تعاني أوروبا ممثلة بالاتحاد الأوروبي منذ انطلاق الأزمة المالية والاقتصادية العالمية في خريف عام 2008، حالة من الجمود الاقتصادي وتدنّي معدل النمو واستمرار ظاهرة البطالة ومعاناة عدد من بلدانها من أزمات خطيرة كانت الأزمة اليونانية هي أكثرها حدّة. ما يتفق حوله الجميع هو أن القارّة «العجوز» لم تستطع حتى الآن «هضم » الأزمة.
هذه الحالة هي بالتحديد التي يعالجها الاقتصادي الفرنسي «ميشيل اغلييتا»، الأستاذ في جامعة باريس العاشرة والمستشار الاقتصادي لسنوات لدى العديد من المؤسسات الأوروبية والحكومية الفرنسية، من بينها رئاسة الوزراء خلال سنوات 1997 ــ 2003، في كتابه الذي يحمل عنوان: «أوروبا، الخروج من الأزمة واختراع المستقبل».
تتوزع تحليلات هذا الكتاب بين محورين رئيسيين يقدّم المؤلف في الأوّل منهما توصيفاً «نقديا» للحالة التي آلت لها الأمور عامّة في الاتحاد الأوروبي وخاصّة في إطار ما يُعرف بـ«منطقة اليورو».
ويعيد المؤلف «الشرور» التي تعاني منها «منطقة اليورو» إلى أن «العملة الأوروبية الموحّدة» لم تلعب دورها «التكاملي»، كما ينبغي؛ وأن هناك «ما لا يكفي من التعاون بين الدول» بحيث إن «كل دولة تعمل لمصلحتها الخاصّة». هذا دون نسيان «الأخطاء المرتكبة على صعيد التسيير بصورة عامّة».
وتحديد القول ان هذه المنطقة «حبيسة» حالة من «النمو الاقتصادي المنخفض» منذ سنوات عديدة وهي مهددة بأن يغدو ذلك حالة «مزمنة» قد تستمر عقودا. و
والمحور ــ القسم الثاني مكرّس لصياغة العديد من المقترحات المحددة التي يصوغها المؤلف من أجل «الخروج من الأزمة واختراع المستقبل»، كما جاء في عنوان الكتاب.
يشرح المؤلف في الفصول الأولى من الكتاب أن الواقع الاقتصادي القائم في أوروبا اليوم وبمعدّل نمو سنوي لا يتجاوز الـ1 في المئة، يعني أن معدّل البطالة، التي غدت « ظاهرة مستدامة وبنيوية»، سيبقى مرتفعاً.
ومن المؤشرات التي يؤكّد عليها المؤلف الانخفاض الكبير في الاستثمارات ذات الطابع الإنتاجي والتي تناقصت بنسبة 20 في المائة منذ نهاية عام 2007 حتى اليوم.
بشكل إجمالي يحدد مؤلف هذا الكتاب القول إن الأوضاع في أوروبا قد آلت إلى ما هي عليه الآن أساسا بفعل «الصدمة» التي شكّلتها الأزمة المالية والاقتصادية العالمية التي نشبت انطلاقا من الولايات المتحدة الأميركية في خريف عام 2008 . ثمّ تفاقمت، أي الأوضاع، اعتبارا من عام 2010 بسبب ارتكاب المسؤولين في بلدان منطقة اليورو أخطاء رئيسية كبرى.
الاقتراح الذي يقدّمه المؤلف هو إنشاء «صندوق استثمار أوروبي» بضمانة بلدان الاتحاد وبحيث يمكن لكبار المستثمرين العالميين المشاركة فيه.