شكل ملتقى الاعمال المصري اللبناني مناسبة لمراجعة العلاقة الاقتصادية بين البلدين، لا سيما على مستويي التبادل التجاري والاستثماري، انطلاقا من عوامل عدة ابرزها: استقرار الاوضاع في مصر واطلاقها خطة اقتصادية اصلاحية، تراجع التبادل التجاري بين البلدين من نحو مليار دولار في العام 2011 الى 614 مليونا في العام 2014، الحاجة لخلق شراكات عمل بين القطاع الخاص في البلدين لإنشاء مشاريع مشتركة في لبنان ومصر او خارج حدودهما.
ورغم تأكيد عمق العلاقات بين البلدين وتمايزها، الا ان الجانبين شددا على ضرورة مراجعة الاجراءات المعتمدة ووضع خارطة طريق لتسهيل انسياب السلع واقامة الاستثمارات والتعاون بين رجال الاعمال.
وكان وزير الاقتصاد والتجارة آلان حكيم افتتح أعمال الملتقى أمس في فندق فينيسيا، الذي تنظمه مجموعة الاقتصاد والأعمال بالاشتراك مع جمعية الصداقة المصرية – اللبنانية لرجال الأعمال، والمؤسسة العامة لتشجيع الاستثمارات «ايدال»، وجامعة بيروت العربية، ووزارة الاقتصاد والتجارة، وبالتعاون مع السفارة المصرية واتحادات الغرف في البلدين.
وشارك في الملتقى أكثر من 250 رجل أعمال وعدد من كبار المسؤولين في البلدين يتقدمهم حكيم ممثلاً رئيس مجلس الوزراء تمام سلام، وزيرا الصناعة حسين الحاج حسن والسياحة ميشال فرعون، وزير الصناعة والتجارة والمؤسسات الصغيرة والمتوسطة المصري منير فخري عبد النور، وزير الاستثمار المصري اشرف سالمان، رئيسة لجنة التربية النيابية النائب بهية الحريري، رئيس الاتحاد العام للغرف التجارية المصرية أحمد الوكيل، رئيس اتحاد الغرف اللبنانية محمد شقير، رئيس جمعية الصداقة المصرية -اللبنانية لرجال الأعمال فتح الله فوزي، رئيس اتحاد الصناعات المصرية محمد السويدي، وحوالى ستين من رجال الأعمال المصريين والسفير المصري محمد زايد، ورئيس المؤسسة العامة لتشجيع الاستثمارات (ايدال) نبيل عيتاني، وعدد من رؤساء الهيئات الاقتصادية اللبنانية.
تحدّث في البداية الرئيس التنفيذي لمجموعة «الاقتصاد والأعمال» رؤوف أبو زكي، فتناول التبادل التجاري بين البلدين والمبادلات السياحية. وقال «إن مبادلات الاستثمار تكاد تكون في اتجاه واحد»، لافتا الى ان ملتقى بيروت اليوم سيعقبه ملتقى آخر في القاهرة قبل نهاية هذه السنة.
ثم تحدّث فوزي، فقال: «الأرقام تشير إلى أن لبنان يأتي في المرتبة 15 بين 150 دولة مستثمرة فى مصر باستثمارات 3،7 مليارات دولار».
ثم تحدّث شقير فقال: «نتطلع من خلال هذا الملتقى إلى وضع خارطة طريق لتطوير العلاقات الاقتصادية وتعزيز التعاون بين القطاع الخاص في البلدين وإقامة شراكات عمل بين رجال الأعمال اللبنانيين ونظرائهم المصريين». واكد ان «ما تحقق بين بلدينا في الماضي على المستوى الاقتصادي لم يكن على قدر طموحنا، لدينا الكثير من الجهد كي نقوم به في الفترة المقبلة، إن كان على مستوى تحرير انسياب السلع خصوصاً باتجاه مصر، وزيادة التبادل التجاري بين البلدين، أو بالنسبة للكثير من الإجراءات التي يجب مراجعتها لتتماشى مع الاقتصاد الحر ومستوى العلاقات بين البلدين، كما أن هناك متطلبات كثيرة من الضروري التجاوب معها لفتح آفاق التعاون على مصراعيه بين رجال الاعمال».
اما رئيس اتحاد الصناعات المصرية محمد السويدي فقال «إنّ السياسة الاقتصادية المصريّة والقوانين التشريعية الجديدة المشجعة للاستثمار تعزّز النشاط الاستثماري في مصر التي تعتبر أرضاً خصبة لنجاح المشاريع الكبيرة، كما أّنّها بوّابة لتصدير عدد من الصناعات».
