Site icon IMLebanon

حين تبدو معظم الاستثمارات الأخرى غير جذابة .. .الذهب صديق لا يمكن الركون إليه

WorldMoneyGOld

جون بلندر

كان لينين، الثوري الروسي المتصلب، يحتقر الذهب، واعتقد أنه ينبغي استخدامه لبناء دورات المياه العامة. كنت أمتلك القناعة نفسها في حياتي المهنية المبكرة. كانت الفائدة الاقتصادية لذلك المعدن الأصفر بالنسبة لي تبدو محدودة في ضوء تراجع استخداماته الصناعية. باعتباره استثمارا، كان ولا يزال قائما كليا على عنصر المضاربة، لأنه لا يجني أي دخل. ومنذ إدخال سندات حكومية مرتبطة بالمؤشر، أصبحت أي مزايا يمكن أن يمتلكها الذهب باعتباره تحوطا ضد التضخم أقل أهمية من قبل.

بالتأكيد كان الذهب مخزنا متقلبا تماما للقيمة في العقود الأخيرة، وأي شخص اشتراه أثناء ذروة سوق الذهب الصاعدة في أوائل الثمانينيات شهد خسارة في استثماراته بنسبة 80 في المائة من قيمته بالمعدلات الحقيقية على مدى السنوات العشرين التالية. وبوصفه وسيلة للحماية ضد عدم الاستقرار السياسي والاقتصادي، أصبح الذهب في الآونة الأخيرة ملجأ أقل موثوقية، بإخفاقه في الارتفاع في الأسعار بشكل دائم استجابة لكل أزمة جيوسياسية جديدة.

مع ذلك، قبل بضع سنوات غيرت رأيي في المعدن.

كان السبب الأول هو أن الذهب، على مدى آلاف السنين، لم يتعرض للإعسار قط، لهذا تضمر الإنسانية التزاما نفسيا للمعدن الأصفر الذي ربما قد يستغرقه الأمر ليس عقودا، بل قرونا، من عوائد الاستثمار الرهيبة لكي يتفكك ويزول. وهذا يعني أنه من غير المحتمل أن يفقد كل قيمته في حياتنا حتى لو اختفت جميع استخداماته الصناعية في النهاية وفقد الناس كل اهتمام لهم بالذهب كنوع من الحلي.

الإمدادات ثابتة نسبيا والإنتاج السنوي من المناجم يعد نسبة مئوية ضئيلة من أرصدة الذهب البارزة. ويحفز الارتفاع في سعر الذهب فقط زيادة محدودة في الإنتاج السنوي من المعدن، ولذلك لا توجد صلة بالدورة الاقتصادية، ولا يوجد ترابط مع غيره من الأصول المالية. والنتيجة هي أن الذهب يقدم تنويعا مفيدا جدا في المحفظة.

وتصبح عوامل الجذب مقنعة جدا، ولا سيما في فترات الانكماش. وهذا يعد اعتبارا مثيرا في وقت تسوده اختلالات عالمية وتعاني أجزاء من العالم نقص الطلب، بما في ذلك منطقة اليورو. وإذا تراجعت الأسعار في الاقتصادات الراكدة، فإن التحوط الاستثماري الأكثر وضوحا هو النقد. لكن مع وجود حروب العملات، قد يكون النقد تحوطا انكماشيا رديئا، إذا فرضت البنوك المركزية أسعار فائدة سلبية على الودائع لردع تدفقات رؤوس الأموال.

ويعد هذا أحد الدروس المستفادة من إزالة البنك الوطني السويسري لتغطيته للفرنك مقابل اليورو. ففي محاولة غير ناجحة للتخفيف من الارتفاع المحتمل في قيمة الفرنك الناشئة عن هذا التحرك، خفض البنك المركزي سعر الفائدة على حسابات الودائع إلى سالب 0.75 في المائة. وهناك دول أخرى تعتبر من مقدمي خدمات الأصول الآمنة جدا، من المحتمل أن تسلك طريق سعر الفائدة السلبية نفسه حين يحين الوقت المناسب.

وبالمثل، السندات ذات الفائدة الثابتة تعتبر تحوطا انكماشيا. وهذا صحيح بلا شك حين تكون العوائد إيجابية. مع ذلك، تظهر سندات الحكومة دلائل على سلوكها طريق الفائدة نفسه على الودائع السويسرية.

على المدى القصير تكون عائدات السندات الحكومية سلبية، ليس فقط في اليابان المعرضة للانكماش، وإنما أيضا في ألمانيا وفرنسا وهولندا والسويد والدنمارك. لذلك، للعثور على تحوط لائق من الانكماش، على المستثمرين في تلك البلدان الدخول في مخاطر أطول أجلا – وهو أمر لا يعد جذابا عندما تكون الاقتصادات بين التضخم والانكماش. أما العودة إلى الوسط التاريخي في عوائد السندات فقد يكون أمرا مؤلما.

هنا تكمن جاذبية الذهب. ولأن أسعار الفائدة متدنية أو سلبية، فإن تكلفة الفرصة في اقتناء المعدن لا تذكر. حين تبدو معظم الاستثمارات الأخرى مكلفة أو ببساطة غير جذابة، من الصعب مقاومة بريق الذهب. من الناحية العملية، يقدم الذهب تحوطا ضد أخطاء البنوك المركزية والخلل الوظيفي في السياسة النقدية. وماذا يمكن أن نصف خلفية السوق الحالية بصفة غير أنها مختلة وظيفيا؟

السياسات غير التقليدية من البنوك المركزية عملت تماما على تشويه الأسواق. ولا يستطيع أحد أن يكون على يقين من أن البنوك المركزية ستعثر على طريق للخروج من المتاهة النقدية الغامضة دون إيقاع فوضى مالية. كل ما نعلمه بالفعل هو أن التجربة الأخيرة مع الإرشاد المتقدم تبين بوضوح مؤلم مدى قلة فهم البنوك المركزية آليات اقتصاد ما بعد الأزمة.

لكن الذهب صديق لا يمكن الركون إليه. دون وجود عائد يستند إليه، يمكن أن يكون السعر متقلبا. ورغم جميع أوجه جاذبيته، إلا أنه ينتمي بكل تأكيد إلى عالم أقل الخيارات الرديئة.