Site icon IMLebanon

مأساة العالم…شهادة مدير سابق لصندوق النقد الدولي

Camadessus
أمضى الاقتصادي الفرنسي ميشيل كامديسوس ثلاثة عشر عاماً من حياته ــ ما بين عام 1987 وعام 2000 ــ مديراً لصندوق النقد الدولي، وعن تلك التجربة الفريدة يقدّم كتاباً تحت عنوان « مسرح هذه المأساة هو العالم»، وهو يقدّم فيه «شهادة » استثنائية من ذلك الموقع الذي شغله.

ويشير ميشيل كامديسوس في تقديم هذا الكتاب أنه شهد خلال العقدين الأخيرين من القرن العشرين انهيار الشيوعية وانتصار الرأسمالية بعد «ثورة لبرالية» قام بها الرئيس الأميركي الأسبق رينالد ريغان ورئيسة وزراء بريطانيا المعروفة بلقب «السيّدة الحديدية» مرغريت تاتشر في ثمانينات القرن الماضي.

ولكن تلك الفترة شهدت أيضاً «المأساة» التي عاشتها بلدان عديدة وكان هو من أوّل المعنيين بما كانت ستؤول إليه الأمور فيها، بهذا المعنى كان «شاهداً رئيسياً» وعلى صلات مباشرة مع جميع رؤساء العالم.

كانت تلك الفترة التي أمضاها المؤلف، على حد تعبيره، مديراً للصندوق الدولي «مضطربة جداً» وعايش خلالها «الأقوياء» في العالم، كما عرف التاريخ فيها «منعطفاً كبيراً» تمثّل في انهيار العالم الاشتراكي، وكان عليه أثناءها، من موقعه الوظيفي، أن يجوب العالم بكل أصقاعه بحثا عن «توازن مالي منشود» في سياق كانت فيه المواجهة «غير المعلنة في أحيان كثيرة» حامية بين «المطالبين بالحزم المالي» حيال مختلف الدول بحيث تطبّق الإجراءات التي ينبغي منها أن تلعب دور «الضابط والمنظّم للسياسات المالية والتنموية» في العالم وبين « دعاة إعطاء الأولوية للتضامن» مع الدول الضعيفة وذات الاقتصاد الذي يواجه مشاكل بنيوية.

لكن الدرس الأهم الذي استخلصه وكان يتمنّى «أن يكون الواقع عكس ذلك» هو أن البشر عموماً «يرفضون القيام بعمليات إصلاح» على الصعيد المالي، هذا على الرغم من أن الأزمات «تفتح عيونهم وتدفعهم نحو قبول مبدأ الإصلاح». لكن القاعدة السائدة هو أنه بعد تبنّي بعض الإجراءات في منظور الإصلاح، عندما تحدث اضطرابات، يتم غالباً التراجع عنها تدريجياً بعد عودة الأمور إلى الوضع الطبيعي «السابق».

وبهذا المعنى يشرح المؤلف أن صندوق النقد الدولي الذي تأسس أثناء اتفاقية «بروتن وود» عام 1944 يخوض في أغلب الأحيان «معارك خاسرة»، ويتعرّض لضغوط من الدول الكبرى وعلى رأسها الولايات المتحدة الأميركية، وتواجه هذه المؤسسة «أشكال العداء المختلفة من الشعوب».

لا يقدّم المؤلف المؤسسة التي تولّى إدارتها طيلة 13 عاماً على أنها «برج عاجي» لا يهتم سوى بالأرقام وبالمبالغ المالية أو كمقر للدفاع عن المقولات اللبرالية، كما يردد كُثر، وذلك كلّه بعيداً عن الناس وعن همومهم وآلامهم. ويطالب في النهاية بعدم نسيان أنه عندما تنشب الأزمات الكبرى يتم اللجوء إلى تلك المؤسسة فعندها «توجد الأموال غير المتوفرة في أي مكان آخر».