Site icon IMLebanon

ولت أيام غطرسة شركات الطيران الأوروبية على «الخليجية»

AliatliaEtihad

جوناثان فورد

عندما تشتري إحدى شركات الطيران حصة أقلية في شركة طيران أخرى، غالبا ما يكون من الصعب فهم ما يتوقع المشتري تحقيقه. ونادرا ما تمنح مساهمة ما النفوذ اللازم لاستخراج أوجه التآزر القيمة من هذه العلاقة. هذا يعتبر صحيحا خصوصا عندما يكون المشتري طرفا أجنبيا. ولا تزال قواعد الملكية الوطنية تطوق الطيران بإحكام. ولا يعد هذا وسيلة واضحة للحصول على امتيازات تجارية. وهناك، على أي حال، طرق أسهل لشركات الطيران للتعاون في مجال الخطوط، مثل صفقات تقاسم الرحلات (التي تتيح للركاب السفر بسلاسة على أي من خدمات الناقل) والمشاريع المشتركة.

يمكن القول إن هذه الأمور من الممكن السعي إلى تحقيقها بشكل أفضل من موقف الاستقلال والمصالح المشتركة، بدلا من أن يتم ذلك من خلال شريك واحد يفرض مشاعر المودة على الشريك الآخر.

لكن لا يبدو أن أيا من هذه الاعتبارات يمكن أن يردع الخطوط الجوية القطرية عن دفع 1.2 مليار جنيه استرليني لشراء 10 في المائة في مجموعة الخطوط الجوية الدولية IAG، المالكة لشركتي لرتيش إيرويز وإيبيريا. وتأمل شركة الطيران الخليجية أن يشجع الاتفاق الخطوط الجوية الدولية على توسيع ترتيبات الشركتين لتقاسم الرحلات. وهما في الأصل تتعاونان على بعض الخطوط وهما شريكتان في تحالف “عالم واحد” OneWorld. لكن من ناحية مالية ليس لهذا الأمر معنى يذكر، لأنه ينتج عائدا ضئيلا على شكل أرباح على الأسهم. وفي حين من غير المستبعد التعاون من حيث انتزاع جوانب الكفاءة، إلا أنه لا يقدم شيئا يذكر للمساعدة في أمور لم تتمكن قطر من تحقيقها من خلال وسائل أخرى أرخص.

أفضل إجابة هي أن الناقل الخليجي يعتقد أن عملية الشراء تخدم الأهداف الاستراتيجية على المدى الطويل. ترغب قطر في الإشارة إلى جديتها في السعي إلى علاقة أعمق مع الخطوط الجوية الدولية – وهو أمر يبدو أفضل ما يكون في سياق إعادة هيكلة أوسع لما يسمى “إرث” سوق الطيران في أوروبا وخارجها.

شركات الطيران الأوروبية المحاصرة بالفعل من قبل شركات الطيران منخفضة التكلفة في رحلات المسافات القصيرة، تواجه أزمة متصاعدة في المسافات الطويلة أيضا. والتهديد الأكثر وضوحا يأتي من ثلاث شركات تسمى “موصِّلات الخليج الفائقة” connectors super – “الإماراتية” و”الاتحاد” و”القطرية”. فمع أساطيلها الحديثة وخرائط خطوطها المتوسعة عبر السوق الآسيوية الحاسمة، زادت هذه الناقلات رحلاتها إلى أوروبا. قبل عقد فقط كان الثلاثي الخليجي يشغل 19 ألف رحلة في العام من وإلى الاتحاد الأوروبي. وبحلول العام الماضي بلغ الرقم 37 ألف رحلة، ومزيد من المنافسة على الطريق. فالخطوط الجوية التركية لديها منذ الآن أعمال كبيرة من وجهة إلى أخرى لخدمة أوروبا من مركز عملياتها في إسطنبول، وهي تخطط الآن لدعم ذلك برحلات طويلة إلى آسيا.

الداخلون الجدد، مثل “ريان إير”، يضعون أعينهم الآن على السوق. إدخال طائرات المسافات الطويلة، الاقتصادية في استهلاك الوقود، مثل بوينج 787، يبشر بجعل الحلم الذي استحضره أولا في بريطانيا السير فريدي ليكر في السبعينيات، واقعا: رحلات طيران لمسافات طويلة بأسعار رخيصة.

هذا الهجوم تسبب في بعض التفكير الجاد – حتى في أوساط الناقلين في أوروبا. لقد ولت الأيام التي كانت فيها شركات مثل برتيش إيرويز وفرانس إير ولوفتهانزا تتعالى بغطرسة على شركات الطيران الخليجية. ولا تزال هناك علامات استفهام حول الدعم غير العادل، الذي سيتبدد فقط عندما تنضم “القطرية” و”الاتحاد للطيران” إلى “الإماراتية” في نشر الحسابات. لكن معظم المحللين يقبلون أن نسب النفقات الضئيلة للثلاثي – تكاليف وحدة طيران الإمارات هي أقل ربع تكاليف الخطوط الجوية الدولية – تعود في جزء كبير منها إلى إدارة قادرة واهتمام بالتفاصيل.

ومن وجهة نظر الخليج، هناك اعتراف بأن التعاون ربما يكون منطقيا. فالسوق الأوروبية، مع أنها كبيرة، إلا أنها ليست بلا نهاية، وقد قطفت شركة طيران الإمارات كثيرا من الثمار الدانية بتسييرها رحلات طويلة من مطارات ثانوية مثل مانشستر في المملكة المتحدة وهامبورج في ألمانيا.

الشركتان الأخريان تتبعان استراتيجيتين مختلفتين. فـ “الاتحاد للطيران” تسعى إلى تثبيت ما يسمى “تغذية” حركة المرور من خلال شراء حصص في شركات متعثرة، مثل أليطاليا وإير برلين، التي كانت بخلاف ذلك معرضة لخطر الانهيار. ومن خلال تمويلها تمكنت من النفاذ إلى قاعدة العملاء في إيطاليا وألمانيا. أما “قطر للطيران”، فهي تقترب من الخطوط الجوية البريطانية.

وهناك كثير من الأسباب التجارية التي تدعو الخطوط الجوية الدولية وقطر للطيران إلى تجميع الموارد. فوجود مشروع مشترك على خطوت الطيران إلى الهند وآسيا، حيث يندمج الجانبان بشكل فعلي للعمل شركة واحدة، يمكن أن يسمح للخطوط الجوية الدولية بتسيير رحلات إلى كثير من الوجهات الأخرى في شبه القارة الهندية أكثر من منافسيها الأوروبيين، من دون أن تصاحب ذلك تكلفة أو مخاطر. وبالنسبة لـ “قطر للطيران”، “برتيش إيرويز” توفر لها إمكانية تقاسم الرحلات إلى مدن أمريكية ثانوية – في الوقت الذي تحاول فيه شركات الطيران الأمريكية الحد من وصول شركات الطيران الخليجية إلى السماء الأمريكية.

وبطبيعة الحال، وجود حصة لا يضمن أن أيا من هذا سيحدث – أو حتى إن فوائد التعاون ستتدفق للمساهمين بدلا من الركاب. لكن حقيقة أن “قطر للطيران” مستعدة لدعم تحركها بدفع المال أمر له دلالة كبيرة. وإذا أبرم الجانبان الشراكة، فإنها قد لا تكون الشراكة الأخيرة.