Site icon IMLebanon

ملجأ روسيا سيكون الذهب !

RussiaGoldDollar
انيس ديوب
على عكس ما هو متوقع تماماً، وبدلاً من استخدام احتياطي روسيا الهائل من الذهب، لدعم العملة الروسية المتهاوية (الروبل) نجد أن روسيا تواصل في الواقع إضافة المزيد من الذهب إلى احتياطيها.فلماذا هذا الاتجاه المعاكس الذي تسلكه روسيا؟
بالأمس القريب، نشرت صحيفة موسكوفسكي كومسوموليتس الروسية مقالاً تحت عنوان روسيا تشتري ثلث الذهب العالمي. وجاء في المقال أن البنك المركزي الروسي حطم العام الماضي 2014 ، رقماً قياسياً في شراء الذهب حيث اقتنى 171 طناً، أي ما يشكل ثلث الذهب الذي اشترته جميع المصارف المركزية لدول العالم الأخرى. وجاء في المقال أن سبب تلك الهجمة الشرائية للذهب من جانب البنك المركزي الروسي، هو زيادة حجم استخراج الذهب في روسيا التي شغلت العام الماضي المرتبة الثانية عالمياً في هذا المجال، واستخرجت 272 طناً من الذهب، أي ما يزيد بنسبة 9 % عن إنتاجها خلال العام 2013، علما أن المرتبة الأولى في استخراج الذهب تشغلها الصين التي لا تفصح أبداً عن حجم إنتاجها من المعدن الأصفر.

لكن من الواضح أن زيادة حجم استخراج الذهب في روسيا ليست أبداً سببا في دفع المصرف المركزي الروسي لشراء كميات أكبر، ولا بد من أن هناك سبباً أو ربما أسباباً أخرى لذلك. من بين الأسباب الأخرى، ما قاله بافل سيمونينكو، مدير مبيعات «Dukascopy Bank SA» في بلدان رابطة الدول المستقلة من أن روسيا تسعى لتقليل مخاطر العقوبات الغربية المفروضة عليها، ولذلك فهي تقوم بتنويع استثماراتها التي يشكل الذهب أحدها. فأمام خطر احتمال فرض عقوبات على معاملات الصرف الأجنبي بالدولار واليورو، ليس أمام البنك المركزي الروسي إلا أن يستمر بتنويع الأصول. وهناك بالفعل توقعات بأن ترتفع حصة الذهب في إجمالي الاحتياطيات الروسية إلى 15 % وبهذا، يسعى البنك المركزي إلى حماية الاحتياطيات في حالة تدهور الوضع السياسي. كما أن الذهب هو أحد “الأصول الدفاعية” ويبدو أن الاستثمار في هذه الأصول، على خلفية زيادة التوقعات بحلول موجة ثانية من الأزمة الاقتصادية والمالية العالمية، أمر ضروري بالفعل.

يبدو أن روسيا تستفيد من تجربة إيران، التي قامت واشنطن بتجميد أرصدتها الخارجية، عندما بدأت بفرض عقوبات على طهران بسبب برنامجها النووي وهذه العقوبات شملت كل السندات المالية الأمريكية التي كانت قد اشترتها إيران. روسيا، وعلى أية حال، ليست الدولة الوحيدة التي زادت احتياطياتها من الذهب. فالصين هي الأخرى، تمارس سياسة مماثلة، وتزيد من احتياطياتها عن طريق شراء أطنان من الذهب، إذا لم يكن مناجم ذهب بأكملها. وهناك معلومات تقول أن الصين تسعى إلى زيادة احتياطياتها في البنك المركزي من الذهب من 1000 طن إلى 10.000 طن علماً بأن الولايات المتحدة تأتي في المرتبة الأولى بهذا المجال حيث تمتلك 8000 طن من الذهب الاحتياطي. أما البنك المركزي الروسي فلديه 1.200 طن من الذهب.

وقبل أشهر قال الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، إن بلاده والصين بحاجة إلى التأكد من أن احتياطياتهما من الذهب والعملات الأجنبية الصعبة، هي احتياطيات آمنة. ويدور احتياطي روسيا من النقد الأجنبي في حدود 520 مليار دولار، فيما سجل احتياطي الصين مستوى قياسيا بلغ 3.95 تريليون دولار. ومما قاله بوتين أيضاً “من المهم بالنسبة إلينا (روسيا والصين) أن نودع تلك الاحتياطيات (احتياطيات الذهب والعملة) بطريقة رشيدة وآمنة. ونحتاج سوياً إلى التفكير في كيفية عمل ذلك، واضعين في اعتبارنا حالة الاقتصاد العالمي المضطربة”. “يبدو أن من مصلحة روسيا أن تنأى بنفسها عن العملات الغربية المتضخمة، وأن تؤسس اقتصادها على عملة سليمة مثل الذهب” هذا ما قاله ألسدير ماكليولد، رئيس الأبحاث لدى بورصة السبائك، وهو على حق في ما قال.