Site icon IMLebanon

انخفاض أسعار النفط سيف ذو حدّين للاقتصاد اللبناني

MoneyDollarsOil
أظهر تقرير بنك عودة الاقتصادي عن العام 2014 تحسناً في بعض المؤشرات الاقتصادية ومنها القطاع العقاري الذي زادت قيمة مبيعاته بحوالي 700 مليون دولار بما نسبته 4.8 في المئة مقارنة مع العام 2013.
كما أظهر التقرير مناعة مستدامة في بعض القطاعات، لا سيما القطاع المصرفي الذي سجل نمواً بنسبة 6 في المئة ملاحظاً تزايدا في الاموال الخاصة للقطاع بلغت أعلى مستوياتها بنسبة 8.6 في المئة. في حين زادت التسليفات المصرفية للقطاعات بنسبة 7.4 في المئة. اما نسبة الملاءة في القطاع المصرفي فقد سجلت حوالي 14 في المئة وهي أعلى من المعدلات المطلوبة وفقاً لمعايير بازل.
بالنسبة إلى الرساميل الوافدة فقد سجلت خلال العام 2014 ما مجموعه 16 مليار دولار بتراجع بسيط عن العام 2013 بحدود 2.4 في المئة. كما سجل ميزان المدفوعات عجزاً قيمته حوالي 1408 ملايين دولار على الرغم من تقلص عجز الميزان التجاري الى حوالي 17.2 مليار دولار وبنسبة كبيرة عن العام 2013. وكذلك تراجع المستوردات اللبنانية خلال العام المذكور وتراجع الصادرات حوالي 15.8 في المئة على أساس سنوي.
ويقدر التقرير معدل التضخم للعام 2014 بحوالي 3.5 في المئة. ويقدر حجم الناتج المحلي بحوالي 47 ملياراً يقدر أن يصل إلى حوالي 50 مليار دولار بناء لتقديرات االنمو خلال العامين 2012 و2013 ومن ثم 2014.
بالنسبة إلى وضع المالية العامة يشير التقرير إلى تحسن الإيرادات والعائدات الضريبية وتراجع العجز بشكل جيد، لكنه ما زال مرتفعاً. أما الدين العام فقد بلغ في نهاية العام ما مجموعه حوالي 66.6 مليار دولار بنمو قدره حوالي 5.3 في المئة (مع العلم أن الدين الداخلي ارتفع أكثر من 10.2 في المئة خلال العام 2014 مقابل حوالي 1.5 للدين الخارجي).
وهنا اهم ما جاء في التقرير:
خلال العام 2014، شهد الاقتصاد اللبناني تحسناً نسبياً في الأداء، وإن بقي دون القدرة الفعلية على تسجيل المستوى المرجو منه وذلك في خضم استمرار التلبّد الإقليمي وتداعياته المباشرة على الساحة المحلية. عليه، من المقدر أن يكون النمو الاقتصادي الفعلي قد سجل بعض التحسن في العام 2014 ولكنه بقي متواضعاً نسبياً، كما يشير إليه نمو متوسط المؤشر الاقتصادي العام الصادر عن مصرف لبنان والذي بلغت نسبته 2.7 في المئة في الأشهر الأحد عشر الأولى من العام 2014، ما يعكس الأداء الوسطي لأهم مؤشرات القطاع الحقيقي والتي شهدت أغلبها ارتفاعات صافية خلال العام الماضي.
يجدر الذكر أن الإحصاءات الوطنية الرسمية لعامي 2012 و2013 والتي صدرت مؤخراً قد أشارت إلى نمو في الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي بنسبة 2.8 في المئة في العام 2012 وبنسبة 3.0 في المئة في العام 2013، ما يتجاوز التقديرات الأولية السابقة. إن معدلات النمو تلك تعدّ معتدلة ومقبولة نظراً إلى تداعيات الأزمة السورية على الاقتصاد الحقيقي في لبنان. في هذا السياق، بلغ الناتج المحلي الإجمالي 47.2 مليار دولار في العام 2013 ومن المقدر أن يكون قد تجاوز عتبة الـ50 مليار دولار في العام 2014.
