فولفجانج مونشاو
حقق أول أسبوعين بعد فوز حزب سيريزا في الانتخابات اليونانية التأثير المخيف الذي كنّا نخشاه، حيث تحوّل الجمهور المُتشكك من شمال أوروبا إلى جمهور عدائي.
كان رفض يانيس فاروفاكيس وزير مالية اليونان الجديد، من جانب واحد لطرح مجموعة الترويكا – المختصين التكنوقراط الذين يشرفون على السياسة الاقتصادية في اليونان، قضية الساعة. كما تابعنا باستغراب كيف أحدثت جولته الأوروبية صدى كبيراً، وكأنه أحد نجوم الروك.
ورأيناه يدخل اجتماعاً مع مديري صناديق التحوّط في لندن ويتباهى خارج مقر رئاسة الوزارة في لندن. بحلول الوقت الذي وصل فيه إلى برلين يوم الخميس، كان الساسة الألمان ووسائل الإعلام أكثر عدائية من أي وقت مضى. وبحلول يوم الجمعة، وجدت أثينا نفسها معزولة في اجتماع للمسؤولين الماليين في بروكسل.
من الناحية السياسية، بات الوضع الآن سيئاً كما كان في عام 2010، عندما بدأت أزمة الديون اليونانية. لقد كان أسبوعاً كارثياً تماماً للدبلوماسية الاقتصادية. كل ما يفصلنا عن خروج اليونان من منطقة اليورو، هو بضعة أسابيع أخرى عقب هذا الأسبوع.
لم يبق لدى اليونان ودائنيها الأوروبيين سوى بضعة أيام لتحديد كيف يمكن تجاوز البلاد الأشهر الأربعة المقبلة. يجب أن يتفق وزراء المالية في أوروبا على تسوية في الاجتماع المُقرر عقده يوم الأربعاء، إذا أرادوا وضع الأموال لتغطية التزامات الإنفاق الحكومية بحلول شهر آذار (مارس).
عندما يحدث هذا، ستبدأ أثينا ودائنوها بالحديث عن الأمور المهمة فعلاً – مثل مستقبل الاقتصاد اليوناني.
بفضل قرار البنك المركزي الأوروبي الأسبوع الماضي لزيادة سقف الحصول على السيولة في حالات الطوارئ، سيكون النظام المصرفي اليونان محميا حتى ذلك الحين – وإن لم يكُن لفترة أطول بكثير. وهذا يجعل مسألة التمويل قصير الأجل باعتبارها الأولوية الرئيسية.
من حيث الأساس فإن فاروفاكيس لديه أربعة خيارات أو مزيج منها. كل واحد منها يلقى معارضة على الأقل من واحدة من الجهات الفاعلة في هذه الدراما.
الخيار الأول هو تمديد البرنامج القائم. وهذا قد يكون الأسهل إجرائياً من جميع الخيارات، ومقبولاً لدى الجميع – باستثناء الحكومة اليونانية. لقد استبعد فاروفاكيس بالفعل هذا الخيار، لأن حزب سيريزا فاز بالانتخابات على وعد عدم القيام بهذا الأمر بالتحديد.
يقول بعض الناس إنه قد يكون مخادعاً. قد ينتهي به الأمر بالموافقة على الإصلاحات والمعاناة من إذلال جماعة الترويكا المكروهة، الذي سينزل على أثينا مرة أخرى. التنازل الوحيد: سلسلة من أسماء جديدة محبوبة. راقبوا العبارات المُلطّفة التي تُصبح فيها البرامج عقوداً، والترويكا تتحوّل إلى هيئة استشارية، والتقشف يُصبح مثل تدعيم صديق للنمو. أغلب ظني أن فاروفاكيس لن يتراجع. وحتى لو وافق على ذلك، فإن البرلمان اليوناني قد لا يفعل.
الخيار الثاني يُعتبر أكثر جاذبية بالنسبة إليه. قد يُطالب، بشكل معقول، أن يصدر البنك المركزي الأوروبي مدفوعات الفائدة والأرباح من عمليات شراء السندات الحكومية اليونانية خلال الأزمة.
هذه الأموال معلقة حالياً، لكن حتى لو تم إصدارها، هذا لن يكون كافياً. سيكون فاروفاكيس أيضاً بحاجة إلى أن يطلب من وزراء المالية الأوروبيين الموافقة على رفع سقف سندات الخزانة، التي تستطيع الحكومة اليونانية إصدارها. لقد تم فرض ذلك حتى لا تصدر أثينا الكثير من السندات خلال عملية الإنقاذ. في حال لم تقبل اليونان برنامجاً جديداً، فلا يُمكن اعتبار الرفع أمراً مفروغاً منه.
الخيار الثالث هو ببساطة العثور على الأموال في أماكن أخرى، لكن ليس هناك الكثير من المصادر المُتاحة. أشارت موسكو إلى استعدادها من حيث المبدأ للمساعدة، ومن الواضح أن دافعها ليس بسبب الرحمة الإنسانية، فالأموال الروسية ستكون بتكلفة سياسية كبيرة بالنسبة لليونان. حتى بالنسبة لحكومة حزب سيريزا، هذا ليس بالخيار المُفضّل، على الأقل في الوقت الراهن.
الخيار الرابع هو إصدار عملة موازية، يمكن استخدامها محلياً فقط، لتمويل الإنفاق الحكومي – في الأساس على شكل سندات. هذا من شأنه أن يكون الخيار الأكثر تطرفاً، لكنه قد يُعالج مشكلة التمويل. حيث يُمكن تفسيره بسهولة على أنه الخطوة الأولية لخروج اليونان من الاتحاد – مغادرة اليورو – أو حتى مثل خروج فعلي من الاتحاد. ما هو معنى العملة الموحّدة عندما تكون لديك عملتان؟
مهما كان تأمين التمويل قصير الأجل صعباً، فهو لا شيء مقارنة بمحادثات الديون الكبيرة، التي تنتظر الأطراف في المرحلة المقبلة. أنا لا أرى أي تخفيض للديون، ومجرد نطاق هامشي للتخفيف من أي نوع في المالية العامة.
المعارضة الأكبر لن تأتي من ألمانيا بل من البلدان الطرفية الأخرى، مثل البرتغال، التي لم تتمرد على مجموعة الترويكا. هناك لحظة من الحقيقة تقترب في أزمة منطقة اليورو – لكن ليس تماماً هذا الأسبوع.