المواجهة بين “العمادين” ميشال عون وجان قهوجي تتجدد وتفتح بقوة للمرة الثانية بعدما كانت شهدت جولة أولى قبل عامين عندما اتخذ “قرار سياسي” بالتمديد للعماد قهوجي في قيادة الجيش في أول إشارة عملية الى حجز مكان له في الاستحقاق الرئاسي كمرشح متقدم الفرص والحظوظ، والى بقائه على الأقل في مقاعد الاحتياط إذا آلت معركة الرئاسة، كما في العام 2008 الى تغليب خيار الرئيس التوافقي على أساس تسوية سياسية عرفت بـ “اتفاق الدوحة”.
“الشرارة” الى المواجهة المشتعلة من جديد كانت قرار وزير الدفاع سمير مقبل بالتمديد للأمين العام للمجلس الأعلى للدفاع اللواء محمد خير الذي يحال على التقاعد في 22 الجاري (أي بعد أيام).
وهذا التمديد للواء خير يعني فتح باب التمديد لكل المواقع القيادية الأمنية والعسكرية بدءا من التمديد الذي حصل لمدير المخابرات العميد إدمون فاضل، مرورا بالتمديد للواء إبراهيم بصبوص في مديرية قوى الأمن الداخلي، وصولا إلى التمديد لرئيس الأركان اللواء وليد سلمان ولقائد الجيش العماد جان قهوجي الذي تنتهي مدة خدمته الممددة في سبتمبر المقبل.
المعركة التي فتحها عون، معركة التمديد العسكري، صوب فيها مباشرة على وزير الدفاع معلنا سحب الثقة منه. وهذه خطوة معنوية سياسية لا مفاعيل قانونية وعملية لها، لأن سحب الثقة يتم في مجلس النواب ويستلزم انعقادا ونصابا وإجراءات، وهذا كله غير متاح وغير ممكن حاليا، خصوصا في ظل الحرص على الحكومة ووجود مصلحة للجميع في وجودها واستمرارها.
ولكن عون الذي فتح ناره على مقبل كان يقصد بطريقة غير مباشرة العماد قهوجي والقوى السياسية التي تدعم بقاءه في قيادة الجيش لإبقائه في حلبة السباق الرئاسي، وبالتالي تدعم وصوله الى قصر بعبدا بعد استنفاد ورقة مرشحي المعركة، 8 و14 آذار، والانتقال الى مرحلة البحث عن الرئيس التوافقي. وما يزعج العماد عون ليس فقط بقاء قهوجي في قيادة الجيش وفي سباق الرئاسة، وإنما أيضا إخراج صهره العميد شامل روكز من الجيش ومن السباق الى قيادة الجيش، لأن مبدأ التمديد المعمول به لا ينطبق عليه وسيكون عليه مغادرة موقعه عندما يحال الى التقاعد هذا العام.
وفي وقت تشق قرارات التمديد طريقها، فإن مرسوم رفع سن التقاعد للضباط، والذي هو الحل والمخرج بالنسبة للعماد عون، مجمد من قبل قيادة الجيش تحت عنوان التريث، وحيث ترى أوساط لـ”الأنباء” أن قهوجي يرد في الموضوع الرئاسي باستخدام الورقة العسكرية وعلى أساس معادلة “رئاسة الجمهورية (لـ قهوجي) مقابل قيادة الجيش (لـ روكز)”.
فإذا ظلت محاربة عون لقهوجي للحيلولة دونه والرئاسة، فستقابلها ممانعة قهوجي لوصول روكز الى قيادة الجيش وعدم تسهيل هذا الأمر.
أما الأسباب التي أعلنها عون وأعطتها أوساطه لخطوة الاعتراض على قرار وزير الدفاع فهي:
٭ أن توقيت صدور قرار التمديد جاء غداة تعطيل مجلس الوزراء بسبب عدم الاتفاق على آلية إصدار القرارات فيه. فكيف يمكن أن يتعطل مجلس الوزراء من جهة، فيما يحق لوزير اتخاذ خطوة بهذا الحجم من دون استشارة أحد؟
٭ إذا كانت الحجة للتمديد سابقا لقائد الجيش بسبب دخول حكومة الرئيس نجيب ميقاتي مدار تصريف الأعمال وتوقفها عن الاجتماع، فإنه لا مبرر اليوم لتأجيل تسريح الأمين العام للمجلس الأعلى للدفاع بقرار إداري من وزير الدفاع وباقتراح من قائد الجيش في ظل حكومة تجتمع وتصدر المراسيم.
٭ ان ضباط المؤسسة العسكرية يعانون من هبوط بالمعنويات بسبب عدم احترام القوانين، خصوصا بشأن مسائل التمديد، “لأنه يحق لكل شخص أن يكون طموحا عندما يصل إلى رتبة معينة، ويأخذ وظيفة معينة، ولكن هذا الأمر قطع على الضباط عندنا، كما لو أنهم وضعوا لهم سقفا”.