على الصعيد النقدي، شهدت سوق القطع في لبنان مزيداً من المناعة خلال العام الماضي، بحيث بلغت احتياطيات مصرف لبنان مستوى قياسياً مرتفعاً بالقيم المطلقة لتغطي ما يقارب نسبة 80 في المئة من الكتلة النقدية بالليرة و22 شهراً من الاستيراد. فقد نمت الموجودات الخارجية لدى مصرف لبنان من 35.3 مليار دولار في نهاية العام 2013 إلى 37.9 مليار دولار في نهاية العام 2014. ومع احتساب احتياطيات الذهب التي بلغت قيمتها 11.0 مليار دولار في نهاية العام 2014، تتجاوز الموجودات الخارجية الإجمالية لمصرف لبنان حجم الكتلة النقدية بالليرة. في المقابل، سجل ميزان المدفوعات خلال العام 2014 عجزاً بقيمة 1.4 مليار دولار، عقب عجز بقيمة 1.1 مليار دولار في العام 2013، علماً أن حركة الرساميل الوافدة سجلت مستوى جيداً قدره 16 مليار دولار خلال العام الماضي. بموازاة ذلك، ظل معدل التضخم في خانة الاحتواء مع أحد أدنى مستوياته خلال العقد الماضي، حيث يقدر بنسبة 3.5 في المئة وفق صندوق النقد الدولي على أساس متوسط أسعار العام 2014 بالمقارنة مع العام 2013.
من جهة أخرى، يبدو أن العام 2014 قد شهد تحسناً نسبياً في أوضاع المالية العامة في لبنان. فعلى الرغم من أن العجز المالي العام لا يزال مرتفعاً بالقيم المطلقة والنسبية، إلا أن الأخير قد سجل تحسناً خلال الأشهر العشرة الأولى من العام 2014، ما عكس منحى التدهور الصافي الذي كان سائداً خلال العامين السابقين.
في ظل هذا المناخ، بقي أداء القطاع المالي جيداًً، ما يؤكد على المناعة المستدامة للقطاع المصرفي اللبناني. ففي ظل اطراد حركة الأموال الوافدة باتجاه لبنان، سجل القطاع المصرفي نمواً سنوياً مؤاتياً في الودائع بنسبة 6.0 في المئة وفي التسليفات بنسبة 7.4 في المئة في نهاية كانون الأول 2014، في حين سُجلت مراوحة في الأرباح الصافية بالمقارنة مع الفترة المماثلة من العام الفائت. هذا وسجلت الأموال الخاصة نمواً بنسبة 10.8 في المئة خلال العام 2014، متجاوزاً نمو النشاط المصرفي ككل. وعليه، فقد ارتفعت نسبة الأموال الخاصة من إجمالي الموجودات المصرفية من 8.6 في المئة في كانون الأول 2013 إلى 9.0 في المئة في كانون الأول 2014، وهو أعلى مستوى قياسي على مدى العقدين الماضيين. من هنا ووفق أحدث التقديرات، بلغت نسبة الملاءة مستوى جيداً ناهز 14في المئة، وهو أعلى بشكل لافت من المتطلبات الرقابية.
القطاع الاقتصادي الحقيقي الزراعة والصناعة
في العام 2014، تأثّر القطاعان الأول والثاني بالأوضاع السائدة في البلاد، فعرفا كلاهما أداءً غلبت عليه السّمة السلبية. فقد ازداد الطلب المحلي على الواردات الزراعية لكنه انخفض على الواردات الصناعية، فيما سجّلت صادرات القطاعين الزراعي والصناعي تراجعاً على أساس سنوي.
وفي التفاصيل، سجّل القطاع الزراعي اللبناني تبايناً في الأداء، إذ انخفضت الصادرات الزراعية بنسبة 4.3 في المئة على أساس سنوي، في مقابل بعد نمو سنوي بنسبة 25.2 في المئة في العام 2013. وعلى الصعيد الداخلي، شهد القطاع الزراعي تحسّناً طفيفاً فيما زادت الواردات من المنتجات الزراعية بنسبة 9.4 في المئة على أساس سنوي في العام 2014 بالمقارنة مع نمو بنسبة 6.7 في المئة في العام 2013.
أما القطاع الصناعي، فقد واصل تراجعه على الصعيدين الداخلي والخارجي في العام 2014. فالصادرات الصناعية انخفضت بنسبة 16.8 في المئة على أساس سنوي في العام 2014، بعدما كانت قد سجّلت انخفاضاً بنسبة 14.0في المئة في العام 2013.
