IMLebanon

بيع الأسهم الضعيفة وشراء القوية يضيع مكاسب وشيكة

american-stocks
جيمس ماكينتوش

أنا أقضي كثيرا من الوقت محاولاً تعليم أطفالي أن يتقبلوا الخسارة بروح طيبة. هذا الجهد في الغالب غير مُجد، ويبدو أنه يسير عكس الطبيعة البشرية. وباستثناء أن هذا الموقف يساعدك على اكتساب الأصدقاء في المجال الرياضي، فإن القدرة (النادرة) على الخسارة بكياسة هي أمر مهم بالنسبة للمستثمرين أيضاً.

لرؤية هذا، لنأخذ إحدى الطرق المؤكدة لكسب المال على المدى الطويل: استثمار القيمة. هذا يتضمن شراء الأسهم الرخيصة بحسب مقاييس مثل معدل السعر إلى القيمة الدفترية، على أساس أن معظم الناس يميلون إلى المبالغة في الاستجابة للشركات غير الشعبية، أو ذات الأداء الضعيف، ويعملون على تخفيض سعرها كثيراً. بالتالي، ينبغي لأولئك الذين على استعداد للعمل ضد الحكمة السائدة والشراء على الرغم من ذلك، تحقيق عوائد كبيرة في المتوسط على مدى فترات طويلة.

المشكلة تأتي من فكرة “في المتوسط على مدى فترات طويلة”. مستثمرو القيمة يجب أن يكونوا مستعدين لتخفيض قيمة المتابعين المخلصين لموضات الاستثمار لعدة سنوات في كل مرة قبل أن ترتفع مرة أخرى. لكن التاريخ يُشير إلى أنهم لا يفعلون ذلك.

المستثمرون بأنواعهم كافة يغلب عليهم شراء الأسهم ذات الأداء الجيد، وبيع الأسهم ذات الأداء الضعيف. للأسف، هذا يعني شراء الأنماط الاستثمارية مثل القيمة تماماً في الوقت الذي يصل فيه نجاحها إلى نهايته، والبيع تماماً في الوقت الذي تكون فيه مسيرة الأداء السيئ على وشك التحوّل نحو الأفضل.

النتيجة ليست جيدة. في الواقع، إنها أمر فظيع بصراحة. متوسط صناديق الاستثمار المشتركة للقيمة في الولايات المتحدة تفوق على مؤشر ستاندرد آند بورز 500 (قبل الرسوم) من عام 1991 حتى عام 2013، بتحقيقها عائدا يبلغ 9.4 في المائة. مع ذلك، المستثمر العادي في صناديق الاستثمار المشتركة للقيمة حقق عائدا بنسبة 8.1 في المائة فقط، وفقاً لبحث أجراه كل من جيسون هسو، المؤسس المُشارك لشركة ريسيرش أفيلياتس، وبريت مايرز، الأستاذ المُساعد للعلوم المالية في معهد تكساس للتكنولوجيا، وريان ويتباي، الأستاذ المُساعد للاقتصاد والعلوم المالية في جامعة يوتاه ستيت. كان من الممكن أن يحققوا أداءً أفضل بمجرد الاحتفاظ بمعامِل أداء يتابع مؤشر ستاندرد آند بورز، طالما أنهم لم يتخلّوا عنه عندما كانت الأوقات تبدو صعبة.

المشكلة راسخة تماماً؛ الصعوبة نفسها تنطبق على الأنماط الاستثمارية الأخرى في صناديق الاستثمار المشتركة، وعلى صناديق التحوّط والأسهم الفردية. على نطاق واسع، يقوم المستثمرون بالتداول كثيراً، وبالتالي الخسارة نتيجة لذلك.

