عبدالله بن عبدالمحسن الفرج
تشير كافة التقارير إلى أن أسعار النفط سوف تعاود طريقها إلى الصعود من جديد خلال هذا العام. فحسب توقعات وكالة الطاقة فإن أسواق النفط سوف تكون عرضة، في النصف الأول من العام، إلى مزيد من الضغوط بفعل فائض العرض. الأمر الذي سوف يؤدي إلى مواصلة الأسعار، خلال الستة أشهر الأولى، هبوطها مدعومة بتراجع الطلب على الطاقة. وهذا طبعاً لا ينطبق على التخزين الذي يجد أصحابه في انخفاض الأسعار فرصتهم الذهبية. لذلك فإنه من المتوقع خلال النصف الأول من هذا العام أن يصل المخزون النفطي العالمي إلى أعلى مستوى. فمخزون منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية، على سبيل المثال، يتوقع له أن يصل إلى 2.83 مليار برميل. وهو نفس المستوى الذي سجله في أغسطس 1998 عندما هبطت على أثره أسعار النفط إلى 11.22 دولاراً للبرميل.
بيد أن هذا التوجه لن يدوم لوقت طويل. فمصرف سيتي غروب يرى إن الوضع المشار إليه أعلاه سوف يقود إلى تراجع الاستثمارات في قطاع الطاقة الأمر الذي سيؤثر على الإنتاج العالمي. ولذا يتوقع المصرف أن أسعار النفط، بعد أن تصل إلى القاع بين نهاية الربع الأول وبداية الربع الثاني، لا بد وأن تشق طريقها إلى الصعود بعد ذلك.
أما تقرير منظمة الأقطار المصدرة للنفط “الأوبك” فإنه، على خلاف التقارير المتشائمة، يشير إلى أن الطلب على نفط المنظمة سوف ينمو خلال النصف الثاني من العام بشكل كبير. وتقرير المنظمة يتمتع بمصداقية. لأنه لا يخضع مثل غيره للضغوطات التي تمارس من قبل الجهات ذات المصلحة. فمنظمة أوبك لا تمثل جهة بعينها وإنما كافة البلدان الأعضاء فيها. وهي مثلما نرى بلدان مختلفة. ولهذا رأينا ارتفاع أسعار النفط بشك ملموس بعد صدور تقرير المنظمة.
إذاً فنحن أمام تقارير تشير كلها، رغم بعض التباين الطفيف فيما بينها، إلى أن أسعار النفط سوف ترتفع خلال الفترة القادمة من هذا العام. وهذا أمر لا يهمنا وحدنا. فتراجع أسعار النفط يشكل ضغوطات كبيرة على الأنفاق في البلدان المصدرة للذهب الأسود وخاصة بلدان مجلس التعاون. فانخفاض سعر برميل النفط إلى أقل من 20 دولاراً-لا سمح الله- سوف يؤثر على حجم النفقات بشكل كبير. لأن ميزانيات هذه البلدان لعام 2015 وضعت على أساس مستويات أعلى من الأسعار.
ولكن ما الذي يعنيه تراجع إنفاق البلدان المصدرة للنفط غير تراجع وارداتها من البلدان الصناعية. فنحن مثلما رأينا فإن تقليص بلد واحد وهي روسيا لواردتها من البلدان المقاطعة لها قد تسبب في العديد من المشاكل الاقتصادية للبدان الأوروبية. فما بالك إذا تراجعت مشتريات بلدان الأوبك والتي من ضمنهم المملكة التي لديها أكبر طاقة إنفاقيه في المنطقة. خاصة وأن تحسن سعر صرف الدولار سوف يضغط باتجاه تقليص الواردات من غالبية البلدان الصناعية نتيجة ارتفاع سعر صرف عملاتها مقابل العملة الأمريكية-وذلك على الرغم من انخفاض تكاليف الإنتاج الناجمة عن تراجع أسعار النفط. وعلى هذا الأساس فإن الضغوطات التي تعرضت لها ميزانية المملكة في النصف الأول من العام يتوقع لها أن تنحسر خلال النصف الثاني منه. وهذا أمر يهمنا بل ويفرحنا.