شريفة عبدالرحيم
خطوات سهلة وبسيطة تمكن المستثمر الاجنبى من تحقيق أرباح جيدة فى إفريقا، مثل دراسة السوق جيدا، وتوطيد علاقات البيزنس. كيف ذلك ؟ الاجابة فى تقرير مجلة الايكونومست عن الاستثمار فى القارة السمراء التى تحتاج كل ما يمكن الحصول عليه من تمويل.
قبل عشر سنوات لم تكن الشركات الافريقية ترحب بالمستثمرين الاجانب. ولكن اليوم تغير الوضع كثيرا، مع اهتمام مديرى صناديق الاستثمار فى وول ستريت ولندن بالتعرف أكثر على القارة السمراء.
من قبل كانت الدول الافريقية من بين المستفيدين من طفرة أوسع فى الاستثمار فى الأسواق الناشئة فى جميع أنحاء العالم. ولكن الأزمة المالية 2007-2008 وضعت حدا لتلك الطفرة. واليوم صناديق الاسهم الخاصة تضع إفريقيا نصب عينيها، وتتلقى مبالغ طائلة لاستثمارها هناك. على سبيل المثال، أعلن صندوق بريطانى قبل أيام عن جمع أكثر من مليار دولار للاستثمار فى افريقيا.
ووفقا لتقديرات البنك الدولى تحتاج افريقيا الى 90 مليار دولار اضافية سنويا، للانفاق على مشروعات البنية التحتية.
وقد أشار تقرير لمجلة الايكونومست الى انه من أسباب تحول افريقيا الى مقصد استثمارى مهم تنامى الطلب الاستهلاكى وتحرير الصناعات.
ومع ذلك، يشكك البعض فى الحماس الحالى لإفريقيا، وفضلا عن اعتبارها من «الاسواق الحدودية» (أسواق ناشئة لكنها أقل رسملة وسيولة من الأسواق الناشئة المتقدمة) هناك مخاطر سيواجهها مستثمرو الأسهم الخاصة فى الوجود فى الاسواق الافريقية، مثل الصراعات المسلحة والفساد والامراض فضلا عن صعوبة العثور على صفقات كبيرة بما يكفى لإثارة اهتمامهم حيث لا يبدى المستثمرون الكبار اهتماما بالصفقات الصغيرة.
ويقدر الحد الادنى الذى ترغب عادة الصناديق الكبيرة فى استثماره بحوالى 100 مليون دولار، ولكن العام الماضى لم يكن هناك سوى سبع صفقات فقط بهذا الحجم، وما يقرب من نصف الشركات التى تم شراؤها تقل قيمتها عن 10 ملايين دولار. وحتى عندما يكون هناك صفقة محتملة، يبدى أصحاب الشركة اعتراضا على التخلى عن إدارتها لصالح مستثمر أجنبى ويتردد مديروها فى إفساح المجال للقادمين الجدد.
ولا تزال البنوك ترى افريقيا منطقة محفوفة بالمخاطر. ومن الممارسات المعتادة للمستثمر الاجنبى فى افريقيا محاولة بيع حصته فى الشركة بعد نحو خمس سنوات من التوسع وتحسين ادائها وهو ما يتبين انه أمر صعب فى ظل عدم نضوج بورصاتها وامكانية طرح أسهمها فيها بسهولة.
مستثمرو الاسهم الخاصة الذين حققوا نتائج جيدة حتى الآن، كان لزاما عليهم بذل مجهود أكبر والصبر أكثر مما اعتادوا عليه فى صناعتهم. ويرى مستثمر بريطانى انه لا يوجد صفقات عديدة من فئة المائة مليون دولار ولكن هناك فرصا عديدة لتجميع صفقات المائة مليون. ويقول ان الذين يشكون من ندرة الصفقات الكبرى ليس لديهم خيال البيزنس، فهو شخصيا بنى شركته الكبيرة للاتصالات من مجموعة شركات صغيرة.
ويتفق المستثمرون الناجحون على أمر واحد وهو عدم التعجل، بمعنى دخول السوق وعقد صفقة ثم بيعها والخروج بسرعة. وان الصناديق التى تحقق أرباحا قوية هى التى تجرى دراسات وافية عن السوق، تفهم الظروف المحلية جيدا، وتوطد علاقاتها التجارية فى الدول التى ترغب الاستثمار فيها.
