فراس أبو مصلح
الصادرات اللبنانية الى مصر «رمزية»، وتكاد تكون الاستثمارات «باتجاه واحد»، من لبنان إلى مصر، فيما تشكل التوظيفات في رساميل المصارف غالبية «الاستثمارات» المصرية في لبنان. كانت تلك الصورة العامة للعلاقات الاقتصادية المصرية اللبنانية، كما رسمها رؤوف أبو زكي المدير التنفيذي لمجموعة «الاقتصاد والأعمال»، التي نظمت «ملتقى الأعمال المصري اللبناني» أمس في بيروت. لم يتناول المؤتمر صراحة الأسباب الحقيقية لاختلال العلاقات الاقتصادية بين البلدين. الجانب المصري دعا اللبنانيين الى المشاركة في مشاريع محور قناة السويس الثانية والمدن الصناعية واللوجستية والسياحية المرتبطة بها.
فيما المتحدثون اللبنانيون كرروا معزوفة تشبثهم بـ«اقتصاد السوق الحر»، وكأنها هي مصدر الجذب للمصريين، فضلاً عن المفاخرة بتورّم القطاعَين المصرفي والعقاري على حساب القطاعات المنتجة والمولدة للوظائف، والتغني بالمناخ و«التعدد الثقافي» و«قرب الجبل من البحر»!
تبلغ قيمة الاستثمارات اللبنانية في مصر مليار دولار، بحسب وزير الصناعة والتجارة المصري منير عبد النور، الذي أقر بأن الاستثمارات المصرية في لبنان «محدودة للغاية، ولا تتناسب مع قدرات مصر». من جهته، أشار وزير الاقتصاد آلان حكيم إلى انخفاض قيمة المبادلات بين البلدين بنسبة 14% عام 2014، قياساً على العام السابق، داعياً إلى عقد اجتماعات لحل المعوقات أمام توسيع التبادل والاستثمار. لكن هل المعوقات تلك ظرفية وإجرائية ليكون ممكناً حلها بالطريقة المقترحة، أم أن أسبابها بنيوية لا يُراد التطرق إليها أصلاً؟
أسهب المسؤولون ورجال الأعمال المصريون في الحديث عن ورشة تحديث التشريعات الناظمة للاقتصاد، وقال رئيس مجلس إدارة Pharaoh-Tech المصرية محمد الزيات إن مشروع قناة السويس الثانية يتضمن مناطق صناعية ولوجستية وسياحية تبلغ مساحتها ثلاثة أضعاف مساحة القاهرة، وهناك مشاريع توسعة البنى التحتية الداعمة للتجارة، كسكك الحديد والموانئ البحرية؛ كما تكررت الدعوة المصرية للبنان للاستفادة من القاعدة الصناعية المصرية والحوافز الجمركية للتصدير، والتعاون مع مصر في ولوج الأسواق الأفريقية خاصة.
لكن المغريات المصرية جميعها لم تُثر إعجاب نبيل عيتاني، رئيس المؤسسة العامة لتشجيع الاستثمار في لبنان (إيدال)، الذي أبدى أنفةً من «المزايدة»، فاعتبر أن «اقتصاد السوق الحر» هو صاحب الفضل في تحقيق لبنان نسبة نمو بلغت 9% من الناتج المحلي عام 2010، محملاً الحرب في سوريا مسؤولية تدني نسبة النمو إلى 2.5%! وتبلغ نسبة الاستثمارات إلى الناتج 7%، بحسب عيتاني، الذي نوه ببلوغ حجم الودائع المصرفية قرابة 400% من الناتج المحلي، ورأى أن اختلال ميزان التبادل التجاري لصالح مصر «مقبول»، نظراً إلى التفاوت في حجم الاقتصادين! أما هشام المكمل، رئيس جمعية رجال الأعمال المصرية اللبنانية، فتحدث عن ميزات للاقتصاد اللبناني الجاذبة للاستثمارات، من قبيل وجود قطاع مصرفي «يُعتبر حراً ومن أهم القطاعات»، وتدني الأعباء الضريبية والرسوم، و«مرونة القوانين»، فضلاً عن «المناخ المعتدل وقرب الجبل من البحر»، وشعب «متعدد الثقافات» استطاع أن «يغزو» الدول!