عزة الحاج حسن
شيوع الإحتكارات في لبنان، وقدرة المحتكرين والمتاجرين بحقوق المواطن على الدفاع عن مصالحهم، تكاد تُفقد اللبنانيين أي أمل بنجاح جهود الإصلاح في أي قطاع من القطاعات، وهذا ما ينطبق على مشروع “الوصفة الطبية الموحدة”، على الرغم من طمأنة وزير الصحة وائل ابو فاعور “بأن الوصفة الموحدة تسلك مسارها الإيجابي”.
“الوصفة الطبية الموحدة” وفي حال أبصرت النور ستوفر الأعباء المالية على المواطن، إذ ستوفر بين 30 إلى 50 في المئة من الفاتورة الدوائية للضمان الإجتماعي، كما تنظّم وتضبط عمل الأطباء والصيادلة، ولكن… هل ستقف الشركات المصنّعة والمستوردة للأدوية موقف المتفرّج من دون الزود عن مصالحها؟
شركات الأدوية لم ولن توفّر فرصة للإنقضاض على مشروع الوصفة الموحدة، أملاً بإفشالها ووضع ملفها في الأدراج على غرار الكثير من المشاريع التي صيغت ووُضعت في أدراج الوزارات، صوناً لمصالح محتكري الأدوية والمتاجرين بصحة المواطن.
فبعد أن عللّ رافضو إقرار “الوصفة الطبية الموحدة” موقفهم بتكلفة الطباعة ووقوعها على عاتق الأطباء، فتحوا الباب على التشكيك بمواصفات أدوية الجنريك (دواء جنيسي، أي دواء يحمل تركيبة الدواء الأصلي نفسها ولكن يعود الى شركة أخرى أو انتج في الشركة نفسها ولكن يعود انتاجه إلى سنوات سابقة وبالتالي هو أدنى سعراً)، ووصلوا أخيراً الى دفع مجلس إدارة الضمان إلى رفض مشروع “الوصفة الطبية الموحدة” أو عرقلته “كأضعف الإيمان”.
بالنسبة إلى الأطباء فقد قطعوا الشك باليقين اليوم، عندما أكد نقيبهم أنطوان بستاني بعد لقائه وزير الصحة وائل ابو فاعور أن لا مشكلة في نوعية أدوية الجنريك وآلية تسجيلها، مشيراً إلى سير النقابة بطباعة الوصفة الطبية الموحدة قبل الأول من آذار المقبل، وبعد تصويت مجلس إدارة الضمان الإجتماعي على مشروع الوصفة.
أما لجهة تصويت مجلس إدارة الضمان على الوصفة الموحدة، وهنا بين القصيد، فعلى الرغم من تأكيد المعنيين في الضمان على عزم مجلس الإدارة التصويت بالإجماع الخميس المقبل على “الوصفة الموحدة، إلا أن علامات الإستفهام لا زالت تحوم حول عدم التئام النصاب كما حصل الأسبوع الفائت، وهو ما لفت إليه رئيس لجنة الصحة النيابية عاطف مجدلاني في حديثه الى “المدن”. وإذ يستغرب مجدلاني عرقلة بعض أعضاء مجلس ادارة الضمان التصويت على تعديل النظام الطبي بما يتيح اعتماد “الوصفة الطبية الموحدة”، يلمح الى أن غياب بعض أعضاء مجلس الإدارة “كان متعمداً”.
ويسأل مجدلاني “لماذا يجب أن نبقى متأخرين عن دول العالم في موضوع استخدام الجنريك؟، لاسيما أن الولايات المتحدة يصل استخدام الجنريك فيها الى نسبة 80 في المئة من سوق الدواء، وفي كندا الى 81 في المئة، وكذلك الأمر في اوروبا، مقابل 15 في المئة فقط في لبنان”، ويلفت الى أن
“الأزمة تنحسر فقط في مستوردي الأدوية وهم المتضرر الأول من بيع الجنريك. فلماذا لا يحولون استيرادهم الى الجنريك بحسب متطلبات السوق؟”.
مخاوف مجدلاني لم تلق تأييد المدير العام لصندوق الضمان الإجتماعي محمد كركي الذي رأى في حديث إلى “المدن” أن “الوصفة الطبية الموحدة سترى النور قريباً وقد سلكت طريقها الى التنفيذ من دون الوقوع في شرك التدخلات السياسية”، مرجّحاً اكتمال النصاب في مجلس إدارة الضمان الخميس المقبل والتصويت على التعديل الذي يجعل من الوصفة الموحدة أمراً واقعاً.
ومن بين القطاعات المعنية بتطبيق الوصفة الموحدة أعلن نقيب الصيادلة ربيع حسونة خلال مؤتمر صحافي اليوم أنّ “الوصفة الموحدة هي الخطوة الاولى على طريق تنظيم الدواء، مطالباً باعتمادها من قبل الاطباء والمؤسسات والمستشفيات كافة. وأكد أّن الصيادلة يطالبون بـ”التأكد من اعتماد وتطبيق الوصفة الطبية الموحدة من جانب جميع الاطباء والمؤسسات والمستشفيات، وخصوصاً المستوصفات، حتى لا يدفع الصيدلي لوحده ضريبة تطبيق القانون، ومن اجل ان نكون بالفعل حققنا للمواطن والمريض إنجازاً يستحقه”، كما طالب بـ”ضبط عمليات بيع الهرمونات واللقاحات من بعض الأطباء والنوادي الرياضية، لما تشكله من مخالفة لقانون الوصفة الطبية وخطر على صحة المواطن والشباب، ناهيك بالشك في جودة هذه الادوية من ناحية التخزين والحفظ”، مشيرا إلى ضرورة “الشروع في اعتماد البطاقة الصحية ومكننتها بدءاً من وزارة الصحة العامة، مروراً بالأطباء والضمان الاجتماعي، وأخيراً نقابة الصيادلة”، إضافة الى “العمل مع وزارة الصحة العامة ونقابة الاطباء، على وضع آلية تضمن نجاح هذه الخطوة عبر إنشاء لجنة تشرف على حسن تطبيقها”.
وبانتظار الأول من آذار المقبل موعد بدء العمل بالوصفة الطبية الموحدة، وبعد أن عجزت شركات الأدوية حتى اللحظة عن عرقلة إقرارها، أي باب ستسلكه هذه الأخيرة في سبيل وقف المشروع الذي لم ير النور منذ العام 2011؟