وينقل مستثمر اجنبى آخر تجربته فى إفريقيا فيقول انه يتطلع الى الشركات المتوسطة الحجم (التى تقدر قيمتها بمبلغ يتراوح بين 5 ملايين و20 مليون دولار) وتروق منتجاتها للمستهلك العادى فى شرق افريقيا (مثل المنظفات ).
من ناحية أخرى، بعدما كانت بعض الاستثمارات تعتمد على جاذبية الاصول الثابتة المملوكة للشركة محل الاهتمام. وحاليا يهتم المستثمرون الاجانب بمتاجر التجزئة والمطاعم وأنظمة الدفع. وعلى سبيل المثال، فى عام 2013، اشترى مستثمر أجنبى 1،600 محطة للوقود من امتياز «شل» فى جميع أنحاء إفريقيا جنوب الصحراء الكبرى وذلك بغرض الانتفاع بالمحلات التجارية الملحقة بالمحطات وليس بيع الوقود فحسب.
وتتدفق الاستثمارات على أسهم العيادات الصحية الخاصة والمؤسسات التعليمية مثل الجامعات. وفى حين ان تحقيق ارباح فى مجال الخدمات العامة أمر مثير للجدل فى دول العالم الغنى، اما فى افريقيا حيث هناك عجز فى تقديم مثل هذه الخدمات، فقد بدأ أصحاب المشروعات الإفريقية يدركون مدى أهمية الأسهم الخاصة فى توسع أعمالهم، وتحسين أمور مثل التدقيق الداخلى ومسك الدفاتر.
فى كثير من الأحيان، تلك الشركات الإفريقية المشتراة من قبل مستثمرين اجانب تستفيد من الخبرة الاجنبية لتعزيز أدائها من خلال تحسين قياس وتحليل البيانات على سبيل المثال. كما أن توفير الاموال يمكنها من تحديث عملياتها لزيادة كفاءتها. وعلى سبيل المثال، وجد المستثمرون فى أبراج – IHS وهى شركة اتصالات – أنه يمكن خفض متوسط تكلفة التشغيل بمقدار الثلث تقريبا، من خلال تحديث مولدات الديزل أو أن يستبدل بها الألواح الشمسية.
ومن أبرز اهتمامات المستثمرين فى افريقيا نشاط يشهد بالفعل رواجا فى سوقها المحلية ويتمتع بآفاق نمو قوى وهو التجزئة. كارلايل، وهى شركة الأسهم الخاصة الأمريكية التى تقدر السيولة لديها المخصصة للاستثمار فى افريقيا بنحو 698مليون دولار قامت بشراء حصة أغلبية فى أكبر متاجر «تايجر» للاطارات فى جنوب إفريقيا، ولديها خطط للتوسع بسرعة فى البلدان المجاورة. حيث ان العثور على مثل هذه الشركات ليس عملية سهلة، ونظرا لأن التوسع فى القارة يستغرق وقتا ومجهودا كبيرا مع تعدد اللغات والثقافات والنظم القانونية قد لا تناسب الاستراتيجية التقليدية للمستثمرين (البيع بعد خمس سنوات) لإفريقيا..
ويقول أحمد هيكل رئيس شركة القلعة القابضة، وهى شركة مصرية، انه قد تخلى عن النموذج التقليدى المتبع للاستثمار فى الأسهم الخاصة ويتبع الآن استراتيجية (شراء، تحسين، الاحتفاظ).
ويشير هيكل الى ان استثماره فى مشروع ريفت فالى وهو خط السكك الحديدية من كينيا إلى أوغندا، كان جيدا. لكنه أكثر اهتماما بإمكانات المشروع على المدى الطويل ليكون واحدا من الطرق الرئيسية فى المنطقة لنقل النفط. ومن ثم فهو على استعداد للانتظار 15-20 عاما ليرى ذلك.
على الرغم من الموجة الأخيرة للاستثمارات الاجنبية التى تجوب العالم بحثا عن فرص واعدة ، حوالى 1٪ فقط من استثمارات الأسهم الخاصة العالمية كانت من نصيب إفريقيا. ومع ذلك هناك طلب قوى من المستثمرين على الاستثمار فى القارة السمراء.