ثم تحدّث الوكيل، فقال: «رغم الأزمة وأثرها على الاستثمارات الخارجية، هناك العديد من الشركات العربية والاجنبية القائمة التي تتوسع في استثماراتها، إلى جانب العديد من الشركات الجديدة التي بدأت في دخول السوق المصرية حيث تتمتع جميعها بمميزات مصر النسبية. فمصر كانت وستظل مركزاً للتصنيع من أجل التصدير إلى أكثر من 1.6 مليار مستهلك في مناطق التجارة الحرة التى قامت حكومتنا بإنشائها متضمنة دول الأتحاد الأوروبي والكوميسا ودول منطقة التجارة العربية الحرة، والولايات المتحدة، وتركيا من خلال الاتفاقية الثنائية، وستنضم لهم قريباً دول الميركوسور، ودول الاتحاد الاوروآسيوي الجاري انهاء المفاوضات معها ليرتفع حجم السوق المصري الى اكثر من 2 ملياري مستهلك من دون جمارك او حصص».
ولفت سالمان من جهته الى ان الاستثمارات اللبنانية في مصر شهدت تطوراً متنامياً في السنوات الأخيرة، حيث يحتل لبنان المركز 13 ضمن قائمة الدول المستثمرة في مصر، بمساهمات اجمالية في رأس المال المصدّر الذي بلغ نحو 1.1 مليار دولار وهو ما يعكس نشاط 1239 شركة لبنانية. وبعدما شرح البرنامج الاصلاحي الاقتصادي لحكومته، قال «تعمل الحكومة على استعادة ثقة المستثمرين وتحسين الإطار التشريعي وتعديل القوانين المتعلقة بتحفيز الاستثمار والتجارة والصناعة ودعم القطاع الخاص».
ثم تحدّث عبد النور فقال: «ان قيمة المليار دولار التي وصل إليها التبادل التجاري عام 2011 حدا اقصى لا يعبر عن الفرص الحقيقية للتجارة بين البلدين، خصوصا وأن قصص نجاح الشركات اللبنانية في دول المهجر من الممكن أن تكون فرصة لنفاذ المنتجات المصرية لهذه الأسواق وتحقيق مكاسب للجميع، وهذا ما سيتم مناقشته مع الوزراء اللبنانيين بقدر أكبر في جلسات الملتقى».
وأخيراً تحدّث حكيم فقال ان من شأن اللقاء البناء على الروابط القائمة وتطويرها للارتقاء بها وتوجيهها نحو ما يكون من شأنه زيادة التبادل التجاري وتحفيز الاستثمارات الثنائية وتمتين العلاقات الاقتصادية بين البلدين. ولفت الى ان المبادلات التجارية بين الطرفين شهدت تراجعا بنسبة 14 في المئة بين عامي 2013 و2014، «لذلك من الضروري تفعيل العمل المشترك وعقد لقاءات ثنائية بين رجال الأعمال من أجل تحديد الصعوبات في المجالات الاقتصادية والاجتماعية والسياحية وغيرها والعمل على تذليل هذه العقبات»، معتبرا ان «ما يساهم في إنجاح هذه المرحلة هو الاستقرار السياسي الذي يسود مصر إذ نحن نعول على هذا الاستقرار وعلى إرادة كل من الجانبين للاستفادة من الفرص القائمة والمتاحة لما يعود بالفائدة علينا جميعا». واوضح أن الاستثمارات اللبنانية تحتل المرتبة الـ 15 داخل السوق المصرية بإجمالي استثمارات تتجاوز الـ3،7 مليارات دولار في عدد من المجالات أبرزها في القطاعين المصرفي والصناعي، كما وتحفيز التجارة البينية والسياحة بين البلدين.
لقاء
وعلى هامش المؤتمر عقد اجتماع بين حكيم وعبد النور والحاج حسن ورئيس جمعية الصناعيين فادي الجميل وبحث المجتمعون في سبل تطوير التجارة والصناعة بين لبنان ومصر لتكون مصر مدخلا لتسويق الانتاج اللبناني في بلدان افريقيا .
وقال الجميل «ان الصادرات اللبنانية الى مصر ما زالت خجولة بالنسبة للامكانات، حيث انها لم تتجاوز عام 2014 نحو 82 مليون دولار، في حين بلغت الواردات المصرية الى لبنان 528 مليون دولار، ونحن نتطّلع الى رفع الصادرات اللبنانية بنسبة تتراوح بين 20 في المئة او 30.
الى ذلك، اجتمع وزير الزراعة أكرم شهيب مع عبد النور وسالمان على هامش انعقاد ملتقى الأعمال المصري-اللبناني، وجرى البحث في تعزيز العلاقات الثنائية على صعيد الزراعة والتصدير والإستثمار. وعرض شهيب مشاكل التصدير على الحدود البريّة مع سوريا، وقال «صدّرنا إلى مصر 32 ألف طن من التفاح ونأمل أن نلقى دعمكم لتصدير المزيد من التفاح، حيث لا يزال عندنا نحو 60 ألف طن في البرّادات». كما بحث شهيب في مسألة «استيراد البطاطا المصرية وكيفية التوفيق بينها وبين الإنتاج المحلي، وكذلك في المانغا المستوردة من مصر».