القطاع الخارجي: ازدياد عجز ميزان المدفوعات
تُظهر إحصاءات القطاع الخارجي تقلّصاً طفيفاً في عجز الميزان التجاري لم تتعدَّ نسبته 0.6 في المئة، مصحوباً بتراجع التدفقات المالية الوافدة الى لبنان بنسبة 2.4 في المئة، ما أدّى الى ازدياد عجز ميزان المدفوعات لتصل قيمته الى 1.408 مليون دولار في العام 2014 مقابل عجز بقيمة 1.128 مليون دولار في العام 2013، وذلك في ظلّ انخفاض الموجودات الخارجية الصافية للمصارف التجارية بقيمة 5.223 ملايين دولار، الأمر الذي عوّضه جزئياً ازدياد الموجودات الخارجية الصافية لمصرف لبنان بقيمة 3.815 ملايين دولار.
القطاع العام: تحسّن نسبي
تحسّنت أوضاع المالية العامة في لبنان في العام 2014. فعلى الرغم من أن العجز المالي العام لا يزال مرتفعاً بالقيم المطلقة والنسبية، إلا أن الأخير قد سجل تحسناً خلال الأشهر العشرة الأولى من العام 2014، ما عكس منحى التدهور الصافي الذي كان سائداً خلال العامين السابقين. إن الانخفاض الطفيف في إجمالي الإنفاق العام والمترافق مع ازدياد في إجمالي الإيرادات العامة قد أدّى إلى تراجع في العجز المالي العام. فالأخير قد انخفض بنسبة 31 في المئة بالمقارنة مع الأشهر العشرة الأولى من العام 2013، نتيجة ارتفاع الإيرادات العامة بنسبة 12 في المئة بالترافق مع انخفاض في الإنفاق العام بنسبة 2 في المئة. عليه، تراجعت نسبة العجز المالي إلى الإنفاق العام من 30.8 في المئة في الأشهر العشرة الأولى من العام 2013 إلى 21.6 في المئة خلال الفترة المماثلة من العام 2014.
الوضع النقدي: احتياطيّات أجنبية كبيرة
اتّسم العام 2014 بنمو ملحوظ لموجودات مصرف لبنان الخارجية التي بلغت مستوى قياسياً، وبنمو سنوي أقلّ للكتلة النقدية بالليرة بمفهومها الواسع (3M)، في ظلّ انحسار زيادة الديون على القطاعين الخاص والعام وتقلّص أكبر للموجودات الخارجية الصافية، وخفض معدلات الفائدة على الأدوات المُصدَرة من قبل مصرف لبنان.
النشاط المصرفي: نمو أقلّ وتيرة
سجّل القطاع المصرفي اللبناني نمواً سليماً في العام 2014، ولو بمستوى أقلّ منه في العام 2013، في ظلّ ظروف تشغيلية صعبة في البلاد وأوضاع أمنية غير مستقرّة في البلدان المجاورة. فنشاط القطاع، الذي يُقاس بالموجودات المجمّعة للمصارف العاملة في لبنان، زاد بنسبة 6.6 في المئة في العام 2014 بحيث وصل مجموع هذه الموجودات الى 175.7 مليار دولار في كانون الأول الفائت مقابل نمو أعلى بكثير في العام 2013 (+8.5 في المئة).
ولا تزال ودائع الزبائن المحرّك الرئيسي للنشاط المصرفي في لبنان، كونها تستأثر بنسبة 82 في المئة من إجمالي ميزانيّات المصارف. وقد زادت هذه الودائع بنسبة 6.0 في المئة في العام 2014 لتصل الى 144.4 مليار دولار في كانون الأول الماضي. ومع أن هذه الزيادة البالغة 8.2 مليارات دولار في العام 2014 جاءت أقلّ بنسبة 27 في المئة من تلك المحقّقة في العام 2013، إلاّ أنها تبقى سليمة وأكثر من كافية لتمويل حاجات الاقتصاد اللبناني بقطاعيه العام والخاص.
