باسكال صوما
يمكن القول إن الطبيعة تعاكس المزارعين. في السنة الماضية قضى الجفاف على نسبة كبيرة من المزروعات، وهذا العام ها هي العاصفة الثالثة «جنى» تجتاح آمال المزارعين وتتسبب بأضرار متنوّعة وكثيرة. إلا أن الثابت خلال العامين والأعوام الأخرى المنصرمة، هو غياب التدخّل الرسمي الفعال، للتعويض عن المزارعين او تقديم مساعدات عينية. فكل ما تقدّم لهذا القطاع الحيوي كان ما يمكن تسميته «الدعم المعنوي» المتمثل بالبيانات والخطابات، التي لا تخفف الخسائر ولا تلملم جراح المزارع.
يقدر رئيس منطقة الجنوب في «جمعية المزارعين» رامز عسيران أن «تكون الخسائر كبيرة هذا العام»، مشيراً لـ «السفير» الى أن «الأضرار تطال 50 في المئة من الزراعات المحمية في الخيم البلاستيكية، 50 في المئة من الحمضيات، فيما يمكن أن تصل الاضرار الى 60 في المئة من موسم الموز، فهناك شتول موز احترقت كون هذه الزراعة حساسة وتتأثر أكثر من غيرها».
ويوضح ان «الأضرار بدأت منذ العاصفة الاولى التي تخللها اشتداد في سرعة الرياح وتساقط للبرد، ويمكن القول إن الأضرار تتالت حتى العاصفة الحالية، بحيث لا يكاد المزارع يرتّب أموره حتى تعود العواصف»، واصفاً «العام 2015 بالصعب على القطاع الزراعي».
ويلفت الانتباه الى أن «العواصف السابقة ترافقت مع اشتداد في سرعة الرياح، ما أثّر كثيرا على الحمضيات والموز والخيم البلاستيكية، أما العاصفة الحالية التي ترافقت ايضاً مع تدني كبير في درجات الحرارة، فيمكن توقّع أضرار زراعية أكثر شمولية بسببها وأكثر خطورةً، لا سيما الخضار والاشجار».
التعويضات…
وعن التعويضات، يقول عسيران: «لا نتوقع تعويضات من الدولة، فقد اعتدنا على ذلك، علماً ان أي مساعدات عينية للمزارعين تحتاج الى إمكانات كبيرة ووقت وجهد، والمزارع اليوم غير قادر على الانتظار، فالاضرار ستشمل عددا كبيرا من المزروعات، حتى ان الاشجار التي ظهرت براعمها (لوز، أكي دنيا) ستتأثر كثيرا مع تساقط البرد والرياح، لا سيما اللوزيات الساحلية».
وإذ يأسف «لعدم مراعاة الدولة لما يمرّ به هذا القطاع من كوارث»، يشير إلى أن «المزارع لا يستطيع القيام بالكثير من أجل حماية نفسه ومزروعاته، فالأضرار تتخطاه».
«صندوق التعاضد» لمسح الأضرار
في السياق ذاته، طالب مجلس ادارة «الصندوق التعاضدي الوطني لتأمين القطاع الزراعي من الكوارث الطبيعية»، بعد اجتماع له برئاسة المهندس حسن عطوي، الحكومة ووزير الزراعة والهيئة العليا للإغاثة بضرورة الاسراع في اجراء مسح شامل وعام للأضرار الزراعية والخسائر الكبيرة التي لحقت بالقطاع الزراعي، نتيجة موجات الصقيع والثلج التي ضربت لبنان، وألحقت بالقطاع الزراعي أضراراً كبيرة، لا سيما في مزارع الدواجن، وقفران النحل، وبساتين الموز، ومزروعات الخضار، والبيوت البلاستيكية.
وناشد مجلس ادارة الصندوق الحكومة تخصيص الصندوق بموازنة مالية من ضمن موازنة وزارة الزراعة، لكي ينطلق بعمله، ويقوم بفتح باب انتساب المزارعين اليه، وإتمام الاجراءات اللازمة، لكي يتولى التعويض للمزارعين عن الاضرار والخسائر التي تكبدوها من الكوارث الطبيعية التي أصابت مزروعاتهم، تمهيداً لتأمين الاستقرار الاجتماعي، والاقتصادي المطلوب، لكي يبقى المزارع في أرضه.