Site icon IMLebanon

لبنان يضيف «المياه العذبة» الى ثرواته البحرية بعد النفط والغاز

رائد الخطيب
أقل من مدة سنتين هو ما يحتاجه لبنان لاستخراج ثروة بحرية جديدة تضاف الى جملة الثروات التي يختزنها الشاطئ اللبناني.

فالى الثروة النفطية والغازية، تمَّ الكشف عن ثروة من المياه العذبة تكاد تكون بمليارات الأمتار المكعبة. وهو ما تكشفه المراسلات التي تمت بين مجلس الوزراء والمجلس الوطني للبحوث العلمية الذي كلف باجراء مسح لمياه الينابيع البحرية. إلا أنَّ التكليفات صدرت نهايات العام الماضي، علما ان الجهود التي يحتاجها استخراج المياه العذبة لا تقل عن سنتين. وبحسب الخبراء، فإنَّ هذا الاكتشاف سيمنع أولاً مسألة الشح التي عاناها لبنان العام الماضي، كما سيتمكن لبنان ثانيا من تحقيق ثروة مالية.

على أيِّ حال، فإنَّ لبنان لا يقوم منفرداً بعمليات المسح للمياه. بل هناك تعاون لبناني-يوناني ولا سيما مع شركة «BETERSON WATER INTERNATIONAL«، وهو تعاون انتج تأكيد اختزان الشاطئ اللبناني للمياه العذبة. إلا أنَّ المجلس الوطني للبحوث كان قد لفت الى أهمية مراعاة الآتي:

-اجراء مسح بحري للمناطق الواعدة على طول الشاطئ اللبناني خلال عام كامل (فصل الأمطار والربيع والصيف) وتحديد نوعية وتدفق الينابيع البحرية.

-تثبيت عدد من الأجهزة المختصة (CTD) في قعر المناطق المؤهلة لفترة طويلة بهدف تحديد التغيرات الموسمية وجدوى هذه العملية.

ويبقى الأهم، وهو دراسة التكاليف التي تتطلب عمليات المسح القائمة.

هذا المضوع كان بالامس محور ورشة انطلقت في مجلس النواب هي الأولى من نوعها نظمتها لجنة الاشغال العامة والنقل والطاقة والمياه، تحت عنوان «المياه العذبة في البحر». ترأس الورشة النائب محمد قباني، وحضرها النواب: نبيل نقولا، مروان حمادة، فادي الاعور، جمال الجراح، بدر ونوس، الوليد سكرية، عاصم قانصوه، ياسين جابر، علي فياض، علي عمار، حكمت ديب، نضال طعمة، هنري حلو وخالد زهرمان.

في كلمته، لفت قباني الى أهمية استخراج المياه العذبة من البحر والذي «لم يكن يمكن تصديقه سابقا، حيث كان الحديث نظرياً، أما اليوم فتبدل الحال مع تقدم البحوث، مستشهداً بالتجربة اليونانية ولا سيما في منطقة كيفالي.

وقال آدي عريضة من شركة «BETERSON WATER INTERNATIONAL«، اليونانية، إن شركته تتمتع بفرادتها على هذا الصعيد عالمياً، لجهة البحث عن المياه العذبة في البحار، لافتاً الى أن الشركة استطاعت انجاز الكثير على الدول المتشاطئة متوسطياً. واوضح ان شركته قامت بعمليات بحث على طول الشاطئ اللبناني في طرابلس والبترون وشكا والناقورة، بالتعاون مع وزارة الطاقة، مشدداً على أهمية المياه العذبة في بحر صور المختزن منذ عهد الفينيقيين.

أما نيكولاس هارت من شركة « BETERSON«، فتحدث عن آلاف الأمتار المكعبة من المياه العذبة في المياه البحرية اللبنانية.

أما الخبير في مجال المياه، ايفانغيوس بيساس، فتناول أهمية المياه العذبة في البحار، لافتاً الى ازدياد الطلب عليه. وهو امر يتطلب تطوير التشريعات والأنظمة المائية، والتي يمكن أن تحقق وفراً ماليا، لكن العملية كانت معقدة سابقاً على صعيد السدود البحرية والتقنيات المطلوبة. الا ان هذه العملية باتت اسهل اليوم مع التطورات التكنولوجية الراهنة.

وقال هاني عكاوي من شركة «C.C.C«، إن شركته قامت بأعمال كثيرة في مياه غزة بحثاً عن المياه العذبة، «ولا شيء يمنع من القيام بهذه العمليات على الشاطئ اللبناني، من أجل تغطية الشح الذي يعانيه لبنان على هذا الصعيد«.

