تعيد «اللواء» إلقاء الضوء على مسألة المواصلات في عكار في ظل تحوّل طريق عام عكار الدولي من منطقة الكويخات شمالي وسط عكار الى مستديرة العبدة غربا بطول 12 كلم لمصائد زحمة سير في عدة محطات على هذه الطريق السيئة التعبيد إضافة الى التعدّيات على حرمه من محلات وبسطات وحفر و… طالما أستطلعتها «اللواء».
ولكن لم تنفع كافة الحلول التي وضعت للأزمة المرورية في عكار وخصوصاً بعد تطوّر الوضع الاقتصادي والإستثماري في المحافظة، وفتح مجالات عمل وتنشيط الحركة التجارية والإعمارية، مع بقاء البنى التحتية على حالها، والطرقات الرئيسية والتي تحتاج الى «ورشة عمل هائلة» كما كان جاء في توصيات ورشة عمل رعاها في عكار الرئيس سعد الحريري، كانت عقدت منذ مدةً حول «مواصلات عكار واقع ومستقبل» وقُدمت بعد دراسة معمّقة طروحات بموضوع المواصلات والطرقات وحاجاتها في عكار من التصنيف وأعمال الصيانة الدورية والتركيز على سلامة السير والتشدد بالتزام المعايير الهندسية الى خلافه، لكن غالبية هذه الأمور التي درست ونوفشت ورفعت الى المراجع المعنية لم تجد الصدى المناسب لبدء وضع «سكك عكار على الطريق الصحيح» كما معظم المواضيع التنموية في عكار.
وتضاعفت أزمة الطرقات في عكار – التي تحتاج الى شبكات مواصلات منذ عشرات السنوات – مع وصول عدد النازحين السوريين في المنطقة الى أكثر من عدد سكان المحافظة، والضغط الهائل الذي تزيده هذه الإضافة غير الحسوبة الى الحركة المرورية – ناهيك ببقية النواحي الأخرى البنيوية والفرعية وكل قضايا المجتمع.
وأن عُقد الطرقات في عكار تبدأ من مركز المحافظة في عكار التي تفتقد طرقاتها المختلفة، بل تفتقر طرقاتها، الى الحد الأدنى لإستيعاب مركز إدارة نصف قضاء، فكيف بمراكز إدارية لمحافظة أنشأت قانونا منذ 12 سنة، ونفذت عمليا ولكن بشكل جزئي منذ سنة وغالبية الإدارات التي يتوجب أن ترافقها لم تصل بعد!
أن عُقد المرور في عكار على الشكل التالي:
– من مداخل بلدة حلبا مركز المحافظة، كانت تًشغل بكثافة قبل 4 أعوام في أوائل كل شهر مع قبض الموظفين والمستخدمين رواتبهم ومع دخول وخروج التلامذة والطلاب، لكن ومع ما سبق من زيادة عدد الوافدين والعابرين والمغادرين الى البلدة، أصبح السير بكل الوسائل أشبه بعبور ماساوي للجميع، إذ تزدحم الطرقات بآليات بكل العيارات والأحجام، والقوى الامنية وشرطة البلديات الذين يؤدّون عملا مرورياً جيدا وفق المتوفر ويتعرّضون الى إستهلاك يومي على طرقات البلدة وكل المناطق.
– تقاطع طريق جرد عكار على مفرق برقايل، وهذه من أخطر الطرقات من حيث الزحمة، والتي تخفّ نسبيا ولفترة قصيرة لكنها غير دائمة على مدار الساعة، حيث يعمل عناصر السير وشرطة بلدية برج العرب على تأمين حل لكنه مكلف للعابرين الذين يمكثون ساعات وساعات على طريق تبلغ حوالى 9 كلم من بلدة حلبا الى مستديرة العبدة بتقاطعاتها المختلفة، لكن يبقى تقاطع الجرد هذا يشهد أكثر زحمة، لأنه بالأساس يصل الى أكبر قرى وبلدات عكار سكانيا لأكثر من 200 ألف نسمة من بلدة برج العرب الى بلدة فنيدق.
