IMLebanon

نمو القطاع المالي وأجور التنفيذيين يزيدان فجوة عدم المساواة

MoneySalariesCEO

جون كاي

في عام 1920 كانت فئة الـ 1 في المائة– التي تحصل على النسبة الأعلى من توزيع الدخل ـ تكسب ما يراوح بين 15 في المائة و20 في المائة من مجموع الدخل الإجمالي في البلدان المتقدّمة. وكانت ألمانيا غير متكافئة بشكل مذهل، في حين أن معظم المجتمعات المتساوية كانت بلدانا مثل أستراليا وكندا والولايات المتحدة، المكوّنة بشكل كبير من المهاجرين.

في الأعوام الـ 50 التي تلت ذلك انخفضت حصة فئة الـ 1 في المائة في كل مكان تقريباً بواقع النصف، إلى 7-10 في المائة من مجموع الدخل. والانخفاض النسبي في مكانة فئة الـ 0.1 في المائة الأعلى كان أكثر إذهالاً بكثير.

سأركّز على تجربة فئة الـ 1 في المائة في بريطانيا وفرنسا وألمانيا والولايات المتحدة، بالاعتماد على تحليل تشارتبوك لعدم المساواة الاقتصادية لكل من أتكينسون وموريلي، وهو تحليل شامل للدخل الإجمالي، لكن غيرها من البلدان المتقدّمة اقتصادياً (أستراليا، وكندا، وهولندا، والسويد) تروي القصة نفسها تماماً.

خلال ذلك النصف من القرن، زاد الإنفاق العام على الرعاية الصحية والتعليم، ولا سيما المنافع الاجتماعية. والضرائب أصبحت أكثر إرهاقاً وأكثر شدّة ـ قوى المساواة كانت قوية في الواقع.

وبحلول عام 1970 كانت ألمانيا الغربية لا تزال حالة شاذة غير متساوية بشكل واضح، مع حصول فئة الـ 0.1 في المائة الأعلى على أكثر من ضعف حصة المجموعة النظيرة لها في بريطانيا أو فرنسا أو الولايات المتحدة. الشركات الألمانية التي يطلق عليها “ميتلستاند”، وهي مجموعة شركات متوسطة الحجم تُسيطر عليها عائلات تشكل القوة الدافعة لنجاح التصدير، كانت قد أوجدت مجموعة من أصحاب الأعمال ذوي الأجر المرتفع جداً، وهي مستمرة في ذلك.

واعتباراً من عام 1970، هذا الاتجاه المتساوي انتهى في كل مكان، لكن التجارب تباينت. في فرنسا وألمانيا، حصة فئة الـ 1 في المائة وفئة الـ 0.1 في المائة الأعلى بقيت ثابتة. لكنها ارتفعت في الولايات المتحدة: أصبحت فئة الـ 1 في المائة الآن تكسب نسبياً أكثر مما كانت تفعل في عام 1920. بريطانيا أيضاً شهدت ارتفاعاً حاداً في حصة الدخول الأعلى، على الرغم من أن هذا التحول ليس مُذهلاً بقدر التحول في الولايات المتحدة، كما أن أرقام المملكة المتحدة لا تزال أقل بكثير من تلك التي كانت في عام 1920. ما حدث في الدول الأخرى يبدو أنه يعكس الأصول الثقافية: كندا وأستراليا تبدوان إلى حد ما مثل المملكة المتحدة، وهولندا تبدو إلى حد ما مثل ألمانيا.

لفهم الاتجاهات، والآثار المترتبة عليها، نحن بحاجة إلى مزيد من البيانات عمن هي فئة الـ 1 في المائة – والسلطات الضريبية لا ترغب في إخبارنا. وتُظهر دراسة في الولايات المتحدة أن نحو ثُلث فئة الـ 1 في المائة، وأكثر من ذلك من فئة الـ 0.1 في المائة الأعلى، هم من المسؤولين التنفيذيين في الشركات.

ونحو ربع فئة الـ 1 في المائة أطباء أو محامون، على الرغم من أن هناك عددا أقل بين الذين يتقاضون الأجر الأعلى. مجموعة الأطباء والمحامين الأثرياء ربما هي ظاهرة أمريكية بشكل مميّز. في بلدان أخرى برامج الرعاية الصحية العامة والأدوار الأكثر تقييداً للتقاضي تُبقي هذا النوع من الدخل تحت سيطرة أكبر.

لكن التغيير الكبير منذ السبعينيات كان، بالطبع، في تمثيل المحترفين في القطاع المالي: ارتفعت حصتهم في دخل فئة الـ 1 في المائة من 8 في المائة إلى 14 في المائة؛ وبين فئة الـ 0.1 في المائة، من 11 في المائة إلى 18 في المائة. وبما أن مستوى الدخل اللازم لوضعك ضمن فئة الـ 1 في المائة زاد بشكل كبير، هذا يقلل من مقدار مساهمة النمو في القطاع المالي في ظهور عدم المساواة في توزيع الدخل.

ارتفاع عدم المساواة في البلدان الغربية هو أساساً نتيجة سببين من الأسباب المترابطة: نمو القطاع المالي وارتفاع أجور كبار التنفيذيين. ولطالما كان الأشخاص الذين يُديرون الشركات الكبيرة من ذوي الأجور الجيدة نسبياً، لكن معنى “الأجور الجيدة نسبياً” أصبح مختلفاً تماماً الآن. القطاع المالي يوظف أشخاصا أكثر، وأكثر قدرة، ويدفع لهم أجوراً أكبر بكثير.

هذه الآثار لم نشهدها في بلدان، مثل فرنسا وألمانيا، التي أثبتت أنها أكثر مقاومة لزيادة حجم القطاع المالي. لكن تأثيرها الأكبر كان في بريطانيا والولايات المتحدة، اللتين شهدتا النمو الأوسع في هذا القطاع.