IMLebanon

الأسواق الناشئة .. جبهة باردة على تجارة المناقلة بين العملات

currencies3

جوناثان ويتلي
هل نحن نرى اللحظات الأخيرة من تجارة المناقلة؟ لقد كان المساهمون التوّاقون للعوائد يقترضون بأسعار فائدة منخفضة في الأسواق المتقدّمة ويستثمرون العائدات في الأسواق الناشئة ذات العائد المرتفع مثل تركيا، حيث السندات الحكومية بالعملة المحلية لأجل عشرة أعوام، مثلا، توفّر عائدات مرتفعة من خانة واحدة.

تجارة المناقلة في الأسواق الناشئة لديها تاريخ تعتز به وقد حققت عديدا من الثروات. لم يكسب المختصون في الأسواق الناشئة فقط من السندات، لكن أيضا من العملات. زادت قيمة كثير من عملات الأسواق الناشئة بثبات مقابل الدولار الأمريكي قبل وبعد الأزمة المالية العالمية، مدفوعة بالأموال التي تدفقت في الاقتصادات الناشئة بسبب النمو السريع، وتم دفعها حديثا بسبب الفرصة المناسبة لعمليات شراء السندات من قِبل البنك المركزي، أو برنامج التسهيل الكمي.

لكن السلع الأساسية خضعت لدورة فائقة وبرنامج التسهيل الكمي من الاحتياطي الفيدرالي قد انتهى، وبالتالي يواجه مساهمو الأسواق الناشئة عالما أقل يقينا.

عندما انخفضت أسعار النفط العام الماضي، تم اعتبار تركيا فائزة. فقد كانت تعاني لأعوام من عجز في الحساب الجاري يتكون بالكامل تقريبا من واردات الطاقة. ومن شأن النفط الرخيص أن يعمل على تخفيف ذلك الضغط، والمساعدة على معالجة التضخم وتعزيز الإنفاق الاستهلاكي.

توافد المستثمرون وانخفضت العائدات (التي تتحرك عكسيا مع الأسعار) على سندات الليرة التركية لأجل عشرة أعوام من نحو 9.8 في المائة في أيلول (سبتمبر) إلى نحو 6.8 في المائة الشهر الماضي. لكن النفط الرخيص لم يكُن كافيا لدعم العملة، التي زادت قيمتها بشكل دوري مع دخول تجّار المناقلة، لكن في العام الماضي كانت الزيادة على مسار ثابت من الضَّعف.

ويلقي المحللون باللوم على الضغوط السياسية الشديدة التي فرضت على البنك المركزي من أجل أن يخفض أسعار الفائدة على الرغم من أن معدل التضخم لم ينخفض بالقدر الذي كان متوقعا. وهذا الشهر ارتفعت الليرة من نحو 2.28 مقابل الدولار إلى نحو 2.48 – خيبة أمل كبيرة بالنسبة لتجّار المناقلة. في الوقت نفسه، عائدات السندات عادت إلى نحو 7.8 في المائة.

ويقول لويس كوستا، مختص الاستراتيجية في معهد سيتي للأبحاث: “إن الليرة لا تزال ضعيفة. نظرا لديناميكيات التضخم والضغوط على البنك المركزي، عليك أن تكون أكثر حذرا بكثير”.

في البرازيل، التي كانت مُفضّلة في السابق لتجار المناقلة، بدأ الريال بإلغاء أعوام من المكاسب مقابل الدولار، لأن النمو الموعود لم يتحقق والمستثمرون فقدوا الثقة في قدرة الحكومة على تحسين الاقتصاد. ومن المتوقع أن تبقى أسعار الفائدة التي أقرّها البنك المركزي مرتفعة خلال العام المقبل. وحتى بعد إزالة معدل التضخم المتوقع من الحساب، فإن عوائد الريال تبدو كبيرة.

لكن المستثمرين يشعرون بالقلق – خاصة بسبب فضيحة فساد في شركة النفط الحكومية، بتروبراس – كما انخفضت قيمة الريال بشكل حاد مقابل الدولار هذا الشهر.

في بلدان أخرى تتم فيها تجارة المناقلة، نجد قصة مشابهة. في حال تحققت توقعات التضخم (وهو مقياس وسيط لتقلّبات العملة) من أسعار الفائدة المتوقعة، فإن العوائد نادرا ما تتطابق مع المخاطر. والأموال الأجنبية تتدفق خارج الصين.

يقول أروب تشاترجي، مختص استراتيجية العملات في باركليز: “إن ذروة تجارة المناقلة أصبحت خلفنا إلى حد كبير. لقد كان الكثير من التمويل بالدولار، وبما أنه من المحتمل أن ترتفع أسعار الفائدة في الولايات المتحدة، فإن تجارة المناقلة تصبح أقل جاذبية”.

ويُضيف أن معظم الأسواق الناشئة تواجه تباطؤ النمو وانخفاض التضخم. “لذلك ستخفض (أسعار الفائدة)، وهذا يضع الكثير من الضغوط على عملاتها ويعمل على تقليل الجاذبية”.

لكن تجّار تجارة المناقلة لم يستسلموا بعد. فقد اتخذ البنك المركزي الأوروبي نهج برنامج التسهيل الكمي، الأمر الذي يوفّر مصدرا بديلا من التمويل. وبحسب سايمون كويجانو إيفانز، مختص الاستراتيجية في كوميرزبانك، أسواق السندات في بلدان مثل النمسا وهولندا وحتى ألمانيا قد تجفّ بسبب برنامج التسهيل الكمي، ما يجعل صناديق التقاعد وغيرها تبحث في أماكن أخرى عن فرص الاستثمار.

وأصبح العثور على العائد صعبا من الآن. ويقول إيفانز: “إذا نظرت إلى العائدات في أماكن مثل بولندا وحتى هنغاريا، فقد وصلت إلى مستويات منخفضة تاريخيا”. وفي كثير من الأسواق الناشئة أسعار عقود التأمين على العجز الائتماني، وهي شكل من أشكال التأمين ضد العجز عن السداد، هي بمستوى تلك التي في الأسواق المُتقدّمة.

ويُضيف أنه قد تكون هناك نافذة من الفرص بين بداية برنامج التسهيل الكمي للبنك المركزي الأوروبي وبين الوقت الذي سيبدأ فيه الاحتياطي الفيدرالي بزيادة أسعار الفائدة، ربما في الربع الثالث. لكن إيفانز يقول إنه حتى في بيئة ذات عوائد منخفضة، فإن المستثمرين سيحتفظون بسندات الأسواق الناشئة بالعملة المحلية، ما يسمح لهم بالانتقال بين الأسواق ذات المخاطر العالية مثل تركيا والبرازيل وروسيا.

مع ذلك، بالنسبة لتجارة المناقلة “هناك الكثير من الأجزاء المتحركة التي تُفسد القصة”.