– التقاطع الآخر على مفرق بلدة ببنين – العبدة، والذي ورغم أعمال التوسعة الذي شهده خلال السنوات الماضية والذي خفف الى حد ما من الزحمة، لكن تمتد الزحمة مئات الأمتار بالاتجاهات المختلفة.في معظم الأيام وساعات اليوم حتى بعد المغرب.
– مستديرة العبدة التي تعتبر – بالمبدأ – منظمة على صعيد التوسعة، لكن الزحمة قوية والتي يتحمّل مسؤوليتها العديد من المعنيين وفي طليعتهم السائقين الذين يعمل معظمهم وفق مبدأ «القوي يأكل حق الضعيف»، في السير وكل شيء، والتعدّيات على حرمه من المواطنين.
– مفارق: منيارة – جديدة الجومة – القريبة من مركز المحافظة تشهد بدورها زحمة سير متفاوتة، تعقّدها خروج طلاب المدارس والمحلات العشوائية كما كافة الطرقات.
– تقاطعات من حلبا شمالا الى الكويخات حيث تشهد زحمة سير على مفرق الشيخ محمد الى مفرق خريبة الجندي الى آخر هذا زحمة سير متصاعدة.
هذه أهم مناطق الإزدحام في عكار والتي تحتاج الى توسعة وتعبيد وصيانة وتأمين الطرقات البديلة، والى خطة متكاملة لهذه المسألة المرورية الحساسة، وفي هذا الإطار يسعى محافظ عكار عماد لبكي الى القيام بتحركات تنظيمية في هذا الإطار حيث يعقد أجتماعات مكتبه في سراي حلبا، بحضور قائد سرية درك عكار المقدم ماجد الأيوبي ورؤساء اتحادات بلديات ورؤساء البلديات ورؤساء روابط مخاتير القرى والبلدات التي يقع نطاقها الجغرافي البلدي على الاوتوستراد الممتد من منطقة العبدة حتى بلدة الكويخات، بهدف «وضع حل لمعضلة زحمة السير والاختناق المروري ولا سيما في ساعات الذروة مع دخول طلاب المدارس والموظفين في القطاعين العام والخاص وخروجهم، بالإضافة الى بحث في حلول عملية لمشكلة البسطات وأكشاك الباعة التي تنتشر على طول الطريق المذكورة بما يخدم أهالي المنطقة ويسهّل حركة المرور».
كما قام المحافظ لبكي بجولة على المدخل الغربي للمحافظة في العبدة مطلعا على الحاجات المرورية وغيرها مع رؤساء بلديات ومخاتير وفاعليات.
وفي سبيل وضع مساعدة في هذا الإطار تقتطف «اللواء» من توصيات ورشة عمل المواصلات، لتحسين وضع الطرقات في عكار ما يلي:
– تصنيف طرقات عكار بما يتناسب مع وضعها الفعلي وتصحيح التصنيف بما يتناسب مع حاجاتها الفعلية.
– أعمال الصيانة الدورية، عن طريق كشف دوري من قبل المديريات الإقليمية في وزارة الأشغال في المناطق لتحديد الأعطال والحفر وما شابهها وصيانتها بالسرعة الممكنة، وتنظيف مجاري الأمطار سنويا منعا لتفاقم الأضرار والمشاكل الناجمة عنها.
– التركيز على سلامة السير من خلال وضع خطة سريعة لتركيب حواجز باطونية أو حديدية على جانب الطرقات والمنعطفات الخطرة وحيث يلزم. الى تركيب الإنارة العامة وتركيب العاكسات الضوئية الليلية حيث يلزم، وطلاء خطوط الطرقات وجانبها.
– التشدد بالتزام المعايير الهندسية في الدراسات والتنفيذ والإشراف.
