Site icon IMLebanon

الشركات الصينية لم تظهر قدراتها الكاملة بعد

ChinaIndustry
ديفيد بيلينغ
نحن في هذه الأيام نأخذ مسيرة الصين نحو الصعود بوصفها أمراً مفروغاً منه، ذلك على الرغم من أن قوتها الاقتصادية الماحقة تباطأت، فالناتج الإجمالي الصيني هو أكبر من مثيله في الولايات المتحدة وفق بعض المعايير، فاستراتيجياً تحدث بكين موجات تمتد لمناطق بعيدة مثل إفريقيا وأمريكا اللاتينية، وعسكرياً نجدها بدأت تصبح أكثر حزماً ولاسيما قرب مياهها الإقليمية . ولكن ماذا عن الشركات الصينية؟ هل ستجتاح العالم هي الأخرى مثل العاصفة؟ وهل هي مسألة وقت فقط قبل أن يتحدث العديد منا باستخدام أجهزة الهواتف المصنوعة في الصين، ويقودون السيارات المصنوعة في الصين؟
بالتأكيد قد تبدو الأمور على هذا النحو، فبعد سنوات هيمنت فيها الشركات العملاقة المملوكة للدولة على مشهد أعمال الشركات في الصين، شقت حصيلة كاملة من شركات القطاع الخاص طريقها فجأة نحو السطح .
وفي العام الماضي أكملت شركة “علي بابا”، عملاقة التجارة الإلكترونية أكبر طرح عام أولي في التاريخ، جمع مبلغ 25 مليار دولار وجعل تقدير قيمتها السوقية يرتفع لأكثر من 200 مليار دولار . كما أسست مجموعات تكنولوجية أخرى مثل شركة محرك البحث “بايدو”، وشركة وسائل الإعلام الاجتماعي والألعاب “تينسينت” مراكز مهيمنة في السوق الصينية الضخمة عبر الإنترنت . وحتى “سياومي”، وهي الشركة التي لم تكن موجودة قبل خمس سنوات، نجدها وقد جاءت من العدم لتصبح إحدى أكبر الشركات المصنعة للهواتف الذكية في العالم .
وبالتأكيد فلن يطول الأمر بنا كثيراً حتى نقفز إلى اقتراح أن هذه الشركات وغيرها يمكن أن تصنع الأخبار عالمياً في القريب العاجل، فبعد كل شيء، فإنه لم يطل الأمر كثيراً على الوقت الذي كانت فيه السلع اليابانية تشطب لعدم مطابقتها للمواصفات المطلوبة، ذلك على الرغم من أن تحديات التنافسية لشركات مثل “سوني” و”باناسونيك” كانت تجيء وتذهب، وأنشأت اليابان بعدها شركات عالمية مثل “سوني” و”سوفتبنك”، كما فعلت ذلك أيضاً كوريا الجنوبية مع شركات مثل “سامسونغ” و”هيونداي”، فلم لا تحذو الصين حذوها؟
وهناك أربعة أسباب على الأقل لم ينبغ لشركات مثل “غوغل” و”بي إم دبليو” و”غولدمان ساكس” ألا تهتز من الخوف حتى الآن، وتم تسليط الضوء على الأول منها من قبل “علي بابا” التي تواجه دعوى قضائية في الولايات المتحدة حول مزاعم متعلقة بعدم إفصاحها عن معلومات مهمة قبل طرح أسهمها للاكتتاب العام . وتتعلق الدعوى بادعاءات حول تغطية شركة “علي بابا” على نقاشات كانت تدور مع الجهات التنظيمية في الصين حول فشلها المزعوم في تضييق الخناق على البضائع المزيفة .
ومن شأن ذلك كما يقول “جاك ما”، مؤسس الشركة، أن تكون له على المدى الطويل آثاراً إيجابية تعود بالفائدة على “علي بابا”، فجزء من الأساس المنطقي لإدراج الأسهم في الأسواق الخارجية هو التعرض لقواعد ونظم أكثر صرامة، وعلى الرغم من ذلك، فعلى المدى القصير تكشف تلك الأحداث وجود هوة في المواقف بين البيئات التنظيمية في كل من الصين والولايات المتحدة .
وقد تلعب تلك الهوة دوراً في غيرها من الصناعات كذلك، فنجد أن شركات البنوك الصينية التي أخذت على التفاوت الذي تضمنه الدولة بين معدلات الفائدة على الودائع والإقراض قد تواجه صعوبات عند قيامها بتقييم المخاطر خارج الصين . كما قد تجد شركات الإنترنت التي نمت بسرعة كبيرة خلف “سور الصين الناري العظيم” القواعد أكثر صرامة على الجانب الآخر .
وعانى مسار “سياومي” للتوسع العالمي انتكاسة في الهند عندما أمرت محكمة في دلهي الشركة بوقف مبيعاتها لحين التوصل لحل في النزاع حول براءات الاختراع مع مجموعة “أريكسون” للتكنولوجيا .
وثالثاً، وأياً كان عليه الأمر عادلاً أم غير عادل، فقد تجري معاقبة الشركات الصينية بخصوص علاقاتها الملتبسة مع الدولة الصينية، والمثال الكلاسيكي لذلك هو شركة “هواوي” العالمية للاتصالات التي لم تتمكن من اقتحام السوق الأمريكية بسبب الشكوك في واشنطن من أنها تشكل تهديداً أمنياً .
الرابع من بين الأسباب التي تدعو الشركات الأمريكية لعدم القلق، هو مسألة العلامات التجارية، فحتى العام الماضي لم تدخل أي من الشركات الصينية ضمن 100 مرتبة الأولى في التصنيف العالمي للعلامات التجارية “إنتربراند”، وفي السنة الماضية نجحت ”هواوي” في اختراق نادي النخبة في المرتبة رقم ،94 أما داخلياً فتصدرت ”تشاينا موبايل” الترتيب المحلي للشركات، وهي شركة لا تحظى تقريباً بأي اعتراف في الخارج .
ولا يعني ذلك أمراً حاسماً وقاطعاً، حيث إن الوعي بالعلامات التجارية يلي النجاح في الأهمية، وكذلك فإن العكس صحيح، وإن كان لفشل العلامات التجارية الصينية أن يكون ساراً فيمكنه أن يكون مؤذياً وضاراً كذلك .
فقد ارتفعت جودة السيارات التي تنتجها شركات مثل “غريت وول” و”تشانغآن” بشكل ملحوظ في السنوات الأخيرة وفقاً لاستطلاعات الصناعة، ومع ذلك فلم تستطع أي منها حتى الآن تحقيق نجاح مميز يجعلها تشكل تهديداً جاداً للأسواق الأوروبية والأمريكية .
وتكمن عقبة خامسة هي الأكثر صعوبة وتعقيداً نحو التوسع العالمي في الحجم الهائل للسوق المحلية الصينية، ففي حين لم يكن هناك خيار أمام الشركات الكورية الجنوبية أو التايوانية أو اليابانية سوى المغامرة في الخارج، إلا أنه يمكن للعديد من الشركات الصينية الاكتناز وأن تصبح أكبر وأسمن في الداخل .
وليست أي من هذه العقبات صعبة بحيث لا يمكن التغلب عليها، وإلى جانب ذلك فإن الحواجز أمام دخول الأسواق الناشئة سريعة النمو لا تزال أقل بكثير، وحتى في الأسواق المتقدمة مثل الولايات المتحدة، فلا يقوم إلا المتهورون فقط بالرهان ضد أن تحدث واحدة فقط أو اثنتين من الشركات الصينية ضجة كبيرة في القريب العاجل .