في موازاة ذلك، لا تزال المصارف اللبنانية تسجّل نسب ملاءة مُرضية، إذ بلغت نسبة الملاءة في القطاع وفقاً لمعايير بال الثانية 14.0في المئة في حزيران 2014 (حسب آخر أرقام مصرف لبنان)، وهذه النسبة هي أعلى من الحدّ الأدنى المطلوب كما أنها تؤمّن للمصارف اللبنانية مقوّمات المناعة اللازمة لجبه أيّة ضغوط محتملة على رساميلها. يضاف الى ذلك أن الأموال الخاصة زادت بنسبة أعلى من ازدياد الموجودات الإجمالية، إذ سجّلت نمواً بنسبة 10.8 في المئة بعدما قامت المصارف بتعزيز قاعدة رساميلها، ما رفع نسبة الأموال الخاصة إلى مجموع الموجودات من 8.6 في المئة في كانون الأول 2013 الى 9.0 في المئة في كانون الأول 2014، الأمر الذي عزّز نسب رسملة المصارف.
الخلاصة: فرص سانحة وتحديات قائمة
شهدت الأشهر القليلة الماضية انخفاضاً كبيراً في أسعار النفط العالمية، ما ولّد موجة من التداعيات المتفاوتة في جميع أنحاء العالم. فقد انخفضت أسعار النفط بنسبة تزيد عن 50 في المئة من أعلى مستوياتها الأخيرة لتصل إلى أدنى مستوى خلال خمسة أعوام ونصف، نتيجة عدة عوامل متداخلة منها الإمدادات الإضافية للنفط، ضعف الطلب الإجمالي وارتفاع قيمة الدولار الأميركي. فقد استمرت إمدادات النفط الخام من الصخر النفطي الأميركي في الارتفاع في حين حافظت منظمة أوبك على مستويات مرتفعة ومستدامة من إنتاجها للنفط على الرغم من الوهن السائد في آفاق الأسعار. أما ضعف الطلب فيأتي في سياق خفض تقديرات النمو الاقتصادي العالمي بشكل خاص. أضف إلى ذلك أن ارتفاع قيمة الدولار الأميركي قد عزز الانخفاض المسجل في أسعار النفط، لا سيما أن تسعير النفط وتداوله تجارياً قائم على الدولار الأميركي، مما يعني أن تحسن قيمة الدولار يجعل النفط أكثر تكلفة للمشترين بعملات أخرى وبالتالي يكبح الطلب على النفط ويؤثر سلباً على أسعاره.
في هذا السياق، تتزايد التساؤلات حول مدى تأثير انخفاض أسعار النفط على لبنان. هل هو نقمة أم نعمة بالنسبة للاقتصاد اللبناني الرازح تحت ضغوط جمّة جراء التداعيات المباشرة وغير المباشرة للاضطرابات الإقليمية بشكل عام؟ في الواقع، يبدو أن الانخفاض في أسعار النفط يشكل سيفاً ذو حدين بالنسبة للاقتصاد الوطني، فهو يولّد من جهة بعض الضغوط غير المباشرة في بعض الميادين، ولكنه يساهم من جهة أخرى في التخفيف من ثقل الاختلالات القائمة في ميادين أخرى.
في الجانب السلبي نذكر التأثيرات المحتملة لأسعار النفط على التحويلات المالية ونمو الودائع المصرفية. فالبنك الدولي وصندوق النقد الدولي قد استخلصا في دراسات منفصلة ترابطاً إيجابياً بين التحويلات المالية أو نمو الودائع المصرفية من جهة وأسعار النفط من جهة أخرى. وقد أشارا في هذا السياق إلى أن ارتفاع أسعار النفط يعود بالنفع على الاقتصاد الوطني من خلال زيادة تدفقات الأموال الوافدة وتعزيز الطلب الخارجي. تجدر الإشارة هنا إلى أن التحويلات المالية للبنانيين العاملين في الخارج تشكل نحو 20 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي اللبناني، يتأتّى منها ما يقارب 60 في المئة من دول الخليج العربي. هذا وتشير تحليلات صندوق النقد والبنك الدولي أن ارتفاع أسعار النفط يعزز حجم الصادرات اللبنانية والإيرادات السياحية وحركة الودائع الوافدة ونشاط التسليف للقطاع الخاص، وأن التغيّرات المحتملة في أسعار النفط تشكل مصدراً أساسياً لتقلبيّة تلك المؤشرات.
