عامر ذياب التميمي
أوضحت بيانات مصرف الكويت المركزي أن إجمالي التسهيلات المصرفية التي قدمت إلى مختلف القطاعات الاقتصادية في البلاد بلغ نحو 30.8 بليون دينار كويتي (104 بلايين دولار) نهاية 2014. وكانت قيمة التسهيلات المصرفية نهاية 2013 تساوي 29 بليون دينار.
ولا بد من التوقف أمام قروض اقتناء الأوراق المالية نظراً إلى أهميتها لسوق الكويت للأوراق المالية. خلال العام الماضي ظل أداء سوق الكويت للأوراق المالية متواضعاً ، ومن أهم معالم أداء السوق ضعف مستوى السيولة التي كانت تصل أحياناً إلى دون 15 مليون دينار يومياً، ولم تصل في أفضل أداء للسوق إلى أكثر من 60 مليوناً يومياً. ولا شك في أن المصارف أخضعت عمليات التمويل لاقتناء الأسهم والأوراق المالية، لشروط صعبة بسبب تدهور قيمة الضمانات بعد الأزمة المالية التي بدأت عام 2008. وتمثلت ضمانات كثيرة بأسهم الشركات المدرجة التي تراجعت أسعارها السوقية خلال السنوات الماضية.
لكن أي سوق مالية لا بد من أن تعتمد على التمويلات المصرفية لكي تظل حيوية. وقد تكون الشروط الموضوعة لتمويل عمليات الاقتناء مستحقة إذا علمنا أن شركات مدرجة كثيرة لا تحقق دخلاً تشغيلياً ملائماً وأن أسعار أسهم كثير منها هبطت إلى ما دون القيمة الاسمية. ولذلك فإن إصلاح أوضاع سوق الكويت للأوراق المالية سيمكن المصارف من تطوير عمليات التمويل.
وتأتي عمليات تمويل القطاع العقاري بالدرجة الثانية إذ بلغت 7.9 بليون دينار نهاية 2014 بارتفاع أربعة في المئة عن نهاية 2013. وتمثل التسهيلات الممنوحة إلى القطاع العقاري 26 في المئة من إجمالي التسهيلات المصرفية. ويمثل هذا التمويل أهمية للقطاع المصرفي، فرجال الأعمال والشركات العقارية يعتمدون على التمويلات من أجل إقامة المباني. وتعد الضمانات المقابلة للتمويلات مهمة ومريحة للنظام المصرفي بعد ارتفاع أسعار الأراضي بنسب قياسية. وثمة تراجع في الطلب على استخدامات المكاتب والمتاجر بعد زيادة المعروض منها في السوق وتراجع في معدلات الإيجار، لكن القطاع يظل حيوياً في الكويت ويمثل أهم مخزون قيمة للعديد من رجال الأعمال. وتحاول الحكومة أن تحمي هذا القطاع من خلال الإيعاز إلى العديد من الدوائر الحكومية ومؤسسات القطاع العام باستئجار مساحات لمكاتبها في المباني المشيدة حديثاً، كما أوعزت إلى الهيئة العامة للاستثمار بتخصيص محفظة بقيمة بليون دينار لاقتناء أصول عقارية، كلما كان ذلك مجدياً.
هذا القطاع يبدو حيوياً لعمليات الائتمان المصرفي نظراً إلى ضعف التمويلات للقطاعات الأخرى إذ بلغت تمويلات التجارة 2.8 بليون دينار والصناعات التحويلية 1.7 بليون دينار والأعمال الإنشائية 1.9 بليون دينار والنفط والغاز 413 مليون دينار نهاية 2014، أي أن إجمالي تمويلات هذه القطاعات يساوي 6.8 بليون دينار أو 86 في المئة من تمويلات القطاع العقاري و22 في المئة من إجمالي التسهيلات المصرفية.
هذا الاستعراض لعمليات التمويل المصرفية في الكويت يشير إلى أهمية تطوير أدوات ائتمان جديدة لاستيعاب السيولة المتوافرة لدى النظام المصرفي والمساعدة في تحسين توزيع الأخطار بين القطاعات الاقتصادية. لكن هل يمكن أن تتطور أعمال القطاع المصرفي في ظل هيمنة الدولة على الأعمال الاقتصادية الأساسية في البلاد حيث تزيد مساهمة القطاع العام في الناتج المحلي الإجمالي عن 75 في المئة؟ معلوم أن الحكومة تملك الأموال التي تتطلبها أعمال مؤسساتها لذلك قلما تطلب من القطاع المصرفي تمويلات، لكن لو حررت الحكومة نشاطات مرفقية ونفطية وإسكانية، ستتاح آفاق واسعة لعمليات الائتمان.
بلغ إجمالي أصول القطاع المصرفي 55.5 بليون دينار (187 بليون دولار) وظِّف 30.8 بليون دينار منها (56 في المئة) في تسهيلات ائتمانية للأفراد والمؤسسات المحلية، في حين وظفت المصارف 11.7 بليون دينار (21 في المئة) في أصول أجنبية، وذلك يعني أن ثمة إمكانيات جيدة لدى المصارف المحلية لتوسيع نطاق أعمالها في البلاد عندما تتوافر الشروط.