Site icon IMLebanon

سلامة ينبّه المصارف إلى مخاطر المضاربات على العملات


محمد وهبة

في اللقاء الشهري الأخير بين حاكمية مصرف لبنان وجمعية المصارف، أبدى رياض سلامة قلقه من المخاطر المترتبة على المضاربات على العملات الأجنبية، فذكّر المصارف بضرورة تطبيق التعاميم التي تفرض عليها اتخاذ تدابير لحماية رساميلها وحماية أموال الزبائن أيضاً

اللقاء الشهري الاخير، يوم الجمعة الماضي، بين حاكمية مصرف لبنان ولجنة الرقابة على المصارف ومجلس ادارة جمعية المصارف، كان قصيراً ودام لمدّة 25 دقيقة فقط، إلا أن جدول أعماله كان حافلاً إذ تطرق المجتمعون إلى موضوع يقلق مصرف لبنان ويتصل بمخاطر المضاربات في أسواق القطع الخارجية.

بحسب محضر اللقاء المعمّم على إدارات المصارف (التعميم الرقم 2015/058)، أعرب حاكم مصرف لبنان رياض سلامة عن ارتياحه إلى أوضاع سوق القطع المحليّة، التي «تشهد فوائض في العرض من حين إلى آخر»، إلا أنه نبّه إلى «ضرورة احترام التعميم ذي العلاقة، بحيث تتشدّد المصارف في طلب هوامش لا تقل عن 20% من الزبائن الذين يضاربون في سوق العملات». ولفت إلى أن «التقلبات في أسعار القطع قد تكون كبيرة، كا حصل عند فكّ الارتباط بين الفرنك السويسري واليورو. ويمكن لأسواق القطع في أميركا أو أوروبا أو اليابان أن تسجّل تحرّكات، إذا تمادت السلطات في استعمال القطع كأداة لسياسة تحفيز النمو». وقال سلامة ان «هامش الـ 20% مهم لحماية المصرف وايضاً، وخاصة، لحماية الزبائن أنفسهم».
توضح مصادر في مصرف لبنان، أن تنبيه سلامة مبني على ما حصل في سويسرا قبل أسابيع. فقد كان سعر صرف الفرنك السويسري مربوط باليورو على سعر 120 فرنكاً لكل يورو، ثم قرّرت الحكومة السويسرية أن تفكّ الارتباط مع اليورو، لينخفض سعر صرف اليورو إلى 79 فرنكاً. وقد تزامن هذا الأمر مع وجود خسائر في مؤسسات ماليّة كانت تتاجر بالعملة هي: ALPARI, FXCM, Swissquote. وعلى هذا الأساس طلبت لجنة الرقابة على المصارف، من المصارف العاملة في لبنان، أن تبلغها عن حساباتها لدى هذه المؤسسات وعن أرصدة العملاء المفتوحة لدى هذه الشركات في مهلة أقصاها 21 كانون الثاني 2015.
وتقول المصادر إن حجم الانكشاف على المؤسسات الثلاث المذكورة «لا يُذكَر» ولا يرتّب على المصارف اللبنانية ولا على الزبائن أي خسائر، «إلا أن هذا لا يمنع أنّ على المصارف التقيد بالتعاميم التي تنظم عمليات المتاجرة بالعملات الأجنبية، والتي تفرض على الزبون أن يودع هامشاً نقدياً نسبته 20% من قيمة المبالغ التي ينوي المتاجرة بها. كذلك يقول التعميم إنه إذا خسر الزبون في عمليات المتاجرة 75% من قيمة الهامش المودع، تجرى تصفية حسابه».
وكانت لجنة الرقابة قد حدّدت الهامش النقدي على عمليات القطع في تعميم موجّه للمصارف رقمه 170 وصادر في 25 حزيران 1996. التعميم يطلب من المصارف أن «تستوفي هامشاً نقدياً صافياً بنسبة 20% كحدّ أدنى من قيمة كل عملية من عمليات القطع، وأن يتوجب على المصرف تصفية عملية القطع الفورية المجراة لحساب الزبون في حال انخفاض النسبة الصافية للهامش إلى 10%، إلا إذا بادر العميل إلى إعادة تكوين هذا الهامش إلى 20% حداً أدنى».
ما يشير إليه مصرف لبنان ولجنة الرقابة على المصارف يتعلق بالمتاجرة بالعملات الأجنبية سواء كانت دولاراً أو يورو أو يناً أو غيرها، ولا يتضمن المضاربة على الليرة اللبنانية. العمليات المذكورة تجريها وحدات مصرفية متخصّصة لحساب المصرف أو لحساب زبائن لديه يطلبون منه القيام بعمليات المضاربة ضمن سقف مالي متفق عليه بين الطرفين. وبالتالي فإن هامش الـ20% النقدي هو نسبة مئوية من المبلغ الذي حدّدته إدارة المصرف أو طلبه الزبون من المصرف للمتاجرة بالعملات الأجنبية. هذه النسبة يجرى تحصيلها مسبقاً من الزبون تحوّطاً لتدني قيمة العملات المتاجر بها ما يرتّب خسائر على الزبون أو المصرف.