من ناحية أخرى، إن انخفاض أسعار النفط ينطوي على آثار إيجابية على صعيد العجز المالي العام وعجز الحساب الجاري في لبنان، فالأول مرتبط بالوفورات المحققة على صعيد التحويلات المالية إلى مؤسسة كهرباء لبنان، والثاني مرتبط بالوفورات المحققة على صعيد فاتورة استيراد النفط. مع الإشارة إلى أن لبنان يندرج في الربع الأعلى بين دول العالم من حيث نسبة العجز في الحساب الجاري إلى الناتج المحلي الإجمالي التي تقارب 13 في المئة ونسبة العجز المالي العام إلى الناتج التي تقارب 8 في المئة (أي في المركز 14 و19 على التوالي بين 188 بلداً حول العالم)، ما يمثل أبرز الاختلالات القائمة للاقتصاد اللبناني في الوقت الراهن.
في الواقع، تؤمّن الدولة اللبنانية الدعم المالي لمؤسسة كهرباء لبنان بحيث تبقي الأخيرة على تعريفاتها ثابتة (بمتوسط دعم نسبته 5 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي سنوياً خلال السنوات الأربع الماضية). في هذا الإطار، فإن انخفاض أسعار النفط المسجل حتى الآن من شأنه أن يؤدي إلى تحقيق وفورات على صعيد التحويلات المالية إلى مؤسسة كهرباء لبنان بما لا تقل نسبته عن 2 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي، ما يخفض العجز المالي العام بالنسبة ذاتها. في السياق ذاته، يرى صندوق النقد الدولي أن انخفاض أسعار النفط يشكل فرصة فريدة لإلغاء الإعفاءات الممنوحة سابقاً من الضرائب والرسوم المفروضة على صفيحة البنزين، والتي يمكن أن تعزز الإيرادات العامة نسبياً في لبنان.
أما على صعيد العجز التجاري وبالتالي عجز الحساب الجاري، فإن لبنان قد يستفيد من تدني فاتورة استيراد النفط إلا أنه في المقابل قد يشهد الاقتصاد اللبناني بعض التداعيات السلبية من حيث بعض الصادرات الفائتة. فالفاتورة النفطية في لبنان والتي تقدر بحوالي 6 مليارات دولار سنوياً قد تنخفض بحوالي 3 مليارات دولار سنوياً، وهو ما يمثل تراجعاً بما يفوق نسبة الـ 15 في المئة في إجمالي فاتورة الاستيراد السنوية. علماً أن تلك التداعيات الإيجابية قد يقابلها بشكل جزئي بعض التداعيات السلبية على صعيد الصادرات اللبنانية، إذ تستحوذ الدول المصدرة للنفط على ما يقارب ثلث صادرات لبنان من السلع والإيرادات السياحية. وعلى افتراض أن مرونة الدخل في الطلب الخارجي للدول المصدرة للنفط توازي واحداً، فإن أي انخفاض بنسبة 1 في المئة في دخل الدول المصدرة للنفط من شأنه أن يولّد تراجعاً في الصادرات اللبنانية بما نسبته 1 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي. برغم ذلك، فإن صافي الوفورات من حيث العجز التجاري وعجز الحساب الجاري يبقى إيجابياً إلى حد لافت ويقدر بحوالي 5 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي سنوياً، مع ما يرافق ذلك من آثار إيجابية على ميزان المدفوعات للبلاد.
في الختام، وفي حين أن انخفاض أسعار النفط قد ينطوي على بعض المخاطر المحتملة على صعيد التحويلات المالية والصادرات والاستثمارات الأجنبية المباشرة والإيرادات السياحية، إلا أنه ينطوي في المقابل على آثار إيجابية جمة على صعيد العجز المالي والعجوزات الخارجية للاقتصاد الوطني. غير أن ذلك لا ينبغي أن يحجب الحاجة الملحة إلى البدء بإصلاحات هيكلية جذرية في مجالات تتعلق بالمالية العامة وبالوضعية الخارجية، والتي على الرغم من التداعيات الإيجابية المذكورة آنفاً فهي لا تزال تمثل أبرز عناصر الهشاشة في الاقتصاد الوطني، ما يتطلب تضافراً وتنسيقاً للجهود من قبل المعنيين كافةً لتجنب أي ضغوطات بنيوية على الاستقرار الاقتصادي الطويل الأمد في لبنان بشكل عام.