لا يبدو أن التيار الوطني الحرّ سيسلّم بالأمر الواقع الذي يتكفّل وزير الدفاع سمير مقبل التعبير عنه، عبر التمديد لبعض الضباط في قيادة الجيش ممن تقترب مواعيد إحالتهم على التقاعد بالتتالي. فبعد التمديد للأمين العام للمجلس الأعلى للدفاع اللواء محمد خير قبل أيام، وصلت معلومات للعونيين، تشير إلى أن “وزير الدفاع في المرحلة المقبلة ينوي التمديد إدارياً لأكثر من 20 ضابطاً في مواقع مختلفة، وكل المعلومات تشير إلى أن العميد شامل روكز ليس من بين الأسماء”، علماً بأن روكز، قائد فوج المغاوير، من المفترض أن يحال على التقاعد في تشرين الأول المقبل.
غير أن اعتراض العونيين لا يقف عند حدود التمديد الجديد للضباط، إذ يشير أكثر من مصدر في تكتل التغيير والإصلاح، إلى أن “الفتوى التي تمّ التمديد عبرها لقائد الجيش (العماد جان قهوجي) ليست قانونية أصلاً”. وعلى الرغم من أن القانون يجيز لوزير الدفاع التمديد لعددٍ محدّد من الضباط في مواقع كمديرية المخابرات، وفي حالات استثنائية، إلّا أن التيار الوطني الحرّ يطرح عدم أحقيّة وزير الدفاع على خلفيّة سياسية. ويقول هؤلاء إن “صلاحيات وزير الدفاع صحيحة في حال وجود رئيس للجمهورية، أما الآن، وفي ظلّ الفراغ، فإن أي تغيير في الجيش يتطلّب توافقاً سياسياً داخل الحكومة”.
وتشير مصادر في التيار إلى أنه “لا شغل شاغل لدى العونيين في الأسابيع المقبلة سوى العمل على هذا الموضوع”، في ظلّ التحفّظ على قانون رفع سن التقاعد للضباط، الذي ينام في أدراج وزارة الدفاع.
“الاشتباك” بين عون ومقبل، ومن خلفه رئيس الجمهورية السابق ميشال سليمان ورئيس الحكومة تمام سلام، لا يعني أن الأمور بين عون وقهوجي على الوتيرة ذاتها. ومع أن محاولات أحد المقرّبين من قهوجي لتأمين لقاء “إيجابي” بين قهوجي وعون خلال الأسبوعين الماضيين، لم تؤت ثمارها، إلّا أن “العمل الحثيث” لم يتوقّف، على قاعدة السؤال: “لماذا يكون قهوجي أقرب إلى القوات من عون؟”.
وتقول معلومات “الأخبار” إن “الوسيط” حاول ترتيب لقاء على عشاء بين قائد الجيش وعون في منزل روكز، علّ “العلاقة الشخصية التي لم تنكسر في زيارتي قهوجي لعون في منزله وفي المستشفى قبل نحو شهرين، تعيد وصل ما انقطع”.
وفي الوقت الذي تؤكّد فيه المصادر أن “بيت الجنرال مفتوح”، تشير إلى أن “مسألة التمديد إما تحلّ المشكلة بين الجنرال وقائد الجيش، أو تزيدها سوءاً، لأن التمديد على ما يبدو يتمّ لضباطٍ من فريق قهوجي، بما يُظهر الأمر بأنه في سياق التمديد للقائد نفسه بعد فترة”.
لكنّ قهوجي، بحسب مصادر أخرى، يضع مسألة التمديد عند وزير الدفاع، الذي لم يعد خافياً تنسيقه الكامل مع سليمان، مع إشارات واضحة إلى موافقة سلام على إجراءاته، خصوصاً بعد تعليق الوزير محمد المشنوق على خطوات مقبل بالقول: “ما قام به مقبل خطوة عادية، وهو تمديد مؤقت، ولسنا في مرحلة تغيير أي شيء جذري”.
في السياسة، تقول المصادر إن مسألة “وصول روكز إلى قيادة الجيش، لطالما بقيت ورقة في يد الجنرال، كتعويض عن وصوله إلى رئاسة الجمهورية”، وتبدو الخطوات الأخيرة في استبعاد روكز عن لائحة التمديد، وحرمانه بالتالي إمكانية وصوله إلى قيادة الجيش، تعني نزع الورقة من يد عون من دون وضوح مصير رئاسة الجمهورية التي أجّل الرئيس نبيه برّي أمس جلسة مجلس النواب الـ 19 المخصصة لانتخاب رئيس إلى 11 آذار المقبل، لعدم اكتمال النصاب.
وفيما يبدو الانقسام واضحاً بين عون وفريق سلام ــ سليمان ــ مقبل، يلتزم تيار المستقبل الصمت حتى الآن، مع مباركته التمديد لخير، علماً بأن الرئيس سعد الحريري استقبل مقبل مساء أمس في منزله، من دون أن يصدر أي تعليق بعد اللقاء.
وتقول المصادر إن “المستقبل ليس في وارد فتح معركة الآن مع عون، لذلك يضع مقبل في الواجهة”، فيما يلتزم حزب الله الصمت بدوره، على غرار صمته عن عدم التمديد لمدير الإدارة في وزارة الدفاع العميد حسن عبدالله وتقاعده، وتعيين العميد وائل حاطوم مكانه بالوكالة.