Site icon IMLebanon

“داعش” أكبر إساءة للإسلام (بقلم رولا حداد)

 كتبت رولا حداد

تصرّ “داعش” على أن تثبت للعالم أنها تأتي من القرون الوسطى الظلامية.

أنا المسيحية أرفض أن أسمّيها تنظيم “الدولة الإسلامية”، لأني إذا أطلقت عليها هذه الصفة فإن هذا سيعني أن “داعش” تمثل المسلمين، وبالتالي وجب على المسيحيين أن يعلنوا الحرب على المسلمين الذين يقتلونهم ذبحاً!

لا أيها السادة، ليس هذا هو الواقع، ونرفض أن يكون.

“داعش” تمثل تنظيماً إرهابياً مجرماً يتلطى خلف الدين الإسلامي لاستعماله كذريعة لتنفيذ جرائم أقل ما يُقال فيها إنها بربرية وهمجية ولا تنتمي الى الانسان البشري بصلة، فكيف الى أديان سماوية!

الموضوع لم يعد يتعلّق بتنظيم إرهابي يحارب نظاماً إرهابياً كما هو الوضع في سوريا. ولم تعد قصّة ردّ فعل على نظام أمعن في الممارسات المذهبية في العراق.

بالأمس ذبح إرهابيو “داعش” 21 قبطياً مصرياً في ليبيا لم يرتكبوا أي جرم. كانوا بكل بساطة عمّال يسعون الى كسب لقمة عيشهم في ليبيا. اعتقلوهم وقاموا بذبحهم من دون أي سبب، وصوّروهم بهدف لم يعد خافياً على أحد وهو محاولة ترهيب العالم منهم لمحاولة تحقيق مكاسب معنوية.

بذلك يشكل إرهابيو “داعش” الخطر الأكبر على الإسلام والمسلمين أنفسهم، قبل أن يشكلوا خطراً على غير المسلمين. “داعش” اليوم تهدّد أوّلاً العالم الإسلامي والمسلمين. إنهم يهددون بقلب كل الأنظمة بهدف فرض دولتهم المزعومة. وهم يهددون جميع المسلمين بتكفيرهم وذبحهم ما لم يتبعوهم. إضافة طبعاً الى أنهم يهددون غير المسلمين.

بطبيعة الحال لم يعر أحد أهمية لتهديدهم بفتح روما أو برفع علم “داعش” في واشنطن. فنسبة الغباء في هذه التهديدات مرتفعة جداً. المشكلة الأساس تكمن اليوم لدى الأنظمة العربية التي من المفترض فيها، قبل غيرها، وفي رجال الدين المسلمين قبل غيرهم، إعلان الحرب الفعلية والشاملة على “داعش” قبل فوات الأوان.

على كل دولة عربية ومسلمة أن تعلن الحرب على “داعش” ضمن حدودها، وبكل إمكاناتها، لأن أي تقاعس يعني المجازفة بالدخول في المجهول. فالحرب اليوم هي بين إرادة الحياة والتقدّم لدى الشعوب أياً تكن ديانتها أو ايمانها وبين من يحاول العودة بالزمن الى قرون ظلامية ولّت ولا يمكن أن تعود.

من البديهي الاعتراف أن تأثير “داعش” هو في جزء كبير منه تأثير إعلامي من خلال استعمال هؤلاء الإرهابيين لوسائل التواصل الاجتماعي والإعلام لنشر الفظائع التي يقومون بها. وهذا ما يؤدي الى نشر الأعمال الإرهابية التي يقومون بها بشكل كبير. لكن الحقيقة أن تاريخ البشرية شهد الكثير من الجزارين والمجرمين والحروب التي أدت الى قتل ملايين البشر. ولكن ما لا يجوز في القرن الواحد والعشرين أن تُترك مجموعة كـ”داعش” لتقوم بما تقوم به.

على المسلمين في كل أنحاء العالم أن ينتفضوا لكرامتهم التي تنتهكها “داعش”. وعليهم أن ينتفضوا أيضا لدينهم الذي تشوهه “داعش” بشكل غير مسبوق في التاريخ. فلا رسومات “تشارلي إيبدو” ولا الرسومات الدانماركية ولا غيرها يسيئون الى المسلمين والإسلام كما تسيء “داعش”.

على كل انسان عاقل في الكون أياً يكن انتماؤه الديني ألا يقبل بالإساءة التي تشكلها “داعش” لكرامة الانسان حول العالم. والمطلوب اليوم قبل الغد، ثورة تبدأ من الداخل الإسلامي، ثورة على من يحاول تصوير الدين الإسلامي وكأنه دين إرهاب لا سمح الله. فذبح البشر تحت رايات دينية إسلامية كما يحصل اليوم في القرن الواحد والعشرين إنما يشكل الإهانة الأكبر للدين الإسلامي والمسلمين حول العالم.