– إعتماد خطة الطرقات الرئيسية ومداخل البلدات في عكار، من إنشاء شبكة من الجسور الرئيسية للطريق الدولي عند مدخل عكار الجنوبي والجسور المحولات لتأمين الدخول والخروج الى كافة المناطق العكارية.
– وضع عكار على خارطة النقل المشترك.
– الاهتمام بمتابعة دراسة تشغيل سكة الحديد التي تربط مرفأ طرابلس والمنطقة الأقتصادية الحرة فيه ومطار القليعات بالدول المجاورة.
– تشغيل مطار الرئيس رينيه معوض في القليعات – عكار.
– إنشاء طريق حلبا الدائري.
هذه جانب من توصيات الورشة على أمل أن تحظى بإلتفاتة المعنيين لبدء تنفيذها لما تحتله من إمكانية أنقاذ «المواطن من زحمة السير اليومية».
أن الضغوطات على البنى التحتية المتزايدة من النازحين أشارت إليه مديرة شبكة عكار للتنمية، نادين سابا، من «تردّيات الأزمة السورية في مختلف القطاعات خاصة على صعيد البنى التحتية».
لكن الاهمال وضياع حق عكار في التنمية وفي تأمين سبل الوصول الى عكار أنتقده النائب معين المرعبي من خلال عدم إدراج محافظة عكار في حصة متناسبة مع واقعها وحجمها والمتطلبات الكبيرة من البنى التحتية وفي مقدمتها الطرقات حيث أشار الى القرار الحكومي رقم 99 تاريخ 22/5/2014 والذي أقرّته حكومة الرئيس تمام سلام والذي يتعلق بتخصيص 500 مليون دولار للمناطق، وأستثنت عكار والمنية والضنية من أي مبالغ محقة لها نتيجة وجودها في الأطراف ونتيجة عدم وجود وزير يحصل على حقه من الجبنة الموزعة داخل الحكومة، والتي كان آخرها المرسوم 1368 تاريخ 28/5/2014 والذي أرسل عبره وزير المال 300 مليار ليرة الى مجلس الانماء والاعمار، لتنفيذ هذه المشاريع التي أقرّت ضمن القرار الحكومي رقم 99، والذي أستثنى فيها مناطق عكار والمنية والضنية وهي في حاجة الى تنمية.
أن حرمان عكار التاريخي والذي هو شعار لم يعمل على تخطيه من الحكومات المتعاقبة يبدأ من الطريق الى المبنى، الى تامين الإدارات اللازمة و«الكادر» الكافي، لما ينتظر عكار الصاعدة تنمويا بالجهد الفردي والعمل الخاص من قطاع واسع يتجه منذ سنوات من مختلف مناطق لبنان للإستثمار في مجالات متعددة وتصل الى كل الأماكن حتى التي كانت مهملة ومنسية ولا تصلها الطرقات، كلها دلائل حسية لنهضة مرتقبة إذا توفرت البنى التحتية والفوقية من طرقات مؤهلة تربط المناطق وتخفف الزحمة. عكار للمستقبل رغم كل الظروف الصعبة، ومشاريع البناء المتصاعدة وحركة العقارات المرتفعة والهجرة العكسية إليها مؤشرات هامة لعمران بشري – كما أسماها «ابن خلدون»، ونهضة تعيد البعيد الى منطقته، وتساعد الدولة في رفد أقتصادها، والطريق هو سبيل لتحسين هذه الشروط لمسيرة التنمية وتتوفر مواردها في المنطقة.
في المحصلة أن طرقات عكار سيئة بشكل كبير وتتطلب عملية واسعة، والمطلوب هو تسريع المشاريع بهذا الخصوص وتوسيع وضبط ومنع التعدّيات على الطرقات وإقامة الحد الصارم على كل من يتعدّى على الطرقات الرئيسية بعد إجراء الصيانة والتصليحات وكل ما يلزم لتحقيق تنمية البنى المتوازن مع باقي المناطق.