ولفت الى ان قيمة مشروع استخراج المياه العذبة ليس بمئات ملايين الدولارات، بل أقل من ذلك بكثير. والأهم هو وضع الدراسات التي تبين امكان الاستفادة من المياه، وبالتالي الحفاظ على مصادر المياه الاخرى التي تنبع في العادة من الجبال، لافتاً الى أن العمل على الساحل اللبناني الذي يمتد على طول 200 كيلومتر سهل، نظراً الى الطبيعة الجغرافية السهلة والبنية التحتية للشبكات على طول الشاطئ، وبالتالي فإن معظم التكاليف ستكون محصورة بدراسة تجمعات المياه الحلوة في البحر.

وقال عكاوي «من الممكن الافادة من الشراكة بين القطاعين العام والخاص في هذا المجال، ولكن لا بد من ايجاد خارطة طريق للبدء بهذه العمليات«، معلناً استعداد الشركة للقيام بهذه الأعمال.

الغطاس اللبناني الشهير كريستيان فرانسيس، كشف عن تجربته في الغطس في مياه صور وشكا، للبحث عن المياه العذبة، لافتاً الى الاختلاف بين كثافتي المياه العذبة والمالحة، لافتاً الى أهمية النبع المكتشف أمام شواطئ شكا والذي ينبع بشكل مستمر source 2.

أما بيار خلف من مجلس البحوث العلمي، فأكد أهمية النبعين المائيين في شكا، ولا سيما source 2، الذي لا يبعد عن الشاطئ أكثر من 200 متر، فيما source 12 يبعد نحو 1800 متر عن الشاطئ. وقال إن الدراسات تحتاج نحو 18 شهراً لاكمالها، وبالطبع الأمر يتطلب شركات متخصصة.

وأشار المدير العام للموارد المائية فادي قمير، الى أنَّ الخطة المائية التي أقرت خلال العام 1999، قد أدرجت موضوع الينابيع البحرية غير التقليدية ضمنها، لافتاً الى أنَّ الغرض منها تأمين الحصول على المياه حتى العام 2030، أي الى حين اكمال خطة السدود والبحيرات. وقال إنّ دراسات قد أجريت عقب زيارات ميدانية الى الساحل اللبناني، وتبين أنه من بيروت الى أنفة يوجد ما لا يقل عن 40 نبعاً، ومن بيروت الى الجنوب نحو 20 نبعاً. ولفت الى أنَّ عملية البحث عن المياه غير التقليدية بدأت منذ العام 1972، وحتى العام 1999، لتستأنف مجدداً في العام 2001 الى العام 2007، حيث خلصت الدراسات الى وجود ينابيع بحرية يمكن استخدامها ضمن الخطة العشرية، ولفت الى أنه في العام 2011 انطلقت مجدداً عمليات البحث، ولا سيما في منطقتي شكا والناقورة. وقد وضعت وزارة الطاقة دفتر شروط من أجل هذا الغرض، وخلال عهد الوزير الحالي للمياه آرتيور نظريان أي في العام 2014، تبين أنه لا يمكن استخراج المياه غير التقليدية من البحار إلا بعد انتهاء الدراسات والكشف عن المنشآت التي تحتاجها بالاضافة الى طبيعة المياه لجهة الجودة والملوحة فيها. وبالطبع، فان هذا يتطلب مدة زمنية قد لا تقل من الآن عن سنة ونصف السنة، لمعرفة التقنيات والاتيان بالمياه الى الشواطئ اللبنانية، ولأي غرض يمكن استعمالها اي في الزراعة ام الصناعة ام للري أو الشرب، وقد رفع كتاب من وزارة الطاقة في 29-11-2014 تمنى فيه على المجلس الوطني للبحوث إجراء مسح بحري كامل للشاطئ اللبناني.

إلى ذلك، التقى رئيس مجلس النواب نبيه بري في عين التينة، أمس، وفدا من المشاركين في ورشة العمل حول المياه العذبة في الشواطئ اللبنانية، ضم كلا من قباني وجابر وفياض، ووفد الخبراء الاوروبي.

كذلك التقى رئيس الحكومة تمام سلام في السرايا الوفد، وجرى البحث في متابعة توصيات المؤتمر المتخصص بموضوع الموارد المائية الذي انعقد العام الماضي.