Site icon IMLebanon

خلافات تطيح “أمير” “داعش” في القلمون

 

 

 

كتب عبد الله سليمان علي في صحيفة “السفير”:  

 

عُزِل أبو الهدى التلّي من منصبه كـ«أمير» على «الدولة الإسلامية في القلمون» وعُيِّن «البانياسي» مكانه.

 

والقاسم المشترك بين الرجلين، أن كليهما يعتبر مقرباً من زعيم «جبهة النصرة في القلمون» أبي مالك التلّي، فالأول ابن مدينته والثاني أحد تلامذته. فهل المقصود بذلك محاولة التقرب من «النصرة» وإصلاح ما أفسده «الأمير الشرعي» أبو الوليد المقدسي بعد تكفيره العلني لها، أم أنها لعبة مزدوجة يقوم بها تنظيم «الدولة الإسلامية في العراق والشام» ــ «داعش» في الوقت المستقطع، لا سيما أن هذه التغييرات ترافقت مع حدثين بارزين استهدفا مسقط رأس أبي مالك التلي في مدينة التل في القلمون، الأول الظهور العلني لخلايا «داعش» في شوارع المدينة للمرة الأولى، والثاني تفجير سيارة استهدفت مسجد فاطمة الزهراء، وأدى إلى مقتل وجرح العشرات.

 

ولم يفصل بين ظهور خلايا «داعش» في المدينة وبين التفجير الذي استهدفها سوى أقل من 48 ساعة، ومع ذلك سارع غالبية النشطاء والإعلاميين في المنطقة إلى توجيه أصابع الاتهام نحو الجيش السوري، معللين ذلك برغبته في إيجاد ذريعة لاقتحام المدينة. لكن اللافت أن «جبهة النصرة في القلمون» لم تتبنّ هذا الاتهام صراحةً، برغم تعبيرها، في البيان الذي أصدرته أمس الأول، عن قناعتها أن التفجير يخدم مخططات النظام.

 

وأشار البيان إلى أن «قابل الأيام مليء بالمفاجآت»، بعد تأكيده على «حصول جبهة النصرة على معلومات حول التفجير في منطقة التل»، محذراً كل «من تواطأ على تنفيذ هذا العمل بوجوب تسليم نفسه إلى أقرب هيئة شرعية في أسرع وقت».

 

لكن المستغرب في البيان هو إعلان «جبهة النصرة» براءتها من التفجير، مع التنويه إلى أن الغاية منه قد تكون «نزع الثقة ما بين المجاهدين وبين عامة المسلمين، من خلال توجيه أصابع الاتهام إلى المجاهدين». ويبدو أن الجهة التي وجهت الاتهام إلى «المجاهدين» من الأهمية بمكان بحيث استدعت إصدار هذا البيان، وهي بالتأكيد ليست الجيش السوري.

 

ويشير بيان «النصرة»، الذي يحمل العديد من التأويلات والتفسيرات، إلى أن مدينة التل قد تكون في الأيام المقبلة على موعد مع حملة من المداهمات والاعتقالات، التي يمكن أن تنفذها الجبهة بذريعة ملاحقة المتورطين في التفجير، مع عدم إغفال وجود أهداف أخرى لهذه الحملة مثل محاصرة خلايا «داعش» ومنعها من التغلغل في مسقط رأس زعيمها أبي مالك التلّي.

 

وتأتي هذه التطورات في ظل معلومات حصلت عليها «السفير» من أحد أعضاء الفريق الإعلامي لتنظيم «الدولة الإسلامية في القلمون» تؤكد أن الوضع الداخلي للتنظيم «هشّ للغاية»، ويختلف كلياً عن الصورة التي انتشرت عنه خلال الفترة الماضية، وبالأخص بعد استحصاله على «البيعات» من فصائل «الجيش الحر»، والتي كان من المفترض أن تضاعف قوته وفاعليته.

 

وأكد الإعلامي أن «الخلافة الإسلامية في القلمون تعاني من أزمة نفاق، وانعدام الولاء بين صفوف عناصرها، خاصة أولئك الذين بايعوها مؤخراً»، مشيراً إلى أن «الكثير من الأنباء التي تنتشر في وسائل الإعلام حول بعض أوضاع الدولة في المنطقة يجري تسريبها من قبل هؤلاء المدسوسين»، وذلك في إشارة منه إلى الأنباء التي تتوارد عن وجود خلافات في صفوف «الدولة الإسلامية» أدت مؤخراً إلى عزل «الأمير» أبي الهدى التلّي وتعيين «البانياسي» مكانه.

 

ولم ينف الإعلامي صحة هذه الأنباء، بل على العكس عبّر عن ضيقه من هذه الخلافات واستفحالها، مشيراً إلى «أنها تدفعه دائماً للتفكير بالانتقال من القلمون إلى أي مكان آخر».

 

وكانت بعض التسريبات تحدثت أن السبب وراء عزل أبي الهدى التلّي هو الاعتذار الذي تقدم به إلى ابن مدينته أبي مالك التلي بعد البيان التكفيري الذي أصدره «الأمير الشرعي» الجديد أبو الوليد المقدسي بحق «جبهة النصرة»، الأمر الذي لم يرُق لقيادة «الدولة الإسلامية» فعزلته وعينت «البانياسي» محله.

 

وأكدت التسريبات، التي مصدرها أحد عناصر «كتائب عبدالله عزام»، أن الخلافات تتفاقم بسرعة بين «البانياسي» والمقدسي، لأن «البانياسي» رفض بدوره الانسياق وراءه في موضوع تكفير «جبهة النصرة». وتوقع مصدر التسريبات عزل «البانياسي» في أي وقت. هذه التسريبات لم ينفها «إعلامي داعش»، بل أكد صحتها، مضيفاً أن «الخلافات ليست بين أشخاص، وإنما أعمق من ذلك» وبالتالي فإن عزل «البانياسي» لن يحل المشكلة.

 

وثمة أمر لافت في التغييرات التي تجريها قيادة «الدولة الإسلامية» على المناصب في القلمون، إذ بدا واضحاً أنها تصر على أن يكون «أميرها» هناك من المقربين لزعيم «جبهة النصرة» أبي مالك التلي، فالأول ابن مدينته بينما الثاني أحد التلامذة الذين درسوا على يديه، وهذا ما يتناقض مع تعيينها أبي الوليد المقدسي، الذي سارع منذ توليه منصبه، إلى إصدار بيان يكفر فيه «جبهة النصرة» ويتهمها بالخيانة والغدر.

 

وقد يكون تفسير ذلك بأنه إما يأتي في سياق سياسة العصا والجزرة تجاه التلّي ومحاولة استقطابه إلى صف «داعش»، سواء بالحوار، الذي يتولاه المقربون منه أمثال «البانياسي»، أو بالضغط والترهيب، مثل الظهور المفاجئ لبعض الخلايا في مدينة التل، وربما تفجير السيارة المفخخة فيها. أو أنه يهدف إلى ضمان «خط الرجعة» في حال فشلت جهود استقطاب التلّي ووصلت الأمور بين الطرفين إلى نقطة الانفجار حيث يكون هناك من يستطيع القيام بدور الإطفائي.