ذلك ارتفاع العجز المالي والتضخم المتزايد وارتفاع معدلات البطالة، أي أن التحدي واحد وهو التحدي الاقتصادي، كما أن تحقيق نمو اقتصادي أعلى وأكثر شمولا واستدامة هو أمر حاسم لنجاح عملية الانتقال السياسي التي شرعت فيها عدة دول شريكة في جنوب المتوسط.
وأشار المسؤول الأوروبي إلى أن هناك إجماعا واسع النطاق في ما يتعلق بالمطلوب لمعالجة هذا الوضع، وفي مقدمة هذا اتخاذ تدابير لتعزيز الاستثمار الخاص، وهذا يعني تحسين بيئة الأعمال ولا سيما من خلال إصلاح الإدارات العامة والحد من الأعباء الإدارية للشركات وخلق نظام للاستثمار أكثر شفافية وانفتاحا لكل من المستثمرين المحليين والأجانب، وتعزيز مؤسسات السوق والإدارة الاقتصادية الجيدة، هذا إلى جانب ضرورة دعم الروابط التجارية والاستثمارية بين ضفتي المتوسط وتحفيز التنمية في قطاعات المشروعات الصغيرة والمتوسطة المبتكرة ذات القيمة المضافة ورفع مستوى المهارات، وخصوصا للشباب وتسهيل التجارة والحصول على التمويل، وأيضا المشاركة الكاملة للمرأة في الديناميات الاجتماعية والاقتصادية وإمكانية وصولهم الكامل إلى سوق العمل، وأهمية ذلك لتحقيق التنمية الاقتصادية.
وشدد المسؤول الأوروبي خلال الاجتماع الوزاري على أن الإجراءات أهم من التصريحات وأن الاتحاد الأوروبي على استعداد لتوفير الخبرة الكبيرة والدعم المالي لمساعدة الحكومات على إجراء الإصلاحات المطلوبة. ونوه فولي بأن هناك قناعة أوروبية بأن التجارة والاستثمار من أهم المصادر لخلق فرص العمل والابتكار والتقدم التكنولوجي، وفي هذا الصدد سيتم دعم التنويع الاقتصادي والنمو المستدام، وتحقيقا لهذه الغاية يعمل الاتحاد الأوروبي على إبرام اتفاقات تكامل اقتصادي أو ما يسمى التعميق الشامل لمناطق تجارة حرة مع كل من مصر والأردن وتونس والمغرب، وهدفهم هو ضمان التكامل الاقتصادي التدريجي إلى السوق الأوروبية.
ولمح إلى أن الحوافز للاستثمارات تكون أكبر إذا كانت الفرص المتاحة في السوق أوسع، وفي نفس الوقت علينا أن ندرك أن تحرير التجارة والاستثمار هو عملية معقدة يمكن أن يترتب عليها تكاليف التكيف على المستوى القصير، وهذا هو السبب في أن الاتحاد الأوروبي يحرص على تسهيل الاستثمار وتحفيز تنمية القطاع الخاص، وقدم منذ 2011 أكثر من 800 مليون يورو من المساعدات الثنائية لدعم الموازنات والمساعدة التقنية نحو سياسات للنمو الشامل في المنطقة، وهي تشمل برامج لدعم التنمية الريفية والشركات الصغيرة والمتوسطة والبحث والابتكار والتجارة وتعزيز السوق المحلية وخلق فرص العمل وتوليد الدخل للفقراء والإدارة الاقتصادية والإدارة المالية العامة، إلى جانب تقديم الدعم الكبير لإصلاح قطاعي التدريب والتعليم المهني مع التركيز على توظيف النساء. هذا إلى جانب المليارات التي قدمت من خلال المؤسسات المالية الأوروبية لدعم مشروعات في جنوب المتوسط وأيضا في صورة قروض.
واختتم بالقول إن التحديات كبيرة، ولكن هناك قناعة بأن في المنطقة إمكانات هائلة، والمفتاح للنجاح هو الاستمرار في شراكتنا من أجل الإصلاح والتحديث، وبطبيعة الحال فإن المسؤولية عن الإصلاحات تقع على الحكومات، كما أن الحوار وتوثيق التعاون الإقليمي يمكن أن يساهم بشكل مفيد في تحقيق هدف النمو بشكل أكثر شمولية واستدامة.