تواجه حكومة إقليم كردستان حاليا أزمة اقتصادية وإنسانية جراء تدفق اللاجئين السوريين (بدءا من أوائل عام 2012) والعراقيين المشردين داخليا في الفترة الأخيرة في عام 2014. ووفقا لتقرير أعده البنك الدولي حديثا بالاشتراك مع حكومة إقليم كردستان، فإن معدل النمو الاقتصادي في الإقليم انكمش 5 نقاط مئوية، كما ارتفع معدل الفقر بأكثر من الضعف، من 3.5 في المائة إلى 8.1 في المائة.
ويتيح التقرير الجديد الصادر بعنوان “تقييم التأثير الاقتصادي والاجتماعي للصراع السوري وأزمة “تنظيم الدولة في العراق والشام” (E)، لواضعي السياسات على الصعيدين الوطني والإقليمي تقييما فنيا للتكاليف اللازمة الناشئة عن تأثير الصراع وتحقيق الاستقرار لعام 2015، التي ترتبط بتدفق اللاجئين والمشردين داخليا. وتذهب التقديرات إلى أن تكلفة تحقيق الاستقرار لعام 2015 تبلغ 1.4 مليار دولار من الإنفاق الإضافي بخلاف ميزانية حكومة إقليم كردستان. وقد يرتفع هذا التقدير بكثير تبعا لمدى استمرار الأزمة. ورغم استجابة حكومة إقليم كردستان لاحتياجات السكان النازحين حتى الآن، ثمة حاجة للمزيد من الموارد لتفادي تفاقم هذه الأزمة الإنسانية وتلبية احتياجات السكان المشردين في الأمدين المتوسط والطويل. ويشير التأثير هنا إلى الآثار الاقتصادية والمالية العامة المباشرة على اقتصاد الإقليم وميزانيته، بينما تشير تكلفة تحقيق الاستقرار إلى بنود الإنفاق الاضافي اللازمة لاستعادة رفاهة مواطني الإقليم.
وتعليقا على ذلك، قال روبرت بوجودة المدير القطري للبنك الدولي في العراق ، “يشعر المجتمع الدولي بقلق عميق بشأن الظروف التي يواجهها اللاجئون والمشردون داخليا في إقليم كردستان العراق. ونأمل في أن يساند هذا التقييم حوار حكومة الإقليم مع نظرائها الوطنيين والدوليين، وأن يساعد في إيجاد حل سريع لهذه المشكلة”.
وتسلط الدراسة الضوء على ارتفاع الأسعار ومعدلات البطالة، وتراجع مستوى الأجور بسبب دخول اللاجئين والمشردين داخليا إلى سوق العمل، مشيرةً إلى أن زيادة مستويات العنف أحدثت صدمات على جانب العرض. وقد أثرت أزمة تنظيم الدولة في العراق والشام بشدة على تجارة السلع والخدمات، حيث أدت إلى تعطل طرق النقل، وتراجع تدفقات الاستثمارات الأجنبية المباشرة، وتأثر عمليات الشركات الأجنبية سلبا. علاوة على ذلك، كان لتوقف مشاريع الاستثمار الحكومي تأثير سلبي على الاقتصاد.
من جانبه، قال الدكتور على السندي، وزير التخطيط لدى حكومة إقليم كردستان، “نتيجة للصراع السوري وأزمة تنظيم الدولة، ازداد سكان منطقة كردستان العراق حوالي 28%، مما شكل ضغوطا على الاقتصاد المحلي، والمجتمعات المحلية المضيفة، والقدرة على الحصول على الخدمات العامة. وقد قبلنا اللاجئين والمشردين داخليا وعاملناهم مثل أبناء الإقليم، عن طريق توفير سبل حصولهم على جميع الخدمات العامة في منطقتنا. وبينما خصصت حكومتنا موارد كبيرة – من خلال خطة الاستجابة المباشرة – لتلبية احتياجات المشردين داخليا، فإنها لا تستطيع منفردة التعامل مع هذه الأزمة الإنسانية واسعة النطاق. ولابد من زيادة المساندة من الشركاء الوطنيين والدوليين لتجاوز هذه الأزمة الإنسانية وتلبية احتياجات المشردين”.
ويُعتبر التقرير ثمرة التعاون الوثيق بين مجموعة متنوعة واسعة النطاق من خبراء البنك الدولي ومؤسسات حكومة الإقليم والشركاء الدوليين. وفي هذا الصدد، قالت سيبل كولاكسيز، وهي خبيرة اقتصادية أولى بالبنك الدولي ورئيسة فريق إعداد التقرير، “ثمة حاجة لاستجابة على الصعيدين الوطني والدولي في القريب العاجل، وفي الأمد المتوسط هناك حاجة للقيام بإصلاحات هيكلية. وتدرك السلطات الحاجة للإصلاحات الاقتصادية وتنويع أنشطة الاقتصاد. وبالفعل، فإن إحدى الركائز الرئيسية لرؤية حكومة إقليم كردستان تتمثل في تنمية اقتصاد متنوع يمثل القطاع الخاص قاطرته”.