IMLebanon

«فرق الأسعار» يزيد الضغط على مستودعات النفط

OilPrices3

جريجوري ماير وإد كروكس

أي شخص يسعى إلى فهم انخفاض أسعار النفط ينبغي أن يُراقب ما يحدث في كاشينج في ولاية أوكلاهوما.

هذه المدينة الصغيرة بعدد سكانها البالغ 7900 نسمة، هي أيضاً موطن صهاريج واسعة بما فيه الكافية لتخزين 70.8 مليون برميل من النفط الخام، بحسب أحدث حسابات الحكومة. ارتفع مخزون النفط هناك إلى الضعف منذ تشرين الأول (أكتوبر) ليصبح 41.3 مليون برميل – وهذا يشكل عُشر المخزونات التجارية في الولايات المتحدة. ألان سوانسون، كبير الإداريين الماليين في شركة الصهاريج “بلينز آول أمريكان بايبلاين”، أخبر محللين الأسبوع الماضي، أنها خلال “أسابيع قليلة ستكون ممتلئة بالكامل”.

ارتفاع معدل الإشغال في مدينة كاشينج يُظهر مدى حجم العرض الذي تجاوز الطلب حتى مع سعر يبلغ 52 دولارا للبرميل من النفط الخام في الولايات المتحدة. ومع استمرار ازدهار الإنتاج في أمريكا الشمالية، يتم تخزين النفط في صهاريج في أماكن مثل مدينة كاشينج، وساحل خليج تكساس، وهارديستي في ألبيرتا. لكن يتم مراقبة كاشينج من كثب أكثر، على اعتبار أنها نقطة التسليم للعقود الآجلة لنفط غرب تكساس الوسيط، المعيار المُستخدم من قِبل شركات النفط، وشركات الطيران، والمصارف، وصناديق التحوّط، وشركات إدارة الأصول.

وأسواق العقود الآجلة هي علامة على حالة العرض الزائد. ويوم الجمعة الماضي استقر خام غرب تكساس المتوسط تسليم آذار (مارس) المقبل في كاشينج عند 51.69 دولار. والنوع نفسه تسليم آذار (مارس) 2016 كان بسعر 61.63 دولار للبرميل. هذا النوع من المنحنى التصاعدي المائل يُسمى “الفرق العلوي للأسعار”، وهو مصطلح يستخدمه متداولو السلع الأساسية عندما تكون أسعار تسليم العقود الآجلة أعلى مما هي في السوق الفورية.

المسافة الزمنية في فرق الأسعار تشير إلى أن السوق تعتقد أن هناك كثيرا من النفط الموجود حالياً وليست هناك حاجة إلى زيادة العرض. لكنها تعد علامة على الظروف الحالية أكثر من كونها تنبؤا بمستقبل الأسعار. ومن الأمثلة على ذلك أن المرة الأخيرة التي سجل فيها هذا الفرق العلوي لخام غرب تكساس المتوسط لمدة عام واحد أكثر من عشرة دولارات كانت في شباط (فبراير) 2011 – تماماً قبل أن تؤدي الاضطرابات في ليبيا إلى زيادة سعر النفط الخام ليُصبح أكثر من 100 دولار للبرميل. وفي غضون بضعة أشهر، كانت البلدان الغربية تشعر بالقلق بما فيه الكفاية لتلجأ إلى عملية سحب نادرة من مخزونات نفط الطوارئ.

من الناحية النظرية، المخزونات الكبيرة ينبغي أن تعمل أيضاً على إحباط التقلّب من خلال جعْل عمليات الشراء بسبب الخوف لا لزوم لها. وحتى الآن، العكس هو الحال مع التماس المتداولين القلقين إجابات فيما يتعلق بالإنتاج والطلب. والتقلّب الضمني بسبب أسعار الخيارات على العقود الآجلة لخام غرب تكساس المتوسط هو الأعلى منذ بداية الأزمة الليبية. وفي الأسبوع الماضي ارتفعت العقود الآجلة بنسبة 7 في المائة في يوم واحد، فقط لتنخفض 9 في المائة في اليوم التالي.

الفاصل الزمني في الفرق العلوي للأسعار يمنح الشركات التي لديها الوسائل لتخزين النفط حافزاً للقيام بذلك. ولأن عقود تأجير الصهاريج الشهرية في كاشينج الآن أقل من 50 سنتا للبرميل، ومع انخفاض تكلفة التمويل، بإمكان التجّار شراء النفط الخام وإغلاقه بسعر بيع أعلى بواقع عشرة دولارات، والحصول على صافي أرباح التكاليف.

لورنس إيجيلز، رئيس قسم تحليلات النفط الخام في أمريكا الشمالية والعالم لدى “بريتش بتروليوم”، قال في مؤتمر الشهر الماضي: “عندما تنظر إلى كل من السعر الثابت وفروق الأسعار نتيجة التأجيل، فهي تبدو إلى حد كبير مؤشرات للشيء نفسه. إذا كان لديك الكثير من النفط سيكون عليك خلق ظروف يمكنك معها تخزين بعض ذلك النفط. لذلك أنت تحصل على هيكلة التأجيل”.

كثيرون يعتقدون أن الفارق العلوي للأسعار سيستمر، وربما يُصبح أعمق، ما يجلب مزيدا من البراميل إلى مدينة كوشنيج وغيرها من مراكز التخزين.

وفي أنحاء الولايات المتحدة كافة تضخمت مخزونات النفط الخام التجارية بمعدل مليون برميل يومياً خلال الشهر الماضي – تقريباً ما يُعادل الناتج اليومي في ولاية داكوتا الشمالية أو الجزائر. بمقدار 413.1 مليون برميل، أصبح المخزون الأمريكي الآن هو الأكثر في مثل هذا الوقت من العام منذ الكساد العظيم.

وبحسب أحد تجّار النفط الخام الفعلي في تكساس: “جميع المستودعات المتوافرة بدأت تمتلئ إلى حد كبير”. وأضاف: “عليك وضع النفط في عبوات بواقع خمسة جالونات، لأنه سيُصبح ذا قيمة أعلى في الشهر المقبل”.

شركة بلينز التي تملك 20 مليون من سعة الصهاريج في مدينة كوشنيج وتقوم بتداول بعضه لحسابها الخاص، تقول إن هناك فرصا للتخزين في أنحاء أمريكا الشمالية كافة.

جريج آرمسترونج، الرئيس التنفيذي للشركة، أخبر المحللين أن “التأجيل، كما هو متوقع، ليس في مدينة كوشنيج فحسب. نحن قادرون على الوصول إليه في أجزاء أخرى من الولايات المتحدة وكندا”.

وأضاف: “بمجرد أن نصل إلى مرحلة التأجيل الكامل، قد تبقى هناك مدة أطول مما نعتقد، إلا إذا خرجت السعودية بطبيعة الحال في الأول من تموز (يوليو) لتقول إنها ستعمل على تخفيض الإنتاج بكميات كبيرة”.

مايكل بالمر، نائب الرئيس الأول للعرض في مجموعة التكرير “ماراثون بتروليوم”، قال إن سوق النفط التي فيها زيادة في العرض “بالتأكيد يبدو أنها معنا خلال النصف الأول من هذا العام”، ما يعني أن الفرق العلوي الحاد في الأسعار سيستمر حتى تلك الفترة. وأضاف: “في الوقت الذي تعود فيه الأمور إلى التوازن في النصف الثاني من العام، عندها أعتقد أن هوامش الفرق العلوي للأسعار سوف تتراجع”.