لا تقتصر جبهات المواجهة في اوكرانيا على الحرب العسكرية اذ ان خطة المساعدات المالية التي وعد بها المجتمع الدولي كييف تجد نفسها اما عقبات متزايدة مرتبطة اساسا بالديون المفروضة على البلاد.
وبالمبدأ يفترض ان تتلقى اوكرانيا التي تعاني من حرب دموية مستمرة منذ عشرة اشهر، حوالى 40 مليار دولار في السنوات الاربع المقبلة لمواجهة وضع اقتصادي بالغ الصعوبة.
واعلنت مديرة صندوق النقد الدولي كريستين لاغارد في منتصف شباط/فبراير خطة واسعة تصل قيمتها الى 40 مليار دولار ستساهم المنظمة الدولية بـ17,5 مليار دولار منها على شكل قروض لتستبدل بذلك برنامج مساعدة سابق تبين انه غير كافٍ.
واشترط الصندوق مقابل هذه المساعدات ان تطبق الحكومة الاوكرانية اصلاحات اقتصادية جذرية.
ووضعت لاغارد مسودة للائحة المساهمين الآخرين من دول ممولة ومنظمات دولية اخرى وخصوصا الجهات الدائنة لاوكرانيا ودعت الى تخفيف الدين عبر التعويض عن الخسائر وتأجيل استحقاقات السداد.
وتعتبر خطة التمويل الاخيرة هذه الاكثر تعقيدا. ولم تبدأ المباحثات حول الدين في كييف حتى الآن، ولكن تم مسبقا تحديد قيمة تخفيفه بـ15 مليار دولار وادخل ذلك الى خطة المساعدة، وفق المعهد المالي الدولي الذي يضم اهم المصارف في العالم.
ويقول المدير الاقتصادي المسؤول في المعهد عن اوروبا الناشئة اوندريج شنايدر ان “القطاع الخاص يريد المساهمة من دون اجراء مباحثات، وهذه ليست طريقة ودية للعمل”.
ومن شأن الشكوك المحيطة بتلك المباحثات ان تؤثر على عمل صندوق النقد الدولي ودوله الاعضاء الـ188.
من جهته، يقول صندوق النقد انه من المفترض ان يقر مشاركته في الخطة الاوكرانية في وقت اقصاه “اول شهر آذار/مارس”. واعترف المتحدث باسمه غيري رايس بان “مباحثات الحكومة الاوكرانية مع دائنيها لن تختتم بتفاصيلها بحلول هذا الوقت”.
ومن شأن هذه الشكوك ان تؤثر على خطة صندوق النقد الدولي وحتى وان كان سيمنحها الضوء الاخضر عاجلا ام آجلا.
وقال باولو نوغيرا باتيستا المدير التنفيذي لصندوق النقد للبرازيل وعشر دول اخرى، انه “قلق من عدم قدرتنا على الحصول على فكرة كاملة حول مساهمة المصادر الاخرى، الخاصة والعامة”. وتابع “هذا يعني انه على الصندوق ان يتحمل العبء الاكبر”، مؤكدا ان هذا رأيه الشخصي.
ومن الواضح ان صندوق النقد قد يجد نفسه وحيدا في حال لم تنتهي المباحثات حول الدين بالنتائج المرجوة.
وبعكس ما حصل في مباحثات انقاذ اليونان التي شارك فيها صندوق النقد، لم يتفق الاوروبيون حتى اللحظة على التدخل بقوة لمساعدة اوكرانيا، وهي ليست دولة عضو في منطقة اليورو او حتى الاتحاد الاوروبي.
من جهتها اعلنت الولايات المتحدة، حليفة اوكرانيا انها تبحث منحها ملياري دولار كضمانات على القروض، الا ان يجدر على الكونغرس ان يوافق على جزء منها.
ووحده البنك الدولي استجاب للدعوة معلنا في منتصف شباط/فبراير عن استعداده مساعدة اوكرانيا بمبلغ قد تصل قيمته الى ملياري دولار العام الحالي.
وفي حديث الى وكالة فرانس برس، يشرح دومينيكو لومباردي العضو السابق في الهيئة الادارية لصندوق النقد ان “جزءا مهما من الخطة المالية لا يزال مفقودا وهذا يعكس الظروف الاستثنائية للمفاوضات حول هذا البرنامج”. وتحدث عن التحديات الناتجة عن تخفيض الدين لدولة تواجه نزاعا مستمرا. وتابع ان هذا الوضع جديد على صندوق النقد.
لكن يبدو ان المنظمة الدولية مصرة على موقفها. ويؤكد غيري رايس “نحن على ثقة ان سيتم تجميع رزمة الـ40 مليار دولار في الوقت المناسب”، مؤكدا على ان “ما نحن بحاجة اليه هو الانطباع الموثوق بان كافة المساهمين على الصعيد الدولي على الطريق الصحيح”.