ي الواقع، هناك طريقتان للقيام بهذه العمليات. هناك مضاربون يفضّلون أن يفتحوا حسابات في المصارف العاملة في لبنان للقيام بهذه العمليات، وهناك زبائن يفتحون حسابات في مصارف خارج لبنان لتجرى هذه الأعمال لحسابهم. وبحسب مدير الدراسات في بنك بيبلوس نسيب غبريل، فإن لبنان يحتاج إلى كمية من العملات الأجنبية تغطي استيراده السنوي البالغ 20 مليار دولار، فيما هناك متاجرة بالعملات من قبل أفراد يسعون إلى تحقيق أرباح من خلال هذه المضاربات. هذا يعني أن أي خسارة ناتجة من المتاجرة بالعملات الأجنبية ستسجّل على الزبائن أو المصارف التي تقوم بها تبعاً لأماكن وجود حساباتهم. قد يخسر اللبنانيون المتاجرون بالعملات مبالغ رغم أن حسابات المتاجرة مفتوحة لدى مصارف خارجية، وبالتالي فإن التنبيه الوارد في اللقاء الشهري يهدف إلى حماية المصارف والزبائن الذين يقومون بهذا الأمر انطلاقاً من لبنان، من مخاطر هذه العمليات وتجنيبهم أي خسائر قد تلحق بهم بسبب تقلّبات أسواق القطع العالمية.
أما أسباب تقلبات أسواق القطع، كما يراها غبريل، فهي ناتجة من تباين بين السياسات النقدية في أميركا وأوروبا واليابان. فعلى سبيل المثال، إن «أميركا أوقفت شراء السندات وستبدأ برفع الفوائد ابتداء من الصيف المقبل، فيما المصارف المركزية في أوروبا واليابان مستمرّة في اعتماد سياسة شراء السندات المسمومة بصورة شرسة… الاقتصاد الأميركي في حالة نموّ وتعافٍ، فيما الاقتصاد الأوروبي لا يزال ضمن مستوى تنافسي متراجع ونمو شبه معدوم ونسب بطالة مرتفعة… هذا التباين في السياسات النقدية ينعكس على أسواق العملات العالمية ويؤدي إلى تقلبات في أسواق القطع. الاحتياط واجب في لبنان».

أبلغ حاكم مصرف لبنان رياض سلامة (الصورة) جمعية المصارف أن معدلات الفوائد «ستستقر بعد الخفض الذي أجراه مصرف لبنان آخذاً بالاعتبار القدرة على إدارة السيولة بمستويات فوائد أدنى من التي كانت قائمة». وأعلم الجمعية أيضاً، أن مصرف لبنان أصدر التعميم الذي يُنظم العلاقة بين المصرف والمستهلك، وأن لجنة الرقابة ستكون لديها وحدة خاصة بمتابعة هذا الموضوع، وقال: «هذا التعميم يدخل نقلة نوعية الى القطاع ويندرج في إطار توصيات لجنة بازل». كذلك، تبلغت المصارف أن مصرف لبنان ينظّم عمل الكونتوارات المالية في اطار التوجه لضبط المؤسسات المالية غير المصرفية.