للأسف، هذا الأمر من الصعب تجنبّه. الشخص الذي يشتري في صندوق معين يعتقد على ما يبدو أن مدير الصندوق يتمتع بمهارة، وأن النمط الذي تتبعه شركة الصناديق ناجح. في حال لم يُحقق الصندوق الأداء المتوقع، ينبغي له إعطاء المدير بعض العذر؛ لأنه لا أحد يستطيع التغلّب على السوق كل عام. لكن إلى متى سيكون على استعداد للانتظار قبل يستنتج أنه مخطئ؟

يُمكن تجنّب المخاوف بشأن تحديد المهارة من خلال اختيار نسخة آلية من النمط الذي يرغبون فيه، المعروف الآن باسم “بيتا الذكية”. لكن المشكلة نفسها تظل قائمة: كم عاما من الأداء الضعيف سيكون المستثمر على استعداد لتحمّلها قبل الاستنتاج أنهم كانوا مُخطئين في اختيار أسهم القيمة، مثلا، أو أن الشذوذ في الأداء الجيد للقيمة قد اختفى؟ في الماضي، الجواب كان ليس لمدة طويلة بشكل كاف.

والمشكلة نفسها تنطبق حتى على متتبعي السوق ككل. لقد تخلّى كثير من المستثمرين عن الأسهم تماماً في أوائل عام 2009، ليتبيّن أنها واحدة من أفضل الفرص للشراء على الإطلاق.

هناك طرق لتعديل سلوك الشخص باعتباره أحد المستثمرين. الالتزام مسبقاً أن يكون مستعداً للخروج، مثلاً، بعد ثلاثة أعوام من الأداء الضعيف، أو انخفاض بنسبة 50 في المائة في الأسهم، قد يُساعد. بدلاً من ذلك، أولئك الذين يدركون كيف من المرجح أن يكون الأداء بإمكانهم تجنّب مثل هذه الاستراتيجيات، أو -بشكل متطرف- تجنّب مراقبة الأداء النسبي على الإطلاق.

يُشير هسو إلى أن سلوك المستثمرين المُدمّر للذات بين الذين يختارون بشكل صحيح استراتيجيات فائزة، مثل القيمة، لكنها حققت أداءً ضعيفاً بسبب توقيتهم، له مضامين مثيرة للاهتمام. أحد الألغاز بشأن استمرار الأداء المتفوّق لأسهم القيمة، أو الشركات ذات الجودة العالية، أو استراتيجيات ناجحة أخرى، هو لماذا لا يقومون بالمراجحة بعيداً بمجرد اكتشاف الأمر.

هناك جواب واحد هو أن المستثمر الذي يعمل بالمراجحة لن يكون مستعداً للمجازفة بأعوام الأداء الضعيف. الاستراتيجيات الوحيدة التي قد تتمكن من التغلّب على السوق بمجرد أن تصبح معروفة على نطاق واسع هي تلك التي من المرجح أن تخوض فترات ضعف أداء أطول مما يستطيع أولئك المستثمرون الاستمرار فيها.

مع ذلك، حتى تفوز القيمة، يجب أن يخسر شخص آخر. من المعقول أن المساهمين في أسهم النمو يتم تضليلهم باستمرار للمبالغة بالدفع مقابل أحدث التكنولوجيا الرائجة في الموضة. الأمل ينتصر على الخبرة.

لكن إذا لم يتغلّب مستثمرو القيمة ككل على السوق، كما لم يفعل أولئك الذين في صناديق الاستثمار المشتركة، عندها ربما لن تكون هناك حاجة إلى الشرح. أما أولئك الذين يتمسكون بالقيمة بإمكانهم الاستمرار بالتفوّق تماماً لأن عددا قليلا جداً من المستثمرين الآخرين يبقى موالياً للاستراتيجية على مر الزمن.

هناك أوقات عندما تكون خاسراً حسّاساً يمكن أن تعمل لمصلحة أحد المساهمين: أولئك الذين باعوا الأسهم اليابانية في عام 1992، بعد أن انخفضت بنسبة 50 في المائة عن ذروتها، لا يزالون أفضل حالاً من أولئك الذين تمسكوا بالسوق على مدى الأعوام الـ 23 الماضية. في الأسواق الكبيرة الأخرى، كان المساهمون أفضل حالاً من خلال تجنّب نوبة غضب.