بدأ رئيس لجنة الشؤون الخارجية في البرلمان الأوروبي إلمار بروك زيارة رسمية للبنان، أعقبت زيارات مماثلة الى الأردن وأربيل، فيما سيزور تركيا في الأسبوع المقبل، وذلك لاستكشاف السبل الآيلة للتعاون بين دول المنطقة من أجل مكافحة ظاهرة المقاتلين الأجانب ومنعهم من التدفّق الى سوريا والعراق من جهة، ومنع عودتهم الى البلدان الأوروبية من جهة ثانية.
وكشف بروك، الذي يرافقه وفد برلماني ورافقته في جولته سفيرة الاتحاد الأوروبي في لبنان أنجيلينا إيخهورست، عن اجتماع موسّع مع السلطات اللبنانية سيتمّ في الأسبوع المقبل (في بيروت) للتباحث في السبل الأمنية والقضائية لمكافحة ظاهرة تدفق المقاتلين الأجانب.
تحدّث بروك في جلسة صحافيّة قائلا إنّ هدف زيارته للبنان هو إظهار الدعم لهذا البلد، وخصوصا في ظلّ الظروف الصعبة، وبعد زيادة الاتحاد الأوروبي من دعمه المادي للبنان”. أضاف: “جئنا لنسمع من رئيس الحكومة ووزير الخارجية عن ماهية الحلول الممكنة لمساعدة لبنان في ظل استمرار العنف السائد، ولا سيما في العراق وسوريا”.
وسئل عمّا إذا كان الاتحاد الأوروبي يحمل همّ الأقليات في المنطقة، فأشار بروك الى وجوب ان تعيش الأقليات بسلام في بيئتها الطبيعية، “وهذا ما يجب الدفاع عنه أيضا، حيث يجب احترام حقوق الأقليات في كلّ مكان في العالم، ويمكن للبنان أن يكون نموذجاً ناجحاً بهذا الخصوص، خصوصا أن لديه تقليداً طويلاً من العيش المشترك المدعّم بدستوره، ونحن نأمل أن تدفع المشاكل التي تواجهونها في لبنان باتجاه التسريع في انتخاب رئيس للجمهورية وتخطي التمديد لمرّتين للمجلس النيابي، وهذا ما يتيح للبنان أن يكون نموذجا ليس فقط لدول المنطقة ولكن لأوروبا أيضا، بمعنى إمكانية العيش جنبا إلى جنب بين مختلف المجموعات الطائفية والإثنية، علما أن الإرهاب لا علاقة له بالإسلام، إذ إن الإرهاب موجود في كل الديانات منذ الماضي حتى اليوم، وعلينا إيجاد تحالف يبرز بأن السواد الأعظم من الناس ترغب بالعيش سويّا (…)”.
وسئل بروك عن كيفية وضع الاتحاد الأوروبي فوارق واضحة بين الجناح العسكري لـ “حزب الله” المصنّف إرهابيا من الاتحاد الأوروبي، فيما يحارب هذا الجناح “داعش” الإرهابية، فقال: “لدينا نقاش متجدّد حول هذه العلاقة، لكنّه من الواضح جدّا أن ما تسمّى “داعش” هي الأشدّ خطورة بالنسبة للمجتمع الدّولي. إنها منظّمة خطرة بقدر المجموعات الإرهابية الأخرى الموجودة في ليبيا وفي نيجيريا ولا أرى اختلافا بين “داعش” و “جبهة النّصرة” ومنظمّة “القاعدة”، أعتقد أنّ لهذه المنظمّات الإيديولوجيّة الإرهابية ذاتها، سواء تعاونت مع بعضها البعض أم لا، ومن الواضح أننا في حرب عالمية ضدّ هذه المنظمات، بعض المناطق هي الأكثر تضررا وبعضها الآخر أقلّ، ونحن رأينا تداعيات أعمال هذه المنظمات في فرنسا وألمانيا والدنمارك وفي أمكنة أخرى، وهو نتيجة تدفق المقاتلين الأجانب الذين يعودون أيضا الى بلداننا”.
يضيف: “ثمّة إجراءات أوروبية جديدة صارمة يجب أن تتخذ من أجل منع المقاتلين الأجانب من المجيء الى هذه المنطقة، بعض الدول عمدت الى سحب جوازات سفر هؤلاء، وبعض الدول مثل ألمانيا أودعتهم مباشرة في السجن بعد عودتهم بناء على تشريعات خاصّة تنصّ على ضرورة سجن من يشارك في القتال مع منظمات إرهابية، علما أن الأمر يتطلب تعاونا، وخصوصا أن عدد هؤلاء يبلغ في ألمانيا وحدها زهاء الـ600 شخص، علما أن جزءا من هؤلاء ليسوا من المهاجرين بل من الألمان الأصليين، والأمر سيان بالنسبة الى هولندا وبريطانيا وبلدان أخرى”.
وردّا على سؤال “السفير” عمّا إذا كان سيتمّ حذف الجناح العسكري لـ “حزب الله” عن لائحة الإرهاب الأوروبية نظرا الى الخطر الذي تشكّله “داعش” قال بروك: “أعتقد أنه من المبكر الحديث في هذا الموضوع، فإذا كان أحد الطرفين أكثر خطورة من الطرف الآخر فيجب عدم النسيان أن الطرف الآخر هو أيضا خطر. دعيني أقل بأننا نتمنّى أن نكون مخطئين في شأن “حزب الله”، علما أنه في مرحلة ما على “حزب الله” أن يبدّل في سياسته. منذ عام ونصف العام زرت إيران وقابلت وزير الخارجيّة وأعتقد أن الموضوع مهم أيضا لإيران التي تعتبر أنّ جزءا من شعبها مهدد في العراق ولكن أيضا في أماكن أخرى، ولذا أعتقد أنه على “حزب الله” أن يظهر مسؤوليّة من أجل تجاوز التوتّرات الموجودة في هذا البلد، وسيكون هذا عاملا مساعدا لكي نبدّل سياستنا تجاه “حزب الله”.
وعن الطريقة التي ينبغي على “حزب الله” اتباعها لتبديل سياسته، وهل يعني ذلك ضرورة انسحابه من القتال من سوريا؟ قال بروك: “لا ليس هذا هو السبب في تصنيف الجناح العسكري لـ “حزب الله” إرهابيا، ليس لأنّه يحارب في سوريا، فثمّة أسباب أخرى استدعت تصنيف جناحه العسكري إرهابيا لن أخوض فيها الآن”.
وسألت “السفير” بروك إن كان الاتحاد الأوروبي سيطلب أية تعديلات على النظام القضائي اللبناني بهدف معاقبة المقاتلين الأجانب؟
قال بروك: “أعتقد أنّ هذا الموضوع سيكون جزءا أساسيّا من الاجتماع الذي سيحصل في الأسبوع المقبل في بيروت، وليس لديّ تفاصيل عن كيفية مواءمة القانون الجنائي اللبناني لهذا الموضوع، ولكن أعتقد أنه بطريقة أو بأخرى ينبغي حصول تنسيق بين القوانين الجنائية في بلداننا، بغية ملاحقة المقاتلين الأجانب”.
ولفت بروك الانتباه الى أنّ ثمة آراء مختلفة لغاية اليوم في الاتحاد الأوروبي حول سبل مكافحة الإرهاب، شارحا أنّ الأمر يتعلّق خاصة بتركيا، ومحاربة الإرهاب لن تكون ممكنة إذا لم توفر تركيا مساعدة لوجستية وعبر القنوات المالية لمنع تسلل الإرهابيين، ولعدم إمكانية استفادة “داعش” وسواه من أي خرق ممكن عبر تركيا”. وقال: “صحيح أنّ لدينا 60 بلدا من قوى التحالف تحارب الإرهاب لكن لا سياسة موحّدة ومشتركة وتفصيلية بعد حيال كيفية مواجهة هذا الإرهاب وهذا ما نسعى إليه في زياراتنا الى لبنان وقبله الى الأردن والى